جاءت نتائج دراسة نشرتها شركة الاستشارات الضريبية البريطانية “كورنرستون تاكس” (Cornerstone Tax)، لتكشف عن احتمالية مغادرة واحد من كل خمسة بريطانيين البلاد في حال أقرت الحكومة زيادة ضريبية في ميزانية الخريف المرتقبة، ليكون هذا السبب الرئيس لهروب رؤوس الأموال من بريطانيا، دون أن تكون النتيجة الوحيدة للميزانية التي ينظر إليها بعين من الريبة.
الدراسة التي أجراها معهد “آدم سميث” (Adam Smith Institute) كشفت أن بريطانيا العظمى تقع في المرحلة الحالية تحت تهديد أكبر موجة من موجات الهجرة على الصعيد الدولي لأصحاب رؤوس الأموال وفق نسب خطيرة، إذ ذكرت الدراسة أن الزيادة الضريبية ستدفع (21%) من البريطانيين إلى الهجرة بشكل كامل من بريطانيا، في حال نفذت حكومة حزب العمال مقترحها بالزيادة الضريبية.
في حين سيتجه أصحاب رؤوس الأموال إلى اتباع حيلة مالية أخرى في مواجهة الزيادة الضريبية المرتقبة في الخريف، عبر نقل إقامتهم الضريبية إلى خارج المملكة المتحدة، وتقدر نسبة هؤلاء بـ (24%).
وسيبقى (16%) من أصحاب رؤوس الأموال في حالة انتظار لمعرفة ما الإجراء المناسب حتى يتخذوه، ففي حال تراجعت الحكومة سيبقون في البلاد، وفي حال إقرار الضريبة في ميزانية الخريف سيكون قرارهم الرحيل.
وتعتقد شركة كورنرستون تاكس الرائدة في مجال ضريبة الممتلكات والأموال في المملكة المتحدة، أنّ تيارات الهجرة التي ستطال بريطانيا لن تشمل الأغنياء فقط، بل ستتعداها إلى أصحاب الملايين بنسبة قد تصل إلى (20%) منهم بالتزامن مع تواجد البرلمان العمالي الحالي.
وكشفت الدراسة المنفذة على مستوى بريطانيا أنّ اعتقادات مجتمعية جديدة تسري داخل المجتمع البريطاني منذ وصول حكومة حزب العمال إلى السلطة، وأن الزيادة على ضرائب الأموال ستؤثر بقوة على عوامل النمو الاقتصادي الرئيسة في المملكة المتحدة، كالسوق العقارية، والإسكان والمعاشات التقاعدية ونشاط الشركات، ورأى (21%) من المستطلعة آرائهم أنّ زيادة الضرائب التي تقترحها حكومة حزب العمال ستكون السبب الرئيسي عند الكثيرين لاتخاذ قرار مغادرة بريطانيا إلى غير رجعة، في حين ينتظر (16%) من المستطلعة آراؤهم ميزانية الخريف لاتخاذ القرار الحاسم.
وفي سياق منفصل خرجت مؤسسة “نيو ورلد ويلث” (New World Wealth) بتحليل آخر أعطى رقماً متوقعاً بعدد المليونيرات التي ستغادر بريطانيا خلال العام الجاري 2024، وترى المؤسسة أنّ 9500 مليونيراً سيغادرون بريطانيا في ثاني أكبر تدفق خارجي لرؤوس الأموال على مستوى العالم، لكن الأمر لن يقف عند المليونيرات، بل سيتعداها إلى أغنياء البلاد أيضاً، إذ كشف عدد من الأبحاث المنفذة على الصعيد المحلي، عن مخاوف عميقة تجتاح المجتمع البريطاني بسبب خطط حكومة العمال الضريبية وتحركاتها على صعيد المسائل الأخرى كالتقاعد على سبيل المثال لا الحصر، وهناك نسبة (32%) من المواطنين بحسب ما ذكرته شركة كورنرستون تاكس يرون أن التغيير في النظام الضريبي سيكون السبب الرئيس في مغاردتهم للبلاد.
على الوجه الآخر يعتبر تاريخ 30 أكتوبر حاسماً في القضية، إذ ستقدم وزيرة المالية البريطانية “راشيل ريفز” ميزانية الخريف، متضمنة مجموعة من الإصلاحات الضريبية والتي ستطال ضريبة الميراث، ومكاسب رؤوس الأموال (CGT) والإعفاءات الخاصة بها، إلى جانب إقرار زيادة على ضريبة الاستثمار، وتعديل التحفيض على ضريبة المعاشات التقاعدية والتعويضات التي لا تطالها الضرائب عادة، وغيرها من الاقتراحات المسربة التي ستقدم بهيئة إقرار.
ويرى المراقبون أنه في حال تنفيذ رؤوس الأموال لتهديداتها سيواجه الاقتصاد البريطاني خسارة كبرى قد تصل إلى مليارات الجنيهات الاسترلينية، تأتي عادة من عوائد الاستثمار والأعمال والعقارات، إلى جانب الأصول الاستثمارية، ما يعكس تحولاً كبيراً في خيارات رؤوس الأموال البريطانية، لناحية مركز تموضع أموالهم وأسرهم وتحديد مساراتهم المستقبلية، ونسبة هؤلاء الذين يستعدون لاتخاذ الخطوة التالية ليست بالقليلة إذ تشير الأرقام إلى أنهم حوالي (24%) من أصحاب المال يترقبون الزيادة الضريبية نهاية الشهر الجاري.
وأشارت نتائج بحث أجرته شركة كورنرستون أنّ (23%) من البريطانيين أصبح لديهم دافع حقيقي لنقل أسرهم خارج البلاد بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة باستمرار، وأنّ أولئك الساعين لنقل إقامتهم الضريبية مع حلول ميزانية الخريف سيتجهون إلى محطات محددة، تعتبر الأكثر شعبية واستقطاباً لرؤوس الأموال، لما تقدمه من مناخ استثماري داعم وحركة ونشاط مالي سلس، وهذه الأماكن بحسب الشركة الاستشارية كورنرستون؛ إسبانيا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا ودبي والبرتغال وفرنسا ومالطا وقبرص.