مدونات
حكاية سجال حضاري كشف سر الأهرامات وأوقع “السيسي” في غرام المصريات!
نشر
منذ 11 ساعةفي
130 مشاهدة

كتب: محسن حسن
خلال معرفتي البدائية الأولى بالتاريخ الفرعوني، وخاصة بتاريخ الأهرامات، لم أكن أملك من المعلومات الكافية ما يعينني على اكتشاف الخبايا والأسرار التي عرفتها بعد ذلك؛ فعندما تشجعت بصحبة أصدقائي وهبطت معهم سلماً حاداً داخل أحد الأهرامات، لأجد نفسي في نهايته أمام غرف شاهقة العلو، تستقر في أرضيتها مقابر ملكية، أحسست أن الهرم الذي أتواجد بداخله، ومعه باقي الأهرامات المصرية، ليس فقط مجرد مكان لدفن الموتى، أو لحفظ تراثهم وخزائنهم، ولكنني لم أستطع وقتها البرهنة علمياً وعملياً على صدق هذا الإحساس، اللهم إلا بعد سنوات طويلة، عندما جمعني لقاء خاص بعالم المصريات المتمرس والطبيب الخبير، الدكتور (وسيم السيسي)، وكان ذلك بمقر إقامته بحي المعادي بالقاهرة.
حيث تبادلنا أطراف الحديث الصحفي، حول الحضارة المصرية القديمة، وما يرتبط بها من ظواهر ومظاهر شملها ما يعرف حديثاً بـــ(علم المصريات)أو الــ Egyptology، ساعتها فقط أدركت صدق ذلك الإحساس الأول، عندما كانت تشملني جنبات الهرم الأكبر خلال زيارتي الأولى له، لكن المفاجأة الكبرى هي أن ذلك الإحساس الذي انتابني وقتئذ، كان متواضعاً جداً، أمام كم الأسرار التي أطلعني عليها الدكتور، فيما يتعلق بكواليس الأهرامات، وبراعة المصريين القدماء في البناء والطب، وكيف أنهم زرعوا الأسنان، واكتشفوا البلهارسيا والبنسلين، وكيف أن فكرة الخلود لديهم، كانت نابعة من دستور حب الحياة، وتقديس الأخلاق، وكيف أن السحر في مصر القديمة، كان يعتمد على علوم الإيحاء والتخييل، وكيف أن طاليس وأفلاطون وفيثاغورث، عاشوا في مصر القديمة ونقلوا علومها وفلسفاتها لبلادهم، إلى غير ذلك من أسرار محاولات البعض هدم الأهرامات، وأسرار توليد الطاقة الكهربائية داخلها، وأسرار الزئبق الأحمر، وأسرار كثيرة أخرى عرفتها، وربما سيعرفها البعض هنا لأول مرة. ولمن لا يعرف الدكتور وسيم، فهو أستاذ جراحات المسالك البولية، وأحد الأطباء المتميزين فيها بالمنطقة العربية والعالم، وهو زميل كلية الجراحين في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، كما أنه حاصل على براءة اختراع لأحد الأجهزة في تخصصه الطبي، وقد سُجلت له عملية جراحية باسمه في جراحة البروستات المتضخمة، وهو بالإضافة إلى ذلك متخصص وذو باع طويل في علم المصريات، وله بعض المؤلفات المتميزة في هذا الإطار منها كتب مثل:(مصر علمت العالم، هذه هي مصر، المسكوت عنه في التاريخ، مصر التي لا تعرفونها، في البدء كانت مصر،).
