ترى حكومة العمال في السمنة مرضاً حقيقياً وعائقاً يقف في وجه استمرار سير أعمالها بالشكل المطلوب، كما أنه يسهم إلى حد بعيد في إبعاد البريطانيين عن مكاتبهم، بسبب تراكم إجازاتهم المرضية أو حتى تركهم للعمل بسبب السمنة، إلى جانب الخسائر الكبرى التي تتكفلها الحكومة البريطانية، بسبب اضطرارها لتقديم الرعاية الصحية المجانية عبر هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS).
تدرس الحكومة البريطانية جدياً تأثير استخدام منتجات “إيلي ليلي” (Eli Lilly) لإنقاص الوزن على صحة العاملين في بريطانيا، وقياس مدى قدرتها على إعادة الأشخاص إلى العمل، الذين يضطرون إلى التغيب بسبب ارتفاع معدل إجازاتهم المرضية، ومعاناتهم من أمراض ناجمة عن الوزن الزائد، والتي باتت تحدياً حكومياً، إذ يعاني هؤلاء العاملون من أمراض مزمنة طويلة الأمد، وتشكّل عبئاً على الاقتصاد البريطاني الذي أصبح يسجل أرقاماً كبرى في الخسائر الناجمة عن تغيب العمالة، وصرف المبالغ اللازمة لتقديم الرعاية الصحية لها.
وفي السياق، قال وزير الصحة البريطاني “ويس ستريتنج” (Wes Streeting)، إنه يتوقع أن يساعد استخدام منتجات إيلي ليلي في أخذ صحة الشعب نحو بعد آخر!
من جانت آخر أعلنت الشركة المنتجة عن استثمار تبلغ قيمته 279 مليون جنيه إسترليني أي حوالي 365.4 مليون دولار في بريطانيا، خلال لقاء عام حضره رئيس حكومة العمال السير “كير ستارمر“، ويعتبر المنتج المطروح حالياً من قبل شركة ليلي لإنقاص وزن الشعب البريطاني، هو المنافس الرئيس لدواء “أوزيمبيك” (Ozempic) الذي تنتجه شركة “نوفو نورديسك” (Novo Nordisk).
إقرأ أيضاً: لقاح لإنقاص الوزن سيتوفر قريباً في بريطانيا وهذه تفاصيله!
وتشمل الصفقة الحالية التي تعتزم حكومة العمال توقيعها مع شركة المنتجات الصحية دراسة على المستوى الوطني، تهدف إلى تحليل الواقع الحالي لفعالية العقار الطبي “تيرزيباتيد” (tirzepatide)، والذي يتم تسويقه في بريطانيا على نطاق واسع تحت اسم “مونجارو” (Mounjaro)، ويشار إليه على أنه المنقذ الذي سيخفف من أعباء هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) التابعة للحكومة البريطانية.
بدوره قدم وزير الصحة البريطاني ستريتنج أرقاماً حول الخسائر السنوية التي تتكبدها هيئة الخدمات الصحية الوطنية، والتي تقدر بحوالي 11 مليار جنيه إسترليني في السنة، وأنّ الحكومة تضطر لإعطاء العاملين الذين يعانون من زيادة في الوزن إجازات مرضية بشكل أكبر، وتنفق عليهم أثناء مرضهم، لكنهم قد يضطرون لترك عملهم نهائياً بسبب معاناتهم من أمراض مزمنة ودائمة.
وشجع الوزير البريطاني على تعاطي العقارات الطبية لإنقاص الوزن منوهاً إلى فائدتها الكبرى على المدى الطويل، وكتب في صحيفة التلجراف البريطانية (The Telegraph) ما معناه؛ إن العقار يقدم فوائد كبيرة على المدى الطويل، والتي قد تعين الحكومة على تحقيق إنجازات كبرى في نهجها لمعالجة السمنة.
أمّا التنفيذ فسيكون من خلال دراسة تجريها جامعة “مانشستر ” (Manchester) بمشاركة 3 آلاف مشارك، يتم خلالها جمع البيانات وفق عدد من المؤشرات، أبرزها جودة الحياة لهؤلاء المشاركين من الناحية الصحية، والتغيرات التي طرأت على حياتهم الوظيفية بعد بدأ تعاطيهم للعقار الطبي، وإحصاء عدد أيام تغيبهم عن العمل بسبب المرض.
ومن المتوقع أن يغير العقار الطبي الخاص بإنقاص الوزن حياة الملايين من البريطانيين، إذ سيساعدهم على إنقاص أوزانهم، والعودة إلى أعمالهم من جديد، إلى جانب تخفيف الأعباء المالية عن كاهل هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، التي كانت قد أعلنت في وقت سابق خلال أكتوبر الجاري، عن خطتها لتوفير عقار إنقاص الوزن لربع مليون شخص، كجزء من خطة تستمر لـ3 أعوام قادمة.
وفي الختام لابدّ من الإشارة إلى التحذيرات الحكومية للمواطنين الغير راغبين بتعاطي العقار وأولئك الراغبين أيضاً، بضرورة اتباع نمط حياة صحي، لأنّ العقار الحالي الذي تعتزم الحكومة توفيره لمن يعانون من الوزن الزائد أو فرط السمنة، وما يتبع ذلك من أمراض وتغيب عن العمل وخسائر حكومية، لن يكون كافياً دون التزام المواطنين بالحفاظ على وزنهم الجديد وتغيير عاداتهم في الطعام والحياة وغيرها من التفاصيل التي عادة ما تقود صاحبها إلى الزيادة في الوزن.
ومن الجدير بالذكر أنّ هيئة الخدمات الصحية الوطنية عانت خلال السنوات القليلة الماضية من ضغوط وأزمات مالية عديدة جعلتها تفعل الإنذار العام بأنّها لن تكون قادرة على الاستمرار في تقديم خدماتها على الوجه الأمثل، وفي إطار التحرك الحالي وجهت الهيئة تحذيراً شديد اللهجة لأصحاب الوزن الزائد، بأنها لن تكون مضطرة لتحمل المزيد من الضغوط بسبب نمط الحياة الغير صحي لبعض المواطنين، وأنه يتوجب عليهم تغيير نمط حياتهم.
وقالت الرئيسة التنفيذية للهيئة “أماندا بريتشارد” (Amanda Pritchard)، إنّ الدراسة ستعطي الهيئة رؤية واضحة حول القضية، لأن السمنة واحدة من أكبر الصعوبات الصحية التي تواجهها الهيئة، وأن القائمين على الهيئة يعلمون أن عقارات إنقاص الوزن ستلعب دوراً محورياً في تغيير قوانين اللعب المتعلقة بزيادة الوزن عند الشعب البريطاني.
من جانبه أكد وزير الصحة البريطاني ستريتنج أن الدواء سيعالج السمنة، لكن دور الأشخاص المصابين بها أن يحافظوا على نمط حياة صحي بعد أخذهم للعقار الطبي، حتى لا يزيدوا من الأعباء التي تتكبدها الهيئة الوطنية.
اقرأ أيضاً: ما حقيقة لقاء ستارمر بتايلور سويفت والعلاقة بينهما؟