مع استمرار المملكة بالاستثمار في برنامج جودة الحياة، الذي تسعى من خلاله إلى تنويع الفرص الكامنة في مجال الرياضة والثقافة والترفيه، بصفته جزءاً من رؤية 2030، كان من البديهي أن يستحوذ قطاع الأغذية والمشروبات على حصة من هذا النمو الاجتماعي والاقتصادي.
فالمطاعم والمقاهي في المملكة ليست مجرد أماكن للرفاهية غير أساسية، فهذه الأماكن تشكل جزءاً مهماً من حياة وثقافة الشعب السعودي والمقيمين الأجانب في المملكة، إضافة إلى كونها قطاعاً اقتصادياً عملاقاً تدعم عائداته الاقتصاد المحلي ويوفر عشرات الآلاف من فرص العمل.
وينتشر في المملكة العربية السعودية أكثر من 50 ألف مطعم، ونحو 100 شركة تعمل بمجال تقديم المنتجات الغذائية الجاهزة من خضار وحبوب ولحوم ودجاج وعصائر وغيرها، مستفيدين من أعداد السكن الكبير ومتوسط الدخل الجيد للفرد الذي يتجاوز 2000 دولار شهرياً، إضافة إلى ثقافة الطعام في الدولة الخليجية.
استثمارات ضخمة
وحسب بيانات وزارة الاستثمار السعودية، فإن حجم الاستثمارات بقطاع المطاعم في المملكة وصل إلى 221 مليار ريال (نحو 59 مليار دولار) مع توقعات بتحقيق نمو يصل إلى نسبة 8% في العام الجاري.
ويأتي إنفاق السعوديين على المطاعم والمقاهي في المرتبة الثانية ضمن بقية قطاعات الإنفاق مثل الأطعمة والمشروبات (غير الجاهزة) والصحة والتعليم والخدمات وغيرها، حيث يقدر إنفاقهم سنوياً على هذا القطاع بنحو 55 مليار ريال (نحو 14.6 مليار دولار)، حسب بيانات البنك المركزي السعودي للعام 2021.
وفي نوفمبر الماضي، أعلن البنك المركزي السعودي حجم الإنفاق الاستهلاكي في المملكة خلال أسبوع واحد.
وأظهرت بيانات البنك المركزي، أن السعوديين أنفقوا خلال أسبوع واحد، 8.5 مليار ريال (2.2 مليار دولار) من خلال 107.8 عمليات.
وحسب البيانات، أنفق المستهلكون في المملكة أكثر من 1.2 مليار ريال (نحو 320 مليون دولار) على الأطعمة والمشروبات، يليها الإنفاق على المقاهي والمطاعم وهو ما بلغ أيضاً 1.2 مليار ريال.
اقرأ أيضاً: أرابيسك لندن تحاور الشيف ريشي فيرما: لدى المطاعم الناجحة دائماً قصة ترويها!
نمو متسارع
وتشير كل هذه النفقات إلى كمية الأموال الكبيرة التي يتم ضخها يومياً إلى قطاع المطاعم والمقاهي في المملكة، ما يعني تحقيقها أرباحاً مهمة تدعم الاقتصاد المحلي الذي يسعى لتنويع مصادر دخله بعيداً عن النفط.
وحسب تصريحات سابقة لوليد بن ناصر رئيس لجنة المطاعم في “غرفة الرياض” وعضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للمطاعم، فإن قطاع المطاعم يسجل أعلى إيرادات في قطاع السياحة سنوياً.
وأوضح أن المطاعم تتصدر قائمة إيرادات القطاع السياحي السنوية بـ79 مليار ريـال (نحو 21 مليار دولار)، تليها قطاع النقل بـ58 مليار ريال (15.4 مليار دولار)، و31 مليار ريال (8 مليارات دولار) إيرادات الفنادق، ثم 17 مليار ريال (3.5 مليار دولار) للترفيه، ووكالات السياحة بـ57 مليار ريال (15 مليار دولار).
وينمو قطاع المطاعم في المملكة بشكل متسارع سنوياً، حيث يزيد عدد المطاعم فيها حالياً على 50 ألف مطعم ومقهى.
والعام الماضي وحده أصدرت وزارة التجارة السعودية 7322 سجلاً تجارياً في نشاطي المطاعم والمقاهي، حسب بيان للوزارة.
وأوضحت أن نصيب المطاعم من السجلات التجارية بلغ 5302 سجل، فيما استحوذت المقاهي (كوفي شوب) على 2020 سجلاً تجارياً.
وتصدرت منطقة الرياض قائمة المناطق الأكثر إصداراً لسجلات المطاعم والمقاهي، تلتها منطقة مكة المكرمة، ثم المنطقة الشرقية.
وفي دراسة نشرتها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت”، العام الماضي، أفادت بأن أنشطة المطاعم والمقاهي في المملكة ستنمو بنسبة 12.2% خلال الفترة من 2020 إلى 2025.
وذكرت الهيئة السعودية، أن القيمة المضافة لقطاع تجارة الجملة والتجزئة والإقامة والطعام بالمملكة بلغت في الربع الأول من العام الماضي 65 مليار ريال سعودي (17 مليار دولار)، مشيرة إلى أن قيمة هذا القطاع السنوية بلغت 234.4 مليار ريال (62.5 مليار دولار) في العام 2021.
ولفتت “منشآت” إلى أنه على الرغم من هبوط حصة هذا القطاع في نسبة المساهمة بالناتج المحلي الإجمالي إلى 7.8% عند تطبيق الإجراءات الاحترازية الهادفة إلى منع تفشي جائحة كورونا، فإن مساهمته قد تخطت حاجز 10% عام 2021، من بين 16.3% نسبة مساهمة القطاع غير النفطي.
وتستهدف المملكة رفع معدل المطاعم مقابل السكان ليصل إلى 3010 مطاعم لكل مليون نسمة وللمقاهي 1032 مقهى لكل مليون نسمة.
وفي أغسطس 2021، كشفت إحصاءات صادرة عن المركز الوطني السعودي للمعلومات الصناعية، أن حجم الاستثمار في صناعة المنتجات الغذائية يبلغ قرابة 87 مليار ريال (23.2 مليار دولار)، فيما تسهم في توفير أكثر من 82 ألف وظيفة.
اقرأ أيضاً: السعودية تخطط لطرح فرص استثمارية ضخمة.. ما الغاية منها؟
استثمارات أجنبية ومشتركة
واستفاد قطاع المطاعم والمقاهي بشكل خاص من المحفزات وحِزم الدعم التي قدمتها المملكة خلال فترة جائحة كورونا، إضافة إلى استفادته من البرامج التي تطلقها وزارات التجارة والزراعة والصناعة، مع تأهيل الكادر البشري الوطني للمساهمة في بناء أرضية صلبة للتطور التقني والارتقاء بمستوى الجودة.