غلاء المعيشة في بريطانيا يجبر كبار السن على السرقة من المتاجر!
تابعونا على:

الحياة في بريطانيا

غلاء المعيشة في بريطانيا يجبر كبار السن على سرقة المتاجر!

نشر

في

128 مشاهدة

غلاء المعيشة في بريطانيا يجبر كبار السن على سرقة المتاجر!

تواجه متاجر التجزئة في بريطانيا، مشكلة متزايدة تتعلق بسرقة المتاحر وخاصة السلع الأساسية من قبل كبار السن وخاصة المتقاعدين، نتيجة الضغوط الشديدة الناجمة عن أزمة غلاء المعيشة.

وأدى هذا الأمر إلى تزايد حالة القلق والخوف لدى المتاجر، فهذه الظاهرة التي كانت نادرة الحدوث في السابق، تشهد اليوم ارتفاعًا غير مسبوق، في مشهد يعكس ضغط الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، التي دفعت فئات اجتماعية لم تعتد على مثل هذه السلوكيات إلى تجاوز الخطوط الحمراء لضمان احتياجاتها الأساسية.

ووفقاً لبيانات قدمتها شركة “كينغدوم سيكيوريتي” (Kingdom Security)، إحدى أبرز الشركات العاملة في قطاع الأمن، التي تقدم خدماتها لمئات المتاجر الكبرى والصغرى ومراكز التسوق في مختلف أنحاء البلاد، حول هذه الظاهرة، فإنها تتلقى أسبوعيًا ما بين 20 إلى 30 بلاغًا عن حالات سرقة يرتكبها أشخاص لا يستطيعون تحمل تكلفة شراء الطعام.

وأوضح مدير خدمات التجزئة في الشركة،جون نوسباوم (John Nussbaum)، أن فريقه يواجه اليوم “نوعًا مختلفًا من اللصوص”، وهم أفراد أجبرتهم الظروف الاقتصادية على ارتكاب أفعال لم تكن تخطر ببالهم سابقًا.

ويصف نوسباوم، هذا التحول الديموغرافي في مرتكبي هذه الجرائم بقوله “لقد لاحظنا زيادة هائلة في سرقات المتقاعدين، مثل وضع برطمان قهوة في الحقيبة وآخر في العربة، وغيرها من الاحتياجات الأساسية البسيطة”.

ويضيف: على مدار العام الماضي، تغيرت طبيعة الجرائم التي يتعامل معها فريق الأمن، إذ أصبحت السرقات تشمل فئة جديدة لم يعرف عنها هذا السلوك من قبل متقاعدون وأفراد تجاوزوا سن الخمسين.

ويشير إلى أن نحو 5% من جميع حالات السرقة التي يتم ضبطها أسبوعياً تشمل كبار السن، وهو مؤشر واضح على عمق الأزمة الاقتصادية التي تدفعهم إلى هذا السلوك غير المعتاد.

ويؤكد نوسباوم، الذي يمتلك خبرة 30 عاماً في قطاع الأمن، أنه لم يشهد مثل هذه الظاهرة من قبل، لا قبل عشر سنوات ولا حتى قبل خمس، مرجعاً ذلك إلى الضغوط المالية الشديدة التي تجعل الأفراد غير قادرين على إنفاق مبالغ بسيطة تتراوح بين 10 إلى 20 جنيهاً إسترلينياً لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

ومع ذلك، تحاول العديد من المتاجر إدارة هذه الحالات داخلياً دون إبلاغ الشرطة، لتجنب التداعيات الإعلامية السلبية المرتبطة بتوقيف المتقاعدين، الأمر الذي يساهم في تعقيد المشكلة وإخفاء الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة عن السجلات الرسمية.

اقرأ أيضاً: سرقة المتاجر تنتشر في هذه المدينة البريطانية!

أرقام رسمية صادمة لسرقة المتاجر

تتوافق الملاحظات الميدانية مع الإحصاءات الرسمية التي كشفت عن ارتفاع غير مسبوق في جرائم سرقة المتاجر في إنجلترا (England) وويلز (Wales)، حيث تجاوز عدد الحالات المبلغ عنها للشرطة نصف مليون خلال عام واحد، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق.

ووفقًا لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية(ONS)، تم تسجيل 516,971 حالة سرقة في عام 2024، بزيادة بلغت 20% مقارنة بالعام السابق، وهو الرقم الأعلى منذ بدء اعتماد الأساليب الإحصائية الحالية في عام 2003، وقد تصاعدت هذه الظاهرة بشكل خاص خلال العامين الماضيين عقب جائحة كورونا.

ويرى تجار التجزئة أن هذه الأرقام الرسمية لا تعكس الحجم الحقيقي للمشكلة، مشيرين إلى أن سرقات المتاجر باتت تشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على القطاع.

ويقدر اتحاد التجزئة البريطاني (BRC) أن هذه السرقات تكلف القطاع أكثر من 2.2 مليار جنيه إسترليني سنويًا، مع الإشارة إلى دور العصابات المنظمة في تنفيذ عمليات سرقة واسعة النطاق، مما يؤدي إلى رفع الأسعار على المتسوقين الملتزمين.

كما تعزى زيادة السرقات إلى عوامل أخرى، منها تعديل قانوني عام 2014 في إنجلترا وويلز، ينص على أن سرقة سلع بقيمة تقل عن 200 جنيه إسترليني لا تستوجب عادة عقوبة السجن، مما جعل المتاجر هدفًا أسهل.

ويشير البعض أيضًا إلى أن تقليص عدد الموظفين والاعتماد المتزايد على صناديق الدفع الذاتي ساهم في تفشي الظاهرة، رغم استثمارات المتاجر الضخمة في تحسين إجراءاتها الأمنية واستخدام تقنيات متقدمة للحد من هذه السلوكيات.

اقرأ أيضاً: المتاجر البريطانية تلجأ إلى تقنية التعرف على الوجه للحد من عمليات السرقة

عنف متصاعد وتقنيات للمواجهة

لا تقتصر المشكلة على ارتفاع معدلات السرقة فحسب، بل يرتبط بها تصاعد أعمال العنف، وهذا ما أكده جون نوسباوم أن موظفي المتاجر يواجهون “عنفًا مروعًا يوميًا” من قبل العصابات المنظمة، مشيرًا إلى حالات اعتداء جسدي خطير تعرض لها أفراد الأمن.

ففي مركز تسوق بشمال لندن، اضطر بعض العاملين إلى ارتداء سترات واقية من الطعن لضمان سلامتهم، بل إن العثور على أسلحة نارية في مواقع العمل لم يعد أمرًا مستبعدًا، مما يعكس خطورة هذه المواجهات.

ولمواجهة هذه التحديات، تتجه المتاجر إلى الاستثمار في التقنيات الحديثة لتعزيز أمنها، وتختبر سلاسل كبرى مثل “أسدا” (Asda) تقنية التعرف على الوجوه في فروع لها بمنطقة مانشستر الكبرى (Greater Manchester)، حيث يتم مسح وجوه الزبائن ومقارنتها بقوائم المراقبة الداخلية للمشتبه في تورطهم بالسرقة أو العنف.

كما تبنت متاجر أخرى، مثل “هوم بارغينز” (Home Bargains)، “ساوثرن كوأب” (Southern Co-op)، “بدجنز” (Budgens) و”كوستكاتر” (Costcutter)، تقنيات مشابهة.

ويرى نوسباوم أن هذه الحلول التقنية تمثل خطوة ضرورية يجب أن تعتمدها المزيد من المتاجر لتحديد الأفراد الذين يشكلون خطرًا، وتعزيز إجراءات الحماية في ظل تنامي التهديدات الأمنية في قطاع التجزئة.

غياب الرادع والتحركات الحكومية

يواجه قطاع التجزئة في المملكة المتحدة تحديًا كبيرًا يتمثل في غياب الردع الفعلي لمرتكبي جرائم السرقة، حيث يرى جون نوسباوم أن الموقوفين غالبًا ما يواجهون عقوبات بسيطة، مثل الغرامات أو قضاء ليلة في السجن، دون إجراءات تمنعهم من تكرار الجريمة، مما يبرز قصور العقوبات الحالية في ردع اللصوص المعتادين.

وفي المقابل، بدأت الحكومة اتخاذ خطوات لمعالجة هذه الأزمة، حيث ألغت تشريعًا سابقًا كان يحدد 200 جنيه إسترليني كحد أدنى للسرقات “منخفضة القيمة”، في محاولة لتعزيز الردع القانوني.

كما تعمل على إدراج الاعتداء على موظفي المتاجر كجريمة مستقلة ضمن مشروع قانون الشرطة والجريمة، والذي ما زال قيد الدراسة، إلى جانب تخصيص موارد إضافية لمكافحة العصابات المنظمة التي تلعب دورًا رئيسيًا في تفشي هذه الجرائم.

X