لم يكن دافعو الضرائب في بريطانيا يتوقعون أن يكون مصير أموالهم هو “السرقة” من قبل جامعات “درجة ثانية” في المملكة المتحدة، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً في الأوساط المحلية، وسط دعوات لمحاسبة المسؤولين عن سرقة مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.
وفجّرت صحيفة “صنداي تايمز – Sunday Times ” البريطانية المفاجأة التي هزّت أوساط التعليم داخل المملكة المتحدة، حيث كشف تحقيق للصحيفة أن طلاب “جامعات الفرانشايز – Franchise“، يحصلون على قروض حكومية للدراسة، دون أن يكملوا تخصصاتهم أو دون أن يلتحقوا بالجامعات أصلاً، ما أدى لخسارة مئات الملايين من أموال دافعي الضرائب.
وتؤمن الحكومة البريطانية قروضاً للتعليم في المرحلة ما بعد الثانوية للطلبة المحليين والمقيمين، وهذه القروض تنقسم إلى قطاعين، الأول يغطي رسوم الدراسة بقيمة تفوق 10 آلاف دولار، والثاني يُسمى “مينتنانس- maintenance” ويصل هذا القرض إلى أكثر من 15 ألفاً للسكن والأمور المعيشية التي يحتاجها الطالب.
بدورها، توّفر “جامعات فرانشايز” برامج دراسية بمعايير أقل وأسهل من تلك التي تشترطها الجامعات الرائدة في المملكة المتحدة لقبول الطلبة لديها، فيكفي مثلاً صورة لشهادة “إتقان اللغة الإنجليزية”، كي يتجاوز المُتقدم شرط اللغة في أيّ تخصص أو منهج تقدمه تلك الجامعات، ويتم قبول الصورة من خلال إرسالها عبر تطبيق “واتساب” أو حتى “تيك توك”، كما تقول الصحيفة.
وشملت التحقيقات في القروض الدراسية آلاف الطلبة المنتمين إلى “جامعات فرانشايز”، حيث حددت الهيئة الحكومية المعنية خلال العام الدراسي 2022-2023 أكثر من 3560 طلب قرض مشبوه، تصل قيمتها إلى أكثر من 75 مليون دولار، لكن الصحيفة أكدت امتلاكها معلومات أن مستويات الاحتيال أكبر من ذلك، وقد تجعل المبلغ يصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
وردّت وزيرة التعليم البريطانية بريدجيت فيليبسون – Bridget Philipson على تحقيق “صنداي تايمز” بالقول: “هذه واحدة من أكبر الفضائح المالية في تاريخ التعليم الجامعي داخل المملكة المتحدة، وسيتم تكليف هيئة مكافحة الاحتيال التابعة لمكتب مجلس الوزراء ووزارة الخزانة مباشرة بالتحقيق في الاستغلال المشتبه فيه لنظام قروض الطلاب الحكومية”.
الجامعات البريطانية تعتمد على الأجانب
تعد الجامعات البريطانية من أهم المؤسسات التعليمية في العالم، لكنها بدأت تجذب عدداً أقل من الطلاب الأجانب، خصوصاُ بسبب القيود المفروضة على التأشيرات، ما يؤثر بشكل كبير على مواردها المالية.
وفي العام 2022/2023، تم تسجيل قرابة 760 ألف طالب دولي في الجامعات البريطانية، معظمهم هنود وصينيون ونيجيريون، ما يجعل المملكة المتحدة ثاني أكبر وجهة في العالم للدراسة بعد الولايات المتحدة.
وخلال السنوات الماضية، فتحت الجامعات البريطانية الباب أمام الطلاب الأجانب، إلى درجة أنها أصبحت معتمدة عليهم مالياً، وفي بعض الجامعات بات الطلاب الأجانب يمثّلون أكثر من نصف عدد الطلاب الإجمالي، كما هو الحال في جامعة الفنون بلندن حيث تصل نسبتهم إلى 55%، وجامعة كرانفيلد حيث نسبتهم 52%، بحسب تقارير حكومية.
وبهدف جذب المزيد من الطلاب الأجانب، خفّضت الكثير من الجامعات البريطانية معايير القبول الخاصّة بها، بحسب تحقيق أعدّته صحيفة “فاينانشل تايمز” العام الماضي.
اقرأ أيضاً: خطة خفض الإنفاق تشعل حرباً سياسية في بريطانيا