عادت راشيل ريفز، المستشارة المالية، إلى مكتبها في وزارة الخزانة البريطانية بعد جولتها التجارية في الصين، في وقت يشهد فيه سوق السندات الحكومية «Gilts» تقلبات حادة، حيث ارتفع العائد على السندات طويلة الأجل إلى أعلى مستوى له منذ عام 1998، وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع ترقب البيانات الاقتصادية الرئيسية حول التضخم والنمو.
وتشير التحليلات في مدينة لندن إلى أن التغيرات الأخيرة في سوق السندات تعكس توقعات متزايدة بشأن التضخم وأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب تنصيب دونالد ترامب رئيساً، إلا أن هناك مخاوف من تأثير هذه التغيرات على الاقتصاد البريطاني، مما قد يدفع ريفز إلى تعديل خططها المالية لتجنب كسر القواعد المالية التي وضعتها.
وتُعتبر بيانات مؤشر أسعار المستهلكين لشهر ديسمبر، المقرر إصدارها يوم الأربعاء، دليلاً مهماً على مدى نجاح صانعي السياسة البريطانيين في السيطرة على التضخم، إذ يُذكر أن معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 2.6% في نوفمبر، مقارنة بـ2.3% في أكتوبر.
وفي الوقت ذاته، يترقب المستثمرون بيانات الناتج المحلي الإجمالي لشهر نوفمبر، المتوقع صدورها يوم الخميس، لمعرفة ما إذا كانت المخاوف من ركود النمو في النصف الثاني من عام 2024 قد تحققت.
اقرأ أيضاً: هل ستنقذ زيارة ريفز للصين الاقتصاد البريطاني؟
وسط هذه الأجواء، تعرضت ريفز لانتقادات من حزب المحافظين بسبب استمرارها في زيارتها التي استمرت يومين إلى كل من بكين وشنغهاي، رغم اضطرابات الأسواق المالية، وقال ميل سترايد، وزير المالية الظل، في برنامج Sunday with Laura Kuenssberg على قناة BBC: «يجب على المستشارة أن تكون هنا لتطمئن الأسواق وتوضح أن الحكومة تدرك حجم المشكلة ولديها خطط واضحة».
وعلى الجانب الآخر، دعمت المديرة العامة لاتحاد الصناعات البريطانية «CBI»، راين نيوتن-سميث، زيارة ريفز، ووصفت إلغاءها بـ«الخطوة الخاطئة تماماً»، وقالت: «من المهم جداً أن ننخرط مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من النقاط الإيجابية لهذا الحكومة هو استعدادها للتفاوض مع الصين، الولايات المتحدة، وأوروبا».
وتعتزم ريفز إلقاء خطاب نهاية الشهر الحالي لتوضيح خططها لتحفيز التعافي الاقتصادي، لكنها تواجه انتقادات من مجموعات الأعمال بسبب زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني في مساهمات التأمين الوطني على أصحاب العمل، والتي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل المقبل، بالتزامن مع رفع الحد الأدنى للأجور الوطنية.
اقرأ أيضاً: الصين وبريطانيا: عودة العلاقات الثنائية بعد قطيعة 6 سنوات
ونصحت نيوتن-سميث الحكومة بالحذر عند تنفيذ خطط تعزيز حقوق العمال، مشيرة إلى أن زيادة تكاليف التوظيف قد تُثني الشركات عن توظيف عمال جدد. وقالت: «الحكومة بحاجة إلى التأكد من أن الإصلاحات لا تزيد من صعوبة اتخاذ الشركات قرارات جريئة بشأن التوظيف».
وكانت قد زارت وزيرة المالية البريطانية، رايتشل ريفز، الصين بهدف تعزيز الازدهار الاقتصادي في المملكة المتحدة، وأوضحت وزارة الخزانة أن تحسين الظروف المعيشية للطبقة العاملة في بريطانيا سيكون ضمن أولوياتها خلال هذه الزيارة، رغم الانتقادات التي طالت الحكومة بسبب التذبذبات التي تشهدها الأسواق المالية المحلية.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، التقت ريفز مع نظيرها الصيني في بكين لاستكشاف فرص جديدة للتجارة والاستثمار، في إطار مساعي الحكومة لتحقيق النمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
لكن أجواء الزيارة تأثرت بتحديات اقتصادية، أبرزها ارتفاع تكلفة الاقتراض في بريطانيا إلى أعلى مستوى لها منذ 16 عاماً، إلى جانب تراجع قيمة الجنيه الإسترليني.
وقد وُجهت انتقادات من حزب المحافظين، الذين اتهموا الوزيرة بـ«الهروب إلى الصين»، ومن جهتها، دافعت الحكومة عن الزيارة، حيث صرحت وزيرة الثقافة، ليزا ناندي، أن ارتفاع تكاليف الاقتراض هو جزء من اتجاه اقتصادي عالمي يؤثر على العديد من الدول، فيما أكدت وزارة الخزانة أنه لا توجد خطط لاتخاذ إجراءات طارئة لمعالجة الوضع في الأسواق.
اقرأ أيضاً: ملايين الجنيهات ضدّ الأطفال في بريطانيا!