قضت محكمة بريطانية بالسجن 15 سنة على طالب طب بعد ارتكابه جريمة مروعة، بحق طبيبة من أصول مسلمة، قلبت آثارها حياتَها رأسا على عقب.
وسيقضي الجاني ميلاد رؤوف محكوميته، بعد أن ألقى الحمض المركز على وجه الطبيبة ريم العلوي، انتقاما منها بعد قرارها الابتعاد عنه بعد علاقة صداقة دامت لأشهر فقط.
ولم يتأخر قرار المحكمة كثيرا فبعد 4 أشهر فقط من التحقيقات والمحاكمة، اقتنعت الهيئة القضائية البريطانية بأن ما قام رؤوف فعل مجرّم ليس له أي مبرر وتم التخطيط له رغم معرفته بخطورة أفعاله.
وبعد أن كانت طبيبة رئيسية بالمستشفى الملكي في مدينة برايتون جنوب البلاد، وجدت الطبيبة نفسها غير قادرة على ممارسة عملها بسبب آثار الحمض الذي ألقي على وجهها ورقبتها.
ويأتي الحكم في سياق جدل كبير في بريطانيا حول ضرورة توفير حماية أكبر للنساء، بعد الجريمة البشعة التي اقترفها رجل شرطة بحق شابة بعد أن قام باختطافها وحرق جثتها.
أظهرت تحقيقات الشرطة أن رؤوف قام بارتداء زي للتنكر ووضع مكياجا على وجهه ونظارات شمسية، ليظهر أنه امرأة سوداء سمينة، وتوجه لمنزل ريم، وبمجرد فتحها الباب قام بإلقاء الحمض شديد التركيز، والتي كانت في السابق زميلة له بكلية الطب ثم صديقته لأشهر بعد ذلك.
وحسب هيئة المحكمة فإن ريم تعرضت لإصابات غيرت حياتها بشكل كامل، حيث لم تعد قادرة على إغلاق عينيها أو تحريك رقبتها، وأصيبت بالعمى في عينها اليمنى إضافة لتشوهات في عنقها.
وكشفت تحريات الشرطة، والتفتيش الذي قامت به لشقة الجاني بعد الحادث، عن قائمة للتسوق تضمنت الزي الذي ارتداه قبل الهجوم، وكذلك المواد التي استعملها لرشها على وجه الطبيبة.
نفس التحقيقات تظهر أن الحمض كان جد مركز لدرجة أنه أضرم النار في طلاء باب المنزل، وتفيد أن الجاني لاذ بالفرار مباشرة بعد القيام بجريمته.
وقالت المدعية العامة -التي أشرفت على التحقيقات- إن رؤوف حاول الظهور بمظهر سيدة بدينة، وبحلول وقت الهجوم كان يرتدي ملابس سوداء بالكامل وقناعا للوجه ونظارات شمسية وواقيا للوجه حتى لا يصاب بالحمض “ولم تتعرف عليه ريم العلوي أثناء الهجوم ولهذا فتحت الباب بشكل عادي”.
في بيان مؤثر قدمته الطبيبة للمحكمة، قالت إنها باتت تخشى على حياتها بعد أن سلبها رؤوف حياتها المهنية وشبابها، وكتبت في بيانها مخاطبةً الجاني بأنه عندما جاء لبابها ذلك اليوم “ألقيت علي مادة أعرف الآن أنها حمض الكبريت وكنت تعرف خطورة هذه المادة”.
وأكدت الضحية أنها منذ تعرضها للهجوم المروع تغيرت حياتها “وأعيش في ألم وخوف على مستقبلي بعد ما فقدت القدرة على العمل وأصبحت أعيش في ضائقة مالية”.
أما عن الأضرار التي خلفها الهجوم على جسمها، فقد كشفت أن الهجوم “أتلف عيني اليمنى ولم أعد قادرة على الرؤية بها، وأتلف جلد الجفون والرقبة والذراع” مضيفة أنها لم تعد قادرة على تحريك رقبتها ولا إغلاق جفون عيونها و”لقد أجريت 5 عمليات جراحية ومازال أمامي الكثير من العمليات ومسار طويل من العلاجات”.
وأضافت أنها لم تعد قادرة على الحضور للعمل ولا على ممارسة حياتها بشكل طبيعي، مخاطبة الجاني “لقد سلبت مني حياتي كطبيبة وكذلك أعز سنوات شبابي، لقد كان التأثير النفسي هائلا علي وعلى عائلتي وأحبابي”.
وبلغة غاضبة، تقول ريم إنها لا تستطيع أن تتخيل لماذا يرتكب شخص ما مثل هذا الهجوم المتعمد والفظيع “ولا أستطيع أن أفهم ما كان في ذهنه”.
وعن تفاصيل الاعتداء، قالت ريم إن رؤوف طرق الباب ومنحها ورقة لتقرأها وما إن انشغلت بالورقة حتى ألقى الحمض في وجهها وهي تنظر إلى الأسفل، ثم حاول أن يلقي ثياب الجريمة في مناطق مختلفة من المدينة قبل شراء ملابس جديدة والعودة إلى ويلز.
لتختم بالقول إنها تعيش حالة من الضياع دون عملها المعتاد “ولا أعرف إن كنت سأعود مرة أخرى إلى المهنة التي اخترتها”.
تظهر أرقام الشرطة البريطانية، حول الجرائم التي يستخدم فيها الحمض، أن الهجمات بهذه المادة الحارقة تشهد ارتفاعا ملحوظا إلى حدود سنة 2019 حيث بلغت 123 هجوما، معظمها يتم تسجيله في العاصمة لندن.
وبحسب معطيات الشرطة، فإن هذه الجرائم، في المجمل، يقوم بها شباب ضد فتيات، وغالبا ما يتم إلقاء هذه المادة الحارقة وهم فوق دراجات نارية، ويكون دائما بدافع الانتقام.