لا يزال أثرياء العالم يستخدمون عقارات لندن الفاخرة كـ”خزين للثروة ومخزن للقيمة” ضد التآكل، وسط مخاوف من ارتفاع معدلات التضخم في العالم في سنوات ما بعد جائحة كورونا.
حيث كشف تقرير حديث صادر عن وكالة “نايت فرانك” العالمية أن مبيعات مساكن لندن الفاخرة تفوقت، خلال العام الماضي، على المبيعات التي تحققت في المدن العالمية الكبرى المنافسة مثل نيويورك وهونغ كونغ.
واستفاد المشترون الأثرياء، خلال العام الماضي، من تراجع سعر صرف الإسترليني مقابل الدولار والعملات الرئيسية، وأزمة مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي “بريكست”، التي دفعت بعض رجالات المصارف والمال إلى مغادرة لندن وعرض مساكنهم بأسعار أقل كثيراً من سعر السوق.
وحسب “نايت فرانك”، بلغت مشتريات المساكن الفاخرة، التي نفّذها المليارديرات الأجانب في العاصمة البريطانية، نحو 4 مليارات دولار.
بين 10 و42 مليون دولار للبيت الواحد!
بحسب التقرير، تراوحت قيمة المساكن والشقق الفاخرة التي تم بيعها بين 10 و42 مليون دولار للبيت الواحد، ويقع معظمها في الأحياء الاستراتيجية وسط العاصمة. وهذا الرقم من المبيعات يعد أعلى من المبيعات التي تحققت في المدن العالمية الكبرى، خلال العام الماضي 2020.
وبينما تأثرت نيويورك بأحداث العنف التي تلت مقتل جورج فلويد، وتأثرت هونغ كونغ بالقوانين الأمنية التي فرضتها عليها الحكومة الصينية وخسرت مكانة “الشريك التجاري المفضل” لدى الولايات المتحدة، نظر الأثرياء إلى لندن كمكان هادئ لأسرهم وسط عالم مضطرب. وتمكنت لندن من جذب هذه الاستثمارات العقارية على الرغم من قيود السفر بين شهري آذار وأيار من العام الماضي التي عرقلت المبيعات. وجاءت أرقام مبيعات المساكن في العاصمة البريطانية التي يفوق سعرها 10 ملايين دولار أعلى من الأرقام التي تحققت في عام 2019 السابق لجائحة كورونا. وبحسب الأرقام التي رصدتها وكالة “نايت فرانك” العالمية، فإن أثرياء فرنسا والصين وهونغ كونغ تقدموا قائمة المستثمرين الأجانب في العاصمة البريطانية.
ويستفيد أثرياء هونغ كونغ من الإقامات التلقائية والجنسية المزدوجة التي لا يزالون يحملونها. وبلغ عدد صفقات المساكن الفاخرة التي بيعت في العام الماضي 201 صفقة عقارية، حسب التقرير، وبلغ متوسط الصفقة 31 مليون دولار. ومن بين الصفقات التي نُفذت على الشقق والمساكن الفاخرة، كانت هناك نحو 31 صفقة بيع بأعلى من 25 مليون دولار.
شارع “فيليمورغاردنز” في حي هولاند بارك يتصدر قائمة عقارات لندن الفاخرة
ومن بين الشوارع التي جذبت المستثمرين الأثرياء، شارع “فيليمورغاردنز” في حي هولاند بارك الراقي، حيث بلغ متوسط المسكن فيه 28 مليون جنيه إسترليني. وهذا الشارع يتألف معظمه من الفلل الفخمة ويسكنه الملياردير الشهير ريتشارد برانسون.
وجاء بعده في الترتيب شارع “ساوث كينزنغتون“، وهو شارع جاذب للمشاهير ونجوم الغناء والسينما إلى جانب الأثرياء الشباب. وكانت تسكن في هذا الشارع المغنية الأميركية الشهيرة مادونا والممثل دوغلاس فير بانكس جونيور. وبلغ سعر المسكن في هذا الشارع في المتوسط 22.5 مليون جنيه إسترليني.
كما احتلت منطقة “غروسفنر سكوير” في قلب حي “ماي فير” الذي كان جانب منه مقراً للسفارة الأميركية في السابق، المرتبة الثالثة بين أغلى الشوارع في لندن، إذ بلغ سعر المسكن في المتوسط فيه 18.6 مليون جنيه إسترليني. ويبلغ سعر الإسترليني 1.3706 دولار.
الجدير بالذكر أن أسعار عقارات لندن الفاخرة ، خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، ونوعية العلاقات التجارية بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، أدت إلى هروب العديد من المستثمرين من لندن إلى مراكز مالية أوروبية، كما تأثرت كذلك بعمليات الإغلاق وتضاؤل النشاط التجاري. ويراقب العديد من كبار المستثمرين مسار خروج بريطانيا من جائحة كوفيد 19، وتطور بناء الفضاء التجاري الجديد خلال العام الجاري. وربما يصبح هذان العاملان من أهم محددات تطور السوق العقاري الفاخر في بريطانيا.