المصريون والجذور
في البداية كنت معتقداً أن الدكتور وسيم، راض كل الرضا عن موقف المصريين التاريخي من حضارتهم وتراثهم، ولكنه أكد عكس ذلك موضحاً أنه ليس راضياً مطلقاً، ثم وجه كلامه إلىّ قائلاً: يكفي أن أقول لك إن كسوة الهرم وهي بعرض 30 سم والتي قال عنها المؤرخ عبد اللطيف البغدادي إنها كانت تحوي نقوشاً وكتابات تملأ آلاف الكتب، اعتبرها(قراقوش) مجرد شخابيط وخربشات، وقام بخلعها واستخدمها في بناء سور قلعة صلاح الدين الأيوبي، ثم إن أعظم بردية في الجراحة الطبية في مصر القديمة لــ(إدوين سميث Edwin Smith)، قال إنه عثر عليها من (قُفة/سلة) سيدة بثمن زهيد قبل أن تلقي بها كوقود للفرن، وقد روى لي أحد مرضاى في الأقصر، أن منزلاً لهم تعرضت أرضيته للانهيار فاكتشفوا تحته مكتبة فرعونية مليئة بالبرديات، فإذا بأحدهم يصيح “هذا كنز ولابد من حرق الرصد حتى نعثر عليه”، فقاموا بحرق المكان بالكامل!! وهذه أشياء مؤلمة جداً أن يكون الكثير من المصريين بهذه السلبية تجاه حضارتهم وتاريخهم، والمنطق يقول بأن الخراف تذبح لأنه ليس لها تاريخ، والشعوب تذبح كذلك إذا لم يكن لها تاريخ، والمحتل يضيّع تاريخنا لأنه أعظم تاريخ، ولن يعود لمصر وجهها الحضاري إلا إذا عرفت تاريخها القديم.
ولأني تفاجأت بعدم رضا عالم المصريات الكبير، سألته عن سر غرامه وولعه بعلم المصريات إلى جانب تخصصه الطبي، فرد قائلاً: في الحقيقة كنت مثلي مثل أي مصري من هؤلاء الذين لا يعرفون تاريخهم، وشاءت الأقدار أن تعرضت خلال دراستي للدكتوراة بانجلترا لثلاث صدمات معرفية وتاريخية أذهلتني؛ الأولى خلال حوار دائر بين مواطن نيجيري وآخر إنجليزي؛ حيث أخذ الإنجليزي يردد مفتخراً عبارة(نحن نور العالم)، فرد عليه النيجيري بأن الإنجليز أنجلوساكسون أخذوا حضارتهم من الرومان الذين أخذوها بدورهم من اليونان التي أخذتها من مصر القديمة، ثم أخذ النيجيري يسوق الأدلة؛ فأخبر محدثه أن(طاليس) أبو الفلسفة اليونانية جاء وتعلم في مصر ثم رجع يعلم الفلسفة في بلده(أيونيا) في اليونان، وأن(أفلاطون) أقام في مصر 13 سنة وتعلم فيها الفلسفة، حتى أنه في كتابه (القوانين) كتب قائلاً “ما من علم لدينا إلا وأخذناه عن مصر”، ثم جاء صولون (solon) وتعلم القانون لدرجة أنه اعتنق الأمونية حتى يتمكن من دخول المعابد والمكتبات، ثم عاد إلى اليونان وسماه (قانون صولون) وأن (فيثاغورث) تعلم الرياضيات لأنه أقام في مصر 22 سنة…إلخ، فقاطعه الإنجليزي قائلاً: هل أنت مصري؟ فرد عليه الرجل:لا، أنا نيجيري من القارة التي بها مصر التي علمتك الحضارة، فصفق الإنجليزي، وصفق الجميع لهذا الحوار المثير. وكنت فخوراً بما حدث، لكني كنت خجولاً من نفسي لعدم معرفتي وقتها بحضارة بلدي جيداً، وهذه كانت الصدمة الأولى.
وفي إحدى المناسبات والسفريات، كنت حاضراً في مجلس العموم البريطاني، وفوجئت برفض رئيس المجلس رفع عقوبة سحب رخصة القيادة عن الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث الثانية، نظراً لتجاوزه سرعة السير، مردداً بالإنجليزية عبارة (ليس على رأسه ريشه) فتعجبت وسألت زميلي الدكتور(تشارلز ويست) من أين أتوا بهذه العبارة، فأخبرني بأنها ريشة العدالة في مصر القديمة(ماعت Maat)، وبأنها ريشة متساوية الجانبين، وكذلك العدالة يجب أن تكون متساوية على الجانبين، وأنه في انجلترا لا توضع هذه الريشة إلا على رؤوس الأمراء والملوك والقضاة، وهذه كانت الصدمة الثانية، ثم كانت الصدمة الثالثة عندما دخلت القسم المصري في المتحف البريطاني ـ وكان قد وصـل إلى هناك قناع(توت عنخ آمون)، ورأيت صندوقاً زجاجياً به جمجمة معمول بها عملية تربنة، ومكتوب تحتها أول جراحة مخ في التاريخ من 4000 سنة في مصر القديمة، وعندما قامت إحدى السيدات الإنجليزيات بسؤال صديقة لها: أين كنا وقتها؟ ردت عليها قائلة: In Caves أي كنا في الكهوف، وهذا أشعرني أيضاً بالفخر والخجل معاً، فقررت المضي قدماً في معرفة تاريخ بلدي، وكان أن تخصصت في علم المصريات وقمت بتأليف كتاب(مصر التي لا تعرفونها).
لعنة الفراعنة
وعن حقيقة (لعنة الفراعنة) أخبرني الدكتور قائلاً: هي أحداث حصلت؛ فاللورد (كارنار فون) ممول البعثة الخاصة بــ هوارد كارتر (مكتشف مقبرة توت عنخ آمون) نزل المقبرة بشمعة، ثم كان أن سرق هو وصاحبه مقتنيات كثيرة من المقبرة منها عقد لبسته ابنة ملك انجلترا عام 1922، وفي مرض وفاته زاره ابنه في فندق إنتركونتننتال حاملاً شمعة، بعد أن انقطع التيار الكهربائي، فلما رآها صرخ قائلاً “هذه شمعة توت عنخ آمون” ومات من فوره، فلما سمعت ابنة الملك عن الحادثة ألقت العقد وهي تصرخ قائلة (Curse of the Pharaohs) أي لعنة الفراعنة، وفي سنــــة 1982 بعد ستين عاماً من وفاة(فون) كشف حفيده عن وجود غرفة مغلقة في منزله بها مقتنيات كثيرة من المقبرة. وحدث أن اندلعت الحرب بين انجلترا وألمانيا عام 1939 بعد ساعة واحدة من قيام أحد المذيعين بإذاعة البي بي سي بالنفخ في بوق الحرب المسروق من مقبرة توت عنخ آمون، لكني أقول إذا كان للفراعنة لعنات فإن لهم بركات أيضاً.
كوز ذرة
وعن استخدام الزئبق الأحمر في الكشف عن كنوز الفراعنة، أوضح الدكتور وسيم أن ثلاثة أفراد من صعيد مصر، زاروه يوماً ومعهم ما يشبه (كوز ذرة) من الجرانيت بحجم 10 سم وبقطر 2سم، وعندما تقوم برجه وخلخلته يصدر صوتاً، وأخبروني أنهم يبيعونه بسبعة ملايين جنيه، وأنهم لا يريدون مالاً ولكن يريدون معرفة كنه هذا الشيء، فلما سألتهم من أين جئتم به قالوا جئنا به من (تحت باط المومياء)، فأمرتهم بعمل صورة أشعة لهذا الجسم، فتبين أن بداخله أنبوبة تشبه فيوزات السيارات، وبها كرة في حجم الحمصة، تصدر ذلك الصوت، وعبثاً حاولت الوصول لهذه الكرة، فطلبت منهم إخضاع الجسم لأجهزة أشعة كبيرة لكنهم رفضوا، و بدوري كنت قد سألت (محسن لطفي السيد)، وكان يقرأ الهيروغليفية كما يقرأ العربية، فلم يعرف شيئاً، وسألت آخرين في الآثار فلم يعرفوا أيضاً، لكن على ما يبدو أن الأمر صحيح، فقد يكون زئبق أحمر أو أى مادة مشعة أخرى غير ذلك.
اقرأ أيضاً: هل تعود المومياوات المصرية في المتاحف البريطانية إلى موطنها؟
أطباء مهرة
أما عن تاريخ الطب الفرعوني، وباعتباره طبيباً يهتم دائماً بتفاصيل الطب في أية حضارة، فقد سألت الدكتور عن أهم ما لفت انتباهه في علوم الطب وممارساته لدى المصريين القدماء؟ فأجابني بأنهم كانوا بارعين في ممارساتهم للطب؛ فقد كانوا أول من صنع الخيوط الجراحية Cat Cut وكانوا يصنعونها من أمعاء القطط عند موتها، وبمرور الوقت اكتشفنا أنها خيوط تفوق كثيراً المستحدث حالياً خاصة في جراحات التجميل والحروق لأنه يسهل امتصاصها سريعاً، كما أنهم وصلوا لعلاج البلهارسيا (الأنتيمون)، ولم يكن عندهم سرنجات فكانوا يضعون الدواء في لبوس مصنوع من التين البرشومي والدقيق يتم صنفرتها وتجفيفها وغمرها في العسل ثم الزج بها، وحرارة الجسم تقوم بإذابة اللبوس فيخرج الأنتيمون جرعة موزونة يمتصها الغشاء المخاطي للقولون فيتسلل للدورة الدموية ويقتل الدودة، وقد ذكرت هذا مرة في أحد المؤتمرات المصرية وعندما سمعته البروفيسور روزالين (أستاذ علم المصريات بجامعة برمنجهام)، قالت لي: لو أنكم استخدمتم اللبوس بدلاً من السرنجات كما فعل القدماء لنجوتم من فيروس سي الذي يفتك بكم لأن اللبوس لا علاقة له بالدم. ومن جهة أخرى، فقد كان قدماء المصريين يقومون بزراعة الأسنان، وكانوا يحتفظون بأسنان التوأم إذا ماتا لزراعتها للأحياء وقت الحاجة وكانوا يثبتونها بسلوك ذهبية رفيعة، ثم يكتب الطبيب ويقول “لأمر ما لا نعرفه إذا كان الضرس المزروع من توأم فإنه يثبت بعد بضعة أشهر، أما إذا كان من قريب أو غريب فهو لا يثبت” في إشارة بليغة لما يعرف الآن بعمليات الطرد Rejection، وكانوا يصنعون عيوناً صناعية للتجميل ولدينا بعض الجماجم بهــــــا عيون صناعية، وفي أمراض النساء كـان الطبيب الفرعوني يعرف المرأة التي لا تنجب، وهل ستنجب مستقبلاً أم لا، وذلك عبر فصين من الثوم يضعهما في الـ vagina لأنه يعرف أن الثوم به زيوت طيارة تدخل من عنق الرحم للرحم لأنابيب فالوب ومنها للتجويف البريتوني للدورة الدموية لتخرج عن طريق التنفس، وأنه إذا كانت أنابيب فالوب مسدودة فلن تصل تلك الزيوت للدورة الدموية فيأتي الطبيب بعد ثماني ساعات يشتم رائحة فم السيدة، فإذا وجد رائحة الثوم فسوف تنجب وإلا فلا، وهم من وصلوا لطريقة الولادة على الكرسي وهي الطريقة التي رجعت إليها أمريكا الآن لأنها أقل ألماً وأسرع ولادة. كما أنهم استطاعوا أن يتوصلوا من لباب خبز الشعير المتعفن إلى ما يعرف لدينا الآن بالبنسلين، ومصر أول من أهدت للعالم أن السنة 365 وست ساعات، بعدما كان التقويم قمرياً بناقص عشرة أيام عن التقويم الشمسي فكانت الفصول تتداخل في بعضها البعض، والمصريون القدماء كان لديهم أول قانون لحقوق الإنسان ( قانون حور محب)وأول قانون دولي (قانون تحوت)، وهم أول من اكتشف مرض البلهارسيا وأسموه (عاع)، و أول من اكتشف الدودة وأسموها (حرارت).
اقرأ أيضاً: الحضارة المصرية على أرض غزة
شمبليون الحجر
وفي وسط هذه المعلومات التي تترى كالسيل، عنّ لي أن أسأل الدكتور، عن جدوى حجر رشيد العلمية والتاريخية، فأوضح أن اكتشاف رموز هذا الحجر على يد (شامبليون) ساعد على كشف العديد من الأكاذيب والتشويهات؛ فعرفنا مثلاً أن المصريين القدماء كانوا علماء في الفلك والهندسة والكيمياء، وأنهم أول من عرّف العالم بوجود حياة بعد هذه الحياة، وأن هناك ثواباً وعقاباً وجنة وناراً، وإلى عهد قريب كان اليهود لا يعتقدون في وجود جنة أو نار، فقط كانوا يعتقدون أن الروح تذهب إلى أرض (شيول) أو أرض الظلمات، بل إن كلمة دين نفسها جاءت من كلمة فرعونية قديمة هي (ديي) يعني خمسة، والـ(ن) شعيرة دينية، فكلمة دين معناها الشعيرة الدينية الخماسية، وفي نقوش هرم(أوناس) ونصوصه المكتوبة بالهيروغليفية: ” أنا الإله واحد أحد، موجد نفسي بنفسي، ليس لي كفواً أحد”، كما أن كلمة (نبي) جاءت من مفردة مصرية قديمة هي (نب) أى سيد، ونحن نجد في مقبرة لرمسيس السادس خطاً على يمينه الجنة وعلى يساره النار وهو الصراط المستقيم، وفي الحقيقة إن حجر رشيد كشف لنا كم الاضطهاد الذي ظلت تعاني منه الحضارة المصرية على مدار أجيال، وهو اضطهاد قديم وقائم ومستمر، لخصه سيجموند فرويد في كتابه(موسى والتوحيد).
السحر والأهرامات
ولم يكن هناك بد بالطبع من إثارة موضوع السحر لدى الفراعنة، فسألت خبير المصريات الكبير: هل كان السحر في مصر القديمة سحراً حقيقياً؟ وهل تم توظيف هذا السحر في عملية بناء الأهرامات؟ فأجابني قائلاً: لا لم يحدث أن استخدم المصريون القدماء السحر في عملية بناء الأهرامات، وكل مظاهر البناء والإنشاء الهندسي لدى مصر القديمة، كانت قائمة على علوم، حتى السحر نفسه كان قائماً على الإيحاء أكثر منه على شيء آخر، وفي بردية (وست كار) عن السحر في مصر القديمة، قام الساحر (جد جديJed Jedde) بتلاوة بعض التعاويذ ثم قطع رقبة إوزة ووضعها في مكان وجسمها في مكان آخر ثم تلى تعاويذ أخرى فتحرك الجزءان والتحما وصاحت الإوزة ( Ka Ket) وفعل نفس الشيء مع أحد الثيران، ولما سأله الملك(سنفرو) ملك الأسرة الرابعة: كيف تحيي الموتى وتغير من طبيعة الأشياء؟ رد عليه رداً علمياً جميلاً وقال: نحن لا نستطيع أن نغير من طبيعة الأشياء يا مولاى، نحن فقط نغير من طبيعة الحواس؛ نوحي للعين أن ترى ما نوحي به لها أن تراه، ونوحي للأذّن أن تسمع ما نوحي به لها أن تسمعه. وهذا هو ما نستطيع أن نطلق عليه الآن الـ(Mass Hypnosis) أو التنويم المغناطيسي الجماعي؛ فالبعض لديهم القدرة على تنويم 30% من جموع الحاضرين للجلسات.
وعلى ذكر الأهرامات، يسترسل الدكتور قائلاً: هناك حقائق كثيرة حول الأهرامات، قد لا يعرفها كثيرون؛ ومع الأسف فإن طريقة عرض تاريخها لأطفالنا منفرة؛ نقول لهم مثلاً إن طول الهرم 146.4 متراً، دون أن نوضح مثلاً أن 146.4 لو ضربت في 100 مليون لأعطتنا المسافة بين الأرض والشمس، وأن كل جانب من جوانب الهرم لا يفترق عن الآخر بأكثر من 0.002 بوصة، وأن وزن الهرم لو ضرب في 100 مليون لأعطانا ناتج وزن الكرة الأرضية. ومما قد لا يعرفه البعض أيضاً أن بعثة (واسيدا) اليابانية وبعثة (بوركلي) الأمريكية، أخذتهم الحيرة في بناء الهرم، وقالوا بوجود طاقة داخل الهرم، ولكنهم عبثاً حاولوا أن يتوصلوا إلى مصدرها، ورغم ذلك تم معرفة المصدر لاحقاً؛ فقد ذكر كل من (كريستوفر دن) Christopher Dunn و(دوجلاس كينيون) Douglas Kenyon، أن كثيراً من الأهرامات كانت بمثابة محطات لتوليد الطاقة.
وذلك في الكتابين اللذين سبق وأن طلبت ترجمتهما إلى العربية، من وزير الثقافة السابق الدكتور جابر عصفور، وبالفعل قام بترجمتهما؛ الأول كتاب (Lost Technologies of Ancient Egypt ) أو (التكنولوجيا المفقودة في مصر القديمة) والثاني كتاب (The forbidden history) أو (التاريخ الممنوع)، ومضمون هذين الكتابين أن الأهرامات تحول حركة الصفائح التكتونية (كل صفيحة تحمل قارة) من (إنفرا سونيك) إلى (ألترا سونيك) أي من موجات تحت صوتية إلى فوق صوتية تصطدم بجدار الجرانيت الموجود في غرفة الملك (55% منه سيليكون كوارتز) فتعطي طاقة اسمها (piezoelectric effect) والتي أثبتها (Douglas Kenyon) هنا في مصر، أمام (زاهي حواس) في المتحف المصري، على أساس أن شطف الجرانيت لا يمكن أن يتم إلا بهذه الطاقة، ويحكي في كتابه أنهم دخلوا التابوت ووضعوا عليه الغطاء الذي يزن أطناناً وتم إظلام المتحف وتسليط ضوء ضخم جداً على التابوت وحوله، فلم يتسرب نقطة ضوء واحدة؛ فخرج يصرخ ويقول “هذه دقة عصر الفضاء”فأثبت أن الأهرامات كانت محطات لتوليد الطاقة!! وهناك شواهد على ذلك منها مثلاً أن (سنفروا) كان له أربع أهرامات، اعتقد البعض ـ على سبيل الخطأ ـ أنها مدافن بينما كانت هي مولدات للطاقة، ونحن لدينا في مصر 108 أهرامات بخلاف ما اندثر منها، كلها كانت محطات لتوليد الطاقة وشطف الجرانيت، وهذا يفسر أشياء كثيرة جداً، منها ما تم العثور عليه من مناشير يصل طولها إلى 270 سم وغيرها، ولعله خطر للبعض فكرة احتمالية اختفاء الأهرامات عبر الأزمنة المختلفة أو في المستقبل، وأقول ــ والكلام للدكتور ــ إن هذا الأمر مستبعد تماماً، لأنها مبنية وفق أسس متينة، ومسألة أن يتعرض لها أحد بالاعتداء مستبعد أيضاً، لأن العالم أصبح أسرة بشرية واحدة ولا يمكن أن يسمح بذلك، وقد حاول المأمون هدمها فلم يستطع وكذلك محمد علي، اللهم إلا إذا كان هناك زلزال بقوة 9 ريختر مركزه الهرم ذاته.
الجينات والخلود
وحول أسرار فكرة الخلود عند المصري القديم، كيف كانت؟ وكيف كان قانونها؟ أخبرني عالم المصريات الكبير قائلاً: أولاً فكرة الخلود جاءت نابعة من حب المصري للحياة، وهذا الحب للحياة وصل بالتأمل والإلهام إلى أنه لابد وأن تكون هناك حياة أخرى بعد هذه الحياة، وحتى الكتاب الذي أسماه الألماني (ليسيوس) ـ خطأ ـ باسم (كتاب الموتى) The Book of the Dead وهي تسمية خاطئة لأن الكتاب اسمه (prt m hrw) أى الخروج إلى النهار وهو العالم الآخر، ومن هنا فقد كانوا يؤمنون بأن الـ (Ba) روح تذهب إلى السماء وأن الـ (Ka) وتعني القرين تبقى مع الميت، ولذلك كانوا يقدمون له الطعام، وكان المصري القديم يعرف أنه سيمثل أمام 42 قاضياً يمثلون 42 محافظة في مصر، وعليه أن يقول 42 سيئة لم يعملها، و42 حسنة عملها، كما أن فكرة الخلود ارتبط بها ما يعرف بقانون الأخلاق؛ فلكي تكون مقبولا في الحياة الأخرى لابد أن تكون صالحاً في الحياة الأولى، لم أكذب لم أقتل لم ألوث ماء النيل لم أشته زوجة جاري، لكن اسمع ما قالته Karin Schubert (كارين شويرت) عمدة برلين السابقة عندما قالت كيف كان سيكون شكل العالم لو لم تكن هناك الحضارة المصرية القديمة، ومن قول واليس بودج Wallis Budge عندما قال “نحن في حاجة إلى قرنين من الزمان حتى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من قانون الأخلاق في مصر القديمة”، ثم تأمل في الاعتراف الإنكاري للمصري القديم عندما يقول: “لم أكن سبباً في دموع إنسان، لم أكن سبباً في شقاء حيوان، لم أعذب نباتاً بأن نسيت أن أسقيه ماءً، لم أتعال على غيري بسبب علو منصبي، لم أرفع صوتي علي غيري أثناء الحوار” وفي الاعتراف الإيجابي يقول” كنت عيناً للأعمى، يداً للمشلول، رجلاً للكسيح، أبا لليتيم، قلبي نقي، يداى طاهرتان” وبعد هذا ريشة العدالة في كفة والقلب في كفة (من خفت موازينه ومن ثقلت موازينه) ويقول الميت “لا تشهد على يا قلبي” فمفهوم الأعضاء تشهد على نفسها كان موجوداً منذ 5000 سنة مضت، وهذا الإيمان الراسخ هو سر بركة المصرين القدماء التي أشرت إليها سابقا.
وفي الختام ، خطر ببالي شيئاً ما عن جينات المصريين ومكونهم البشري، فسألت الدكتور: هل ترتبط أجيال المصريين عبرالأزمنة والعصور بمكونات ممتدة حتى مع اختلاف الانتماءات والديانات أو الشرائع؟ فأجابني قائلاً: رغم وجود احتلالات كثيرة اجتاحت مصر على مدار 2500 سنة منذ الآشوريين مروراً بالفرس (200 سنة) ثم اليونان (300سنة) ثم الرومان (670 سنة) ثم العرب حوالي (200 سنة) ثم الطولونيين والأيوبيين والفاطميين والمماليك والأتراك العثمانيين، إلا أنه لم تتغير جينات المصريين، وبالعودة لعام 1994/ 1999 والبحث الذي أجرته عالمة الجينات الأمريكية (مارجريت كاندل) وجدت أن جينات المصريين مسلمين وأقباط واحدة في 97.5%، وجاء يؤكد هذا الكلام رئيس قسم التحاليل العسكرية والبصمة الوراثية بالقوات المسلحة المصرية سابقا، العقيد الدكتور (طارق طه) والذي أعاد هذه الدراسة فكانت النتائج 99%، ومارجريت تقول إنها أخذت عينات من أسوان إلى الإسكندرية ومن الكفور والنجوع والمدن والقرى وحتى عيادات الأطباء، فنحن شعب واحد بيولوجياً وتاريخياً وسياسياً، وإنها جينات الفراعنة القدماء، وهذا يؤكد ما قاله منذ 70 أو 80 سنة (فليندرز بيتري) أنه رغم الغزاوت التي مرت على مصر، إلا أنه كان تغييراً في الحكام ولم يكن تغييراً في جنسية مصر أو جينات مصر، فهو شعب واحد تحول معظمه من الأمونية إلى المسيحية ومن المسيحية إلى الإسلام.
اقرأ أيضاً: قمة دفاعية.. بريطانيا تتحرك نحو الاتحاد الأوروبي بعد خطوات ترامب التصعيدية
اقرأ أيضاً: هزة اقتصادية تضرب العاصمة البريطانية.. ما تفاصيلها؟
اقرأ أيضاً: رسوم مواقف السيارات في إنجلترا تتضاعف دون علم السائقين.. ما القصة؟

قانون تعريف المرأة يثير جدلاً كبيراً في بريطانيا

حكاية سجال حضاري كشف سر الأهرامات وأوقع “السيسي” في غرام المصريات!

خطة جديدة لتحسين قطاع الصحة البريطاني.. ماذا تتضمن؟

ما الذي يهدد برشلونة بعد الخسارة من بروسيا دورتموند!

دعوى قضائية جماعية في بريطانيا ضد غوغل.. ما تفاصيلها؟

الوظائف في بريطانيا.. دليلك إلى المهن الأعلى أجراً وتأثيرها على سوق العمل

صراخ لاعبو التنس أثناء المباريات: استعراض أم حاجة فنية؟

قمة دفاعية.. بريطانيا تتحرك نحو الاتحاد الأوروبي بعد خطوات ترامب التصعيدية

المدن الإسبانية تتصدر قائمة أرخص المدن في العالم
