على الرغم من أن سرقة المتاجر ليست بالأمر السهل إلا أنّها تنتشر في واحدة من أغنى المدن البريطانية، إذ شهدت مدينة “باث” (Bath) التي تقع جنوب غرب إنكلترا، وتعتبر واحدة من أكثر المدن استقطاباً للسياح، بفضل ما تحتويه من المواقع الأثرية، لا سيما الحمامات الرومانية التي تعود لعهود سحيقة.
وبينما يقال عن باث بأنها الوجهة الأفضل للترفيه والرحلات في عموم أوروبا وليس الممكلة المتحدة وحدها، تأتي أنباء سرقة المتاجر لتعكر صفو الباحثين عن المتعة والاستجمام، في منتجعاتها الصحية الشهيرة.
وتشهد المدينة حالة من الغنى الفاحش لبعض العوائل، في حين تأخذ معدلات الفقر مؤخراً بالتصاعد، الأمر الذي وجد صداه الفوري بزيادة حوادث السرقة في المدينة، وهو ما كشفت عنه بيانات الشرطة البريطانية.
وتشير الإحصاءات إلى نسبة (83%) كزيادة في معدلات سرقة المتاجر في المدينة، خلال الأشهر التي سبقت سبمبر 2024، ومن بين كل 10 آلاف شخص يتعرض حوالي 140 منهم للسرقة في المدينة التاريخية، الأمر الذي مكن باث من حجز ترتيبها بين المدن البريطانية الأعلى في معدلات السرقة، وجاءت في المرتبة الثامنة.
وفي السياق عملت المتاجر في المدينة على اتخاذ سلسلة من الإجراءات الاحتياطية، للتقليل من حالات السرقة، ومن بينها ملئ رفوف المتاجر بالبضائع الوهمية، أو اللجوء إلى تقنيات متطورة ومن أمثلتها، تقنية التعرف على الوجوه، التي يمكنها ببساطة التعرف على الوجوه التي تعود إلى اللصوص والمدانين أمام العدالة.
وفي سياق منفصل بدأت المتاجر برفع أسعار المنتجات للتعويض عن خسائرها من أعمال السرقة المنتشرة، الأمر الذي ينعكس مباشرة على نمط معيشة السكان، ويرفع من تكاليف المعيشة المرتفعة من الأساس، وتشير المصادر الرسمية، لاسيما النائب في البرلمان البريطاني عن منطقة “سومرست” (Somerset) “هانهام” (Hanham)، إلى أنّ حوادث السرقة الحالية أصبحت خارج السيطرة.
ويرى مراقبون أنّ حالة الازدحام، والكثافة السكانية العالية، حولت المدينة إلى هدف سهل أمام الجماعات التي تمتهن سرقة المتاجر، فكثرة السياح في المدينة، أدت إلى ازدهار النشاط التجاري فيها، فالازدحام في الشوارع والمتاجر يخلق بيئة خصبة أمام اللصوص، حتى ينشطوا في عمليات السرقة المنتشرة حالياً في المدينة.
ويتوقع خبراء ارتفاع حالات سرقة المتاجر خلال فترة الأعياد القادمة، لأنّ أعداد زاور المدينة سيتضاعف تدريجياً، ما يستدعي تحركاً أمنياً سريعاً، لصبط الحالة المنتشرة في الوقت الحالي.
وفي ذات السياق يعتقد المحللون، أن تكاليف المعيشة المرتفعة أثرت سلباً على إمكانية تراجع حالات سرقة المتاجر في المدينة البريطانية، فبعض الأشخاص لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم اليومية، مع انتشار حالات الفقر في المجتمع البريطاني في المدينة التاريخية.
ومن الجدير بالذكر أنّ شرطة باث تلقت في شهر سبتمبر الماضي وحده، أكثر من خمسين بلاغاً عن حوادث سرقة استهدفت متاجر المدينة، فيما يسمى وسط المدينة، واتخذت الاجراءات اللازمة للاستجابة، ومن بينها نشر عناصر الشرطة بالزي الرسمي في مواقع الحوادث، حتى يتمكنوا من إلقاء القبض على اللصوص فور العثور عليهم.
وفي السياق توصلت شرطة المدينة بالتعاون مع الشركات الأمنية الخاصة فيها إلى حل شبه جذري، من خلال تعقب المتورطين في حوادث السرقة، والعمل على تقديمهم للعدالة، لضمان عدم عودتهم لمثل هذا السلوك الإجرامي.
وفي سياق منفصل تتعالى أصوات البريطانيين، للمطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة تحد من ظاهرة سرقة المتاجر المنتشرة في عدد من المدن البريطانية، ويرى البعض أن عمليات الإبلاغ عن أحداث السرقة لا يتم بالطريقة اللازمة، كما أنّ الشرطة البريطانية تعاني من تأخر في التصدي للمشكلة الآخذة بالتصاعد.
ومن بين ضحايا جرائم سرقة المتاجر في مدينة يوركشاير، سلسلة محلات “بّاو برينتس” التي تقدم المنتجات الحيوانية، وقد بلغت حصيلة خسائرها العام الفائت من جرائم السرقة حوالي 8 آلاف باوند، وهي خسائر ترخي بظلالها على العاملين في المتاجر، لا سيما في حال ارتفاع حالات العنف أثناء السرقة.
ومن بين الاقتراحات المقدمة للتخلص من الظاهرة، العمل على انتقاء اسم آخر غير سرقة المتاجر، لأنه على ما يبدو يقلل من خطورة الظاهرة الجرمية، بالتوازي مع تطوير أنظمة إبلاغ فعالة، تمكن أصحاب المتاجر من الوصول إلى الشرطة بسرعة، والعمل على تمويل المبادرات الأهلية التي تسهم في إعادة تأهيل المتورطين في حوادث السرقة، تجنباً لتكرار فعلتهم.
بينما تعمل الجهات المعنية على تطوير عدد من الاشتراطات التي تصعب عمليات البيع الالكتروتي للمنتجات المسروقة، والتي عادة ما تكون مجهولة المصدر، والعمل على توفير إرشادات لأفضل الممارسات كتقنيات التعرف على الوجوه.