قانونان استطاعا تقسيم حزب العمال البريطاني الحاكم إلى قسمين بين مؤيد ومعارض، فلطالما كان قانون الموت الرحيم والإجهاض محط جدل في الأوساط الحكومية البريطانية والرأي العام، ومع اقتراب التصويت عليهما ازدادت حدة الخلافات.
بعد أن حصد مشروع قانون الموت الرحيم الأغلبية الساحقة في المرحلة الأولى من التصويت بفارق 55 صوتاً في نوڤمبر الماضي، قد ينقلب التصويت لضده في مرحلة القراءة الثانية بعد أنباء عن عزم 12 عضو تغيير آرائهم بهذا القانون.
وكانت قد أثارت قضية الموت الرحيم النائبة العمالية كيم ليدبيتر Kim Ledbetter بعد أن روجت لقصة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية The Guardian حول زوجين اختارا الموت الرحيم كوسيلة لإنهاء حياتهما بعد أن وصلا لعمر السبعين عاماً، وقد وصفت الصحيفة التي نقلت عنها ليدبيتر القصة بالفصل الأخير من قصة حب طويلة.
لكن يبدو أن السحر انقلب على الساحر، فبدلاً من الترويج لتأييد مشروع القانون كانت القصة السابقة طريقاً لتغيير رأي النائب العمالي بول ووف Paul Woof، إذ أكد ووف أن العديد من النواب سيغيرون رأيهم حول هذا القانون بعد أن أوضحت هذه القصة أن الزوجين لم يعانيا من أي أمراض مزمنة أو مرض عضال حتى يقوما بإنهاء حياتهما، وأشار ووف أن أحد الزوجين كان مصاب بالعمود الفقري وهذه الإصابة لا تعد ضمن الأمراض النهائية.
لم ينتهِ الجدال هنا، بل ردت ليدبيتر على النائب العمالي ووف بأنه تفادياً للوقوع في نفس الخطأ اقترحت تعديلات على الموت الرحيم ينص على إحالة اتخاذ القرار من القاضي إلى لجنة من الخبراء، كما أشارت إلى أن المعايير القانونية واضحة، في حين انتفض المعارضون للقرار مشيرين إلى إمكانية استغلال هذا التغيير في القانون في فرض حالات الإكراه أو الخطأ.
في حين يرى الدكتور جوردون ماكدونالد Gordon MacDonald، الرئيس التنفيذي لـ CNK أن تطبيق قانون الموت الرحيم سيساهم في توفير تكاليف الرعاية الصحية التي تصل إلى 59.6 مليون جنيه إسترليني أو خفض مدفوعات الإعانات، فمثلاً في كندا تحدث السياسيون عن توفير كبير في ميزانيات الرعاية الصحية الإقليمية منذ إدخال القتل الرحيم، حيث تشير بعض التقديرات إلى ما يصل إلى 500 مليون دولار من التوفير.
لكن الخوف هنا يأتي من استغلال الرعاية الصحية لهذا القانون ودفع الناس لاختيار الموت الرحيم بالإكراه أو الضغط.
والجدير بالذكر أن قانون الموت الرحيم يواجه معارضة شرسة من حزب اللوردات وعلى رأسه البارونة تاني غراي تومبسون Tani Gray Thompson التي تقود حملة لعدم إقراره.
تجريم الإجهاض
من ناحية أُخرى يواجه مجلس النواب البريطاني قانوناً آخر يعزز الانقسام والجدل وهو إلغاء قانون تجريم الإجهاض بعد 28 أسبوع من الحمل، وتقود النائبتان العماليتان ستيلا كريسي Stella Creasy و تونيا أنتونيازي Tonya Antoniazzi حملة للتعديل على قانون الإجهاض وهددت النائبتان بعرقلة مشروع قانون الجريمة والشرطة في حال لم يتم الموافقة على تعديلاتهما.
ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي أجرتها منظمة Whitestone Insight التابعة لمجموعة SPUC المؤيدة للحياة فإن أغلبية البريطانيين مع عدم إلغاء قانون تجريم الإجهاض، وبلغ عدد المؤيدين لاستمرار تجريم الإجهاض 62% سعياً لحماية الأجنة والنساء من الإكراه، بينما عارض تجريمه 17%، وتنظيماً لهذا القانون وافق 64% على اعتبار الإجهاض مسألة حياة أو موت ويجب أن يتم تنظيمه وفقاً للقانون الجنائي بينما رفض 14% إعطاء المسألة أهمية كبيرة.
وتعقيباً على النتائج السابقة قال مايكل روبنسون Michael Robinson أن النتائج تُظهر وعياً اجتماعياً لدى البريطانيين فيما يخص الإجهاض، قي حين حذرت منظمة BPAS الداعمة للتعديلات المقترحة على قانون الإجهاض أن استمرار تجريم الإجهاض المتأخر يعرض النساء لانتهاك في حقوقهن.
اقرأ أيضاً: الموت الرحيم يتلمس طريقه في انكلترا وويلز واسكتلندا
قانون الموت الرحيم
قدمت النائبة العمالي كيم ليدبيتر Kim Ledbetter مشروع قانون الموت الرحيم للمصابين بمرض عضال، وبحسب الشروط التي وضعتها فيحق لمن هم فوق 18 عاماً أن ينهوا حياتهم في حال كانوا مسجلين لدى طبيب عام لمدة 12 شهراً على الأقل، ويمتلكون القدرة العقلية على الاختيار بدون إكراه أو ضغط، ومن المتوقع أن يموتوا في غضون ستة أشهر، كما يقدمون إعلانين منفصلين، بحضور شاهدين وموقعين، حول رغبتهم في الموت، ويستطيعون إقناع طبيبين مستقلين بأنهم مؤهلون – مع وجود سبعة أيام على الأقل بين كل تقييم.
باختصار سيشهد البرلمان البريطاني بعد أسبوعين عملية تصويت على قانوني الموت الرحيم والإجهاض، وبهذا ستتكشف كل الآراء والمواقف.
اقرأ أيضاً: البرلمان البريطاني والتصويت على الانسحاب من عمليات الموت بمساعدة الغير
