عيد بلا إجازة: كيف يحتفل المسلمون في بريطانيا والمهجر في ظل التحديات؟
تابعونا على:

الحياة في بريطانيا

عيد بلا إجازة: كيف يحتفل المسلمون في بريطانيا والمهجر في ظل التحديات؟

نشر

في

200 مشاهدة

عيد بلا إجازة: كيف يحتفل المسلمون في بريطانيا والمهجر في ظل التحديات؟

يمثل عيد الفطر وعيد الأضحى المباركان مناسبتان بالغتا الأهمية في التقويم الإسلامي، حيث يحتفل المسلمون حول العالم بانتهاء شهر رمضان المبارك أو بإحياء ذكرى تضحية النبي إبراهيم عليه السلام.

وتتسم هذه الأعياد بأجواء من الفرح والتآخي وصلة الأرحام والاحتفالات الدينية والاجتماعية، وبالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في بريطانيا وفي مختلف بلاد المهجر، فإن الاحتفال بهذه المناسبات يحمل طابعًا خاصًا يمزج بين التمسك بالهوية الدينية والثقافية والتكيف مع واقع الحياة في مجتمعات ذات أغلبية غير مسلمة.

ويكمن التحدي الأبرز الذي يواجهه المسلمون العاملون في بريطانيا والمهجر خلال فترة الأعياد في التوفيق بين الرغبة في الاحتفال الكامل بهذه المناسبات الدينية الهامة وبين الالتزامات المهنية.

ففي ظل عدم اعتبار هذه الأعياد عطلات رسمية في معظم أنحاء بريطانيا والعديد من دول المهجر، يجد الكثير من المسلمين أنفسهم في مواجهة صعوبات جمة للحصول على إجازة تمكنهم من إحياء شعائر العيد ومشاركة مظاهر الفرح مع عائلاتهم وأفراد مجتمعهم.

وهذا الواقع يطرح تساؤلات حول كيفية تعامل الشركات والمؤسسات مع هذه المناسبات الدينية، وكيف يبتكر المسلمون طرقًا للاحتفال بعيدهم رغم قيود العمل.

صراع الاحتفال والعمل

يواجه المسلمون العاملون في بريطانيا والمهجر العديد من التحديات عند محاولة الاحتفال بعيد الفطر أو الأضحى بالتزامن مع واجباتهم الوظيفية، فالحصول على إجازة في أيام العيد يمثل صعوبة خاصة إذا صادف العيد أيام عمل اعتيادية.

فبخلاف الأعياد المسيحية الرئيسية التي تعتبر عطلات رسمية في بريطانيا ومعظم دول المهجر الغربي، غالبًا ما يجد المسلمون أنفسهم مضطرين لاستخدام أيام إجازتهم السنوية المدفوعة أو طلب إجازة غير مدفوعة، مما يضعهم في موقف غير متكافئ مع زملائهم غير المسلمين الذين يتمتعون بعطلات رسمية في أعيادهم الدينية دون الحاجة إلى خصمها من رصيد إجازاتهم الشخصي أو تحمل خسارة مالية.

وكثيرًا ما يلجئ المسلمون العاملون إلى التفاوض مع أصحاب العمل لتغيير جداول عملهم أو ترتيب مناوبات بديلة، وهو ما يعكس الجهد الإضافي الذي يتعين عليهم بذله والتفاوت المحتمل في استجابة أصحاب العمل، ويضاف إلى ذلك التحدي المتعلق بعدم اليقين بشأن الموعد الدقيق للعيد بسبب اعتماده على رؤية الهلال القمري، مما يجعل التخطيط المسبق لطلب الإجازة أمرًا صعبًا لكل من الموظفين وأصحاب العمل.

وكل هذه العوامل مجتمعة تسهم في شعور بعض المسلمين العاملين في بريطانيا والمهجر بأنهم يفوتون الأجواء الاحتفالية الكاملة التي يعيشها المسلمون في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، ويكمن السبب الجذري لهذه التحديات في عدم وجود إلزام قانوني لأصحاب العمل في معظم أنحاء بريطانيا والمهجر بمنح إجازة مدفوعة الأجر للموظفين المسلمين في أيام العيد.

وهذا الوضع يضع عبء التوفيق بين العمل والاحتفال على عاتق الموظفين المسلمين أنفسهم وعلى تقدير أصحاب العمل ومدى استعدادهم لتقديم تسهيلات.

اقرأ أيضاً: عيد الفصح: فعاليات وأماكن سياحية بأرخص الأسعار

هل من فسحة؟

بالنظر إلى سياسات الشركات والتسهيلات المقدمة للموظفين المسلمين في بريطانيا والمهجر خلال الأعياد، يتضح أن هناك تباينًا كبيرًا في هذا الشأن، ففي حين أن هناك عددًا محدودًا من العطلات الرسمية على مستوى بعض الدول للأقليات الدينية، بما في ذلك المسلمين، فإن النظام العام للعطلات يعكس بشكل أساسي التراث المسيحي للبلاد.

ومع ذلك، فقد تبنت بعض الشركات والمؤسسات نهجًا أكثر واقعية، خاصة في المدن الكبرى والمناطق التي تضم كثافة سكانية مسلمة عالية، حيث يسمح للموظفين المسلمين بالتغيب في أيام العيد، وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد التزام قانوني على أصحاب العمل في معظم المناطق بتقديم إجازة مدفوعة الأجر للأعياد الدينية غير المسيحية.

ويحق للموظفين المسلمين طلب إجازة غير مدفوعة الأجر، ويملك أصحاب العمل سلطة الموافقة على هذا الطلب أو رفضه بناءً على الاحتياجات التشغيلية للشركة، وفي المقابل، قد تقدم بعض الشركات ساعات عمل مرنة أو خيارات للعمل عن بعد أو إمكانية استخدام أيام الإجازة السنوية لتلبية احتياجات موظفيها المسلمين خلال فترة العيد.

ومن الناحية القانونية، يمكن الاستناد إلى بعض القوانين المحلية أو اتفاقيات العمل الجماعية كمبرر لطلب إجازة مدفوعة الأجر للأعياد الدينية، حيث تنص على استحقاق الموظف للأجر في حالة منعه مؤقتًا من أداء عمله لظروف قاهرة، ومع ذلك، يمكن لأصحاب العمل الاعتراض على هذا الأساس بمبدأ المساواة في المعاملة.

ومن المرجح أن تكون الشركات الكبيرة ومتعددة الجنسيات العاملة في مدن متنوعة أكثر وعيًا باحتياجات القوى العاملة المتنوعة وقد تتبنى سياسات داخلية تراعي الأعياد الدينية لموظفيها المسلمين.

حكايات من أرض الغربة

على الرغم من التحديات التي يواجهونها، يجد المسلمون في بريطانيا والمهجر طرقًا مبتكرة للاحتفال بعيد الفطر وعيد الأضحى إلى جانب التزاماتهم العملية، حيث يلجأ البعض إلى أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر أو التفاوض على تغيير نوبات العمل لضمان الحصول على بعض الوقت على الأقل لأداء صلاة العيد وزيارة العائلة.

ويحتفل الكثيرون بالعيد بطريقة أكثر هدوءًا واقتضاباً مقارنة بالاحتفالات التقليدية في بلدانهم الأصلية، وذلك بسبب ضيق الوقت والقيود العملية، ويركز المسلمون العاملون على استغلال أوقات فراغهم المحدودة في أداء الشعائر الدينية الأساسية مثل صلاة العيد وقضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء المقربين.

كما أن التكنولوجيا تلعب دورًا مهمًا في ربط المسلمين في بريطانيا والمهجر بأحبائهم في الخارج أو في مدن أخرى، حيث يتم تبادل التهاني والمشاركة في احتفالات العيد الافتراضية من خلال مكالمات الفيديو والرسائل، ويحرص الكثيرون على حضور صلاة العيد والمشاركة في الفعاليات المجتمعية التي تنظمها المساجد والمراكز الإسلامية، حتى لو اضطروا إلى العودة إلى العمل بعد ذلك بوقت قصير، مما يؤكد أهمية الجانب الديني والاجتماعي للعيد.

وتظهر بعض القصص الشخصية مشاعر مختلطة من الفرح والحنين عند الاحتفال بالعيد في بريطانيا والمهجر، حيث يشعر البعض بالامتنان لوجودهم في بيئة آمنة وملائمة، بينما يتوقون في الوقت نفسه إلى التقاليد المألوفة والتجمعات العائلية الكبيرة التي اعتادوا عليها في بلدانهم الأصلية، خاصة بالنسبة للمهاجرين واللاجئين الجدد.

اقرأ أيضاً: أجمل أسواق عيد الميلاد يتعرض للانتقادات.. ما السبب؟

مبادرات مجتمعية:

من المرجح أن تنظم المساجد والمراكز الإسلامية في مختلف مدن بريطانيا والمهجر فعاليات خاصة بمناسبة عيد الفطر وعيد الأضحى، مثل صلاة العيد والتجمعات الاحتفالية التي يمكن للمسلمين العاملين حضورها قبل أو بعد ساعات عملهم.

وقد تستضيف المنظمات المجتمعية والجمعيات الثقافية أيضًا حفلات أو أسواقًا أو وجبات احتفالية بمناسبة العيد، مما يوفر فرصًا للاحتفال والتفاعل الاجتماعي خارج ساعات العمل الرسمية.

وعلى الرغم من أن المعلومات المتاحة لا تذكر مبادرات محددة تستهدف وجهًا خاصًا العاملين المسلمين خلال العيد، فإن وجود احتفالات عامة بالعيد وفعاليات مرتبطة بشهر رمضان يشير إلى أن هذه الفعاليات تقدم دعمًا ضمنيًا من خلال توفير خيارات للاحتفال في أوقات قد لا تتعارض مع جداول عملهم.

حلول إبداعية:

يبتكر المسلمون في بريطانيا والمهجر طرقًا غير تقليدية للاحتفال بالعيد عندما لا يتمكنون من الحصول على إجازة كاملة.

ويحتفل البعض بالعيد قبل أو بعد ساعات العمل الرسمية، من خلال إقامة صلاة العيد وتناول وجبة الإفطار العائلية في الصباح الباكر أو تنظيم تجمعات مسائية بعد انتهاء العمل.

ويقوم آخرون بتنظيم تجمعات أصغر وأكثر حميمية مع الأصدقاء والجيران والزملاء الذين يعملون أيضًا في أيام العيد، مما يعزز الشعور بالاحتفال المشترك والدعم المجتمعي، كما يحرص الكثيرون على إحضار حلويات العيد والأطعمة التقليدية إلى أماكن العمل لمشاركتها مع الزملاء من مختلف الخلفيات، مما يعزز التبادل الثقافي ونشر فرحة العيد في بيئة مهنية.

ويستخدم المسلمون التكنولوجيا على نطاق واسع للتواصل مع العائلة والأصدقاء في الخارج أو في مدن أخرى، والمشاركة في صلوات العيد الافتراضية أو التجمعات عبر الإنترنت للحفاظ على الروابط الأسرية والمجتمعية.

بالإضافة إلى ذلك، يركز الكثيرون على الجوانب الروحية للعيد، مثل أداء صلاة العيد وتقديم الصدقات (زكاة الفطر)، والتي يمكن القيام بها حتى مع ضيق الوقت المتاح.

وقد يبتكر بعض المسلمين في بريطانيا والمهجر تقاليد جديدة ومختلطة تجمع بين عناصر من تراثهم الثقافي وواقع الاحتفال بالعيد في بلد غير ذي أغلبية مسلمة، وتكييف العادات لتناسب وقتهم ومواردهم المتاحة.

ويمكن أن يشمل ذلك نسخًا مبسطة من الوجبات التقليدية أو دمج الاحتفالات مع أيام العطلة الأسبوعية إذا لم يتم منح إجازة في أيام العمل.

نظرة أوروبية

لا يقتصر وضع بريطانيا في عدم اعتبار عيد الفطر وعيد الأضحى عطلات رسمية على مستوى البلاد، حيث أن العديد من الدول الأوروبية الأخرى لا تعترف رسميًا بهذه الأعياد كعطلات عامة.

وتشهد فرنسا وهولندا تجارب مماثلة بين العمال المسلمين، حيث يبدي بعض أصحاب العمل تفهمًا ويمنحون إجازة، بينما يواجه آخرون صعوبات في تحقيق التوازن بين الالتزامات العملية والواجبات الدينية.

وبشكل عام، يمكن أن يختلف مستوى التكيف والوعي بالأعياد الإسلامية بشكل كبير عبر مختلف الدول الأوروبية، ويتأثر بعوامل مثل السياق التاريخي، وحجم وتكامل السكان المسلمين، والأطر القانونية والسياسات الوطنية المتعلقة بالحرية الدينية والتنوع الثقافي.

آراء من الداخل

دأبت العديد من المنظمات الإسلامية في بريطانيا والمهجر على الدعوة إلى الاعتراف القانوني بالأعياد الإسلامية، مؤكدة على أهميتها للرفاه الديني والاجتماعي للمجتمع المسلم.

وتشدد هذه المنظمات على الأهمية الدينية والثقافية العميقة لعيد الفطر وعيد الأضحى بالنسبة للمسلمين، معتبرة إياهما وقتًا حاسمًا للوحدة الأسرية والصلاة الجماعية وتعزيز القيم والتقاليد الإسلامية، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في المهجر.

ومن المرجح أن تدعو تصريحات هذه المنظمات إلى مزيد من التفاهم والتسهيلات من أصحاب العمل، وحثهم على الاعتراف بأهمية العيد لموظفيهم المسلمين وتنفيذ سياسات مرنة تسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية دون المساس بسبل عيشهم.

وغالبًا ما تقدم هذه المنظمات إرشادات ونصائح دينية لأعضائها، والتي من المحتمل أن تشمل أهمية الاحتفال بالعيد.

وعي أصحاب العمل

يتفاوت مستوى الوعي والاعتبار للأعياد الإسلامية بين أصحاب العمل في بريطانيا والمهجر، حيث يبدي البعض تفهمًا ومرونة، بينما قد يفتقر آخرون إلى الوعي أو لديهم سياسات لا تلبي احتياجات الموظفين المسلمين بشكل كافٍ.

ومع ذلك، فإن بعض الشركات الكبيرة والأكثر تنوعًا، وخاصة تلك التي تركز على التنوع والشمول، تقوم بشكل متزايد بتنفيذ سياسات أو ممارسات لمراعاة الاحتياجات الدينية لموظفيها المسلمين خلال العيد، مثل تقديم ترتيبات عمل مرنة أو خيار استخدام أيام الإجازة السنوية.

وهناك جهود تبذلها المنظمات الإسلامية، وأحيانًا بالتعاون مع مبادرات حكومية أو مجتمعية، لزيادة الوعي بين أصحاب العمل بأهمية الأعياد الإسلامية مثل عيد الفطر وعيد الأضحى والاحتياجات الخاصة للموظفين المسلمين.

وتشمل التوصيات وأفضل الممارسات لأصحاب العمل النظر في جداول العمل المرنة، وتقديم خيارات للإجازة غير مدفوعة الأجر، أو حتى تطبيق أنظمة “الإجازات المرنة” التي تسمح للموظفين باختيار العطلات الدينية أو الثقافية التي يحتفلون بها.

يشدد على أهمية تعزيز التواصل المفتوح والمباشر بين أصحاب العمل والموظفين المسلمين كعامل رئيسي في فهم الاحتياجات الفردية وإيجاد حلول مقبولة للطرفين بشأن إجازة واحتفالات العيد.

ومن المرجح أن يساهم الحضور الديموغرافي المتزايد للمسلمين في بريطانيا والمهجر، إلى جانب التركيز المتزايد على التنوع والشمول في مكان العمل، في زيادة تدريجية في وعي أصحاب العمل وتكييفهم مع الأعياد الإسلامية، على الرغم من أن التقدم قد يكون متفاوتًا عبر مختلف القطاعات والمناطق.

X