في خضم الوقائع الاقتصادية المتسارعة التي يفرضها التضخم وحالة عدم اليقين التي تواجه الاقتصاد البريطاني، تستعد السوق العقارية لتحديات جديدة تتمثل بفرض زيادة مرتقبة على ضريبة الدمغة العقارية Stamp Duty Land Tax”(SDLT) والتي قد تصل إلى 2500 جنيه إسترليني.
ويضاف التشريع الضريبي الجديد للعقارات لباقة من التغييرات الهامة التي ستدخل حيز التنفيذ في 31 مارس، ما يضع آلاف المشترين في سباق مع الزمن لإتمام صفقاتهم قبل الموعد النهائي المتوقع.
وتفرض ضريبة الدمغة العقارية في المملكة المتحدة على شراء العقارات، ويعتمد تحديدها على قيمة العقار وحالة المشتري (في حال كان مشتريًا لأول أو مستثمرا عقارياً).
ومع اقتراب تطبيق الآلية الجديدة، التي من المتوقع أن ترخي بظلالها على المستثمرين والسوق العقارية بشكل عام، أصبح لابد من معرفة آلياتها ومجالات تطبيقها ومجالات تأثيرها على واقع السوق.
وتُفرض ضريبة الدمغة العقارية في انجلترا وايرلندا الشمالية على العقارات السكنية التي تتجاوز قيمتها 250,000 جنيه إسترليني، وهو الحد الذي تم رفعه في سبتمبر 2022، غير أنه سيتم توسيع الضريبة لتشمل العقارات التي قيمتها 125,000 جنيه استرليني وفقاً للتعديلات الضريبية الجديدة التي ستطبق اعتباراً من شهر مارس المقبل 2025، وهو الحد الذي كان معمول به سابقاً.
وسيؤثر القرار على المشترين الذين يخططون لشراء عقار بقيمة تتجاوز 125,000 جنيه إسترليني الذين سيواجهون زيادة في الفاتورة الضريبية.
على سبيل المثال، بالنسبة لعقار متوسط السعر، قد تتضاعف الضريبة من 2,028 جنيه إسترليني إلى 4,528 جنيه إسترليني، أي بزيادة قدرها 2,500 جنيه إسترليني، وهي نسبة ليست قليلة على هذه الشريحة من المستثمرين، في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.
اقرأ أيضاً: ملّاك العقارات يهددون برفع الإيجارات في بريطانيا
تأثيرات شاملة
وستفرض التعديلات الضريبية الجديدة، أثرها على المشترين لأول مرة الذين لن يكونوا بمنأى عن هذه التغييرات، فحاليًا، يستفيد مشترو المنازل لأول مرة من إعفاء ضريبي يصل إلى 425,000 جنيه إسترليني، والذي سيتم خفضه إلى 300,000 جنيه إسترليني مع تطبيق القرار الجديد.
وفي مدن مثل لندن، التي يبلغ متوسط سعر العقار فيها نحو 473,282 جنيه إسترليني، سترتفع فاتورة ضريبة الدمغة العقارية من 2,414 جنيه إسترليني إلى 8,664 جنيه إسترليني، وهذا يعني أن المشترين لأول مرة في المناطق ذات الأسعار المرتفعة سيتحملون عبئًا ماليًا إضافيًا كبيرًا، مما قد يؤثر على قدرتهم على دخول سوق العقارات.
وكان الطلب على العقارات في المملكة المتحدة قد شهد ارتفاعًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، حيث يحاول المستثمرون الاستفادة من العتبات الضريبية الحالية قبل دخول الزيادة حيز التنفيذ.
ووفقًا لمؤشر أسعار المنازل لشهر يناير 2025 الصادر عن موقع (Zoopla)، ارتفع الطلب على المنازل بنسبة 13% مقارنة بالعام الماضي، ما يعكس الضغط الذي يشعر به المشترون لإتمام صفقاتهم في أسرع وقت ممكن.
كما أظهرت بيانات هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية (HMRC) أن المشترين دفعوا في يناير ما يقرب من 848 مليون جنيه إسترليني كضريبة دمغة، بزيادة قدرها 40 مليون جنيه إسترليني عن الفترة نفسها من العام الماضي، ما يؤكد تسارع النشاط العقاري والحركة المكثفة في سوق العقارات قبيل التعديلات الضريبية.
اقرأ أيضاً: ضريبة الدمغة تشعل أسعار المساكن في المملكة المتحدة!
ومن جانبه، حذر جوناثان ستينتون، رئيس قسم العلاقات العقارية في Coventry Building Society، من تداعيات القرار، مبينا أن شراء المنازل سيصبح أكثر تكلفة قريبًا، وأن المشترين الذين لا يتمكنون من إتمام صفقاتهم قبل الموعد النهائي قد يضطرون إلى تحمل زيادة ضريبية تصل إلى آلاف الجنيهات.
وأوضح ستينتون: أن الفشل في إتمام الصفقة قبل شهر مارس المقبل موعد تطبيق التعديل الضريبي الجديد قد يجبر المشترين إلى استخدام مدخراتهم لتغطية الفارق الضريبي، أو الاقتراض الإضافي على الرهن العقاري، أو لجوء بعضهم للتفاوض مع البائعين لخفض الأسعار، ما يهدد بافشال الصفقات.
وانطلاقاً مما سبق، من المهم أن يدرك المشترون أن التغييرات في ضريبة الدمغة العقارية في المملكة المتحدة لن تؤثر فقط على التكلفة المباشرة لشراء العقارات، بل قد يكون لها تأثيرات طويلة الأمد على السوق العقارية.
كما من المتوقع أن يدفع الضغط الناجم عن هذه التغييرات وانعكاساتها طويلة الأمد على السوق العقارية، بعض المشترين إلى اتخاذ قرارات مالية صعبة في الأسابيع المقبلة، لذلك، يُنصح المشترون بالتخطيط المالي الدقيق والإسراع في إتمام الصفقات لتجنب الزيادة الضريبية.
وختاما، تمثل الزيادة المرتقبة في ضريبة الدمغة العقارية في المملكة المتحدة تحديًا كبيرًا للمشترين، خاصة مع الإطار الزمني الضيق المتاح لإتمام الصفقات قبل 31 مارس.