بعد أسابيع على اجتماع “ائتلاف الراغبين” الذي رعته بريطانيا “افتراضياً” لحشد الدعم لأوكرانيا وضمّ قادة 25 دولة، تستعد المملكة المتحدة لاستضافة قمة دفاعية مع قادة الاتحاد الأوروبي، في خطوة تحمل رسائل ضمنية إلى البيت الأبيض، الذي أطلق محادثات مباشرة مع روسيا بمعزل عن أوروبا.
ومن المتوقع أن تشهد القمة الأولى من نوعها منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التوقيع على اتفاقية دفاع وأمن مشترك بين المملكة المتحدة والاتحاد، بحسب ما نقلتها صحيفة “فايننشال تايمز – Financial Times” البريطانية.
مضمون الاتفاقية
يوم الجمعة الماضي، اجتمع سفراء الاتحاد الأوروبي للتحضير للقمة المرتقبة مع بريطانيا، حيث أكد مسؤولون أوروبيون للصحيفة أن غالبية العواصم الأوروبية دعت إلى توقيع اتفاقية الدفاع والأمن المشتركة، إضافة إلى إصدار بيان أوسع نطاقاً حول القضايا الجيوسياسية.
وستسمح الاتفاقية لشركات الأسلحة البريطانية بالمشاركة في عمليات شراء أسلحة مشتركة مع الاتحاد الأوروبي، حيث اشترطت المفوضية الأوروبية توقيع الاتفاقية لمشاركة المملكة المتحدة في برنامج قروض مقترح بