نجح الكتلان “فريق برشلونة” بحصد لقبهم الثامن والعشرين من الليغا هذا الموسم، والجدير بالذكر أن تتويج برشلونة الرسمي بلقبه هذا تم تأكيده بعد الفوز بديربي المدينة الأشرس، من ملعب ندهم اللدود إسبانيول. هذا الإنجاز تحقق مرتين آخر ثلاث سنوات وحسم برشلونة لقب الليغا في ملعب إسبانيول بمناسبتين. تحقيق اللقب من ملعب إسبانيول يعد لقب إضافي بالنسبة للاعبي وجماهير برشلونة في المدينة بسبب العداوة التاريخية بين الناديين والخلفية السياسية والاجتماعية لهذا الديربي منذ مئات السنين.
يُعدّ ديربي برشلونة وإسبانيول الأكثر تكراراً في تاريخ الدوري الإسباني، حيث تمكن إسبانيول من التفوق على برشلونة في جدول الدوري ثلاث مرات فقط خلال سبعة عقود تقريباً. وفي سياق المنافسات التاريخية، حقق برشلونة لقب كأس الملك الكتالوني عام 1957، بينما يُعتبر فوز إسبانيول بنتيجة 6-0 في عام 1951 أكبر انتصار له في مواجهات الفريقين.
شهد عام 1996 صعود برشلونة إلى القمة بعد تعادله مع إسبانيول في نصف نهائي الكأس، رغم خسارته المباراة النهائية أمام أتلتيكو مدريد. وفي عام 2000، تلاشت فرصة إقامة نهائي ديربي آخر بعد خسارة برشلونة في مباراة الإياب من نصف النهائي أمام أتلتيكو مدريد مرة أخرى. احتجاجاً على كثافة المباريات التي أثرت على أداء الفريق، تمكن إسبانيول من التغلب على ريال مدريد في نصف النهائي، ثم هزم أتلتيكو في النهائي. كما حصل الفريق المعروف بـ”الباريكوس” على كأس الملك عام 2006، وتأهل إلى كأس السوبر الإسباني، حيث واجه برشلونة بطل الدوري، لكنه خسر بنتيجة 4-0 في مجموع المباراتين.
اقرأ أيضاً: ما هو السر الدفين بتمكن برشلونة من التفوق على مدريد طيلة الموسم!
في 8 يونيو 2007، حقق إسبانيول تعادلاً مثيرًا بنتيجة 2-2 ضد برشلونة في الجولة قبل الأخيرة من الدوري، مما مهد الطريق لريال مدريد للفوز بلقب الدوري الإسباني 2006-07. اشتهرت هذه المباراة باسم “تامودازو” نسبة إلى راؤول تامودو Raúl Tamudo، لاعب إسبانيول الذي سجل هدف التعادل. وفي موسم 2008-09، سجل إسبانيول فوزاً تاريخياً بنتيجة 2-1 على برشلونة في كامب نو، ليصبح أول فريق يهزم “البلوغرانا” في عقر دارهم خلال موسم حققوا فيه الثلاثية.
انتقل إسبانيول إلى ملعبه الجديد “آر سي دي إي” عام 2009، لكنه لم يتمكن من الفوز بأي ديربي فيه إلا في المباراة العاشرة بين الفريقين (ثلاث تعادلات وست هزائم)، حيث انتصر بنتيجة 1-0 في ذهاب ربع نهائي كأس الملك يوم 17 يناير 2018. إلا أن برشلونة قلب النتيجة في الإياب بفوزه 2-0، مؤكداً تفوقه في الكأس المحلية للمرة العاشرة على التوالي منذ عام 1961. وقبل ذلك بثلاث سنوات، توج برشلونة بلقب كأس الملك 2014-2015 بعد تغلبه على أتلتيك بيلباو في النهائي، هكذا تظل المنافسة بين الفريقين مليئة بالمفاجآت والإنجازات التي تترك بصمتها في تاريخ الكرة الإسبانية.
الخلفية السياسية لـ ديربي برشلونة!
مايجعل هذه المباراة أكثر أهمية ليس ما يحصل داخل الملعب بين الفريقين فقط، بل تتطرق المواجهة بين الفريقين لأمور بعيدة عن المدرجات منذ سنوات عديدة. يرغب نسبة كبيرة من سكان كتلونيا بالجصول على الحكم الذاتي والانفصال عن إسبانيا بشكل كامل ليكون إقليم كتلونيا دولة مستقلة منفصلة عن الحكم في مدريد، ويحمل علم برشلونة وشعار النادي شعارات انفصالية عديدة تميز الإقليم الكتلوني عن غيره من أقاليم المملكة الإسبانية
على مدى عقود، ارتبط نادي برشلونة ارتباطاً وثيقاً بمطالب الاستقلال الكتالوني. ففي مدرجات كامب نو، لا يتردد الجمهور برفع الشعارات المؤيدة للانفصال، فيما يصر العديد من اللاعبين والجماهير على هويتهم الكتالونية بوصفها أمراً يعلو على الهوية الإسبانية.
بالمقابل، يمثل إسبانيول النقيض السياسي والاجتماعي. فقد حافظ النادي على علاقات وثيقة مع الحكومة المركزية في مدريد والمؤسسة الملكية الإسبانية. بل إن بعض مشجعيه يتبنون الهوية الإسبانية بحماسة، وهو موقف نادر الحدوث بين أنصار الفريق الزميل في المدينة.
تعود جذور هذا الانقسام إلى مطلع القرن العشرين، عندما قرر الملك ألفونسو الثالث عشر Alfonso XIII، الشغوف بكرة القدم حديثة العهد في إسبانيا آنذاك، منح رعايته الملكية لعدد من الأندية. جاءت هذه الخطوة لتكريس شعبية اللعبة الناشئة، فحصلت الأندية المختارة على حق حمل لقب “ريال” الملكي وإضافة التاج إلى شعاراتها.
وهكذا ظهرت أندية مثل ريال مدريد وريال بيتيس، بينما قبل إسبانيول الامتياز الملكي ليصبح اسمه الرسمي “ريال كلوب ديبورتيف إسبانيول“. هذا القبول بالتكريس الملكي، في وقت ظل فيه برشلونة متمسكاً بهويته الكتالونية الخالصة، رسم حدوداً واضحة بين الناديين، تحولت مع الأيام إلى أكثر من مجرد منافسة رياضية، بل إلى تعبير عن صراع الهويات في قلب كتالونيا.
انتقلت هذه التناقضات السياسية والاجتماعية لسنوات طويلة إلى المدرجات بين الجماهير مشجعين الفريقين، لتكون مباراة الديربي بين الفريقين واحدة من أكثر المباريات التي تجمل بعداً سياسياً واجتماعياً وتتميز بنديتها وصعوبتها على كلا الفريقين أيضاً.
اقرأ أيضاً: إنتر ميلان وبرشلونة: كيف تمكن إنزاغي من إنهاء حلم الإسبان!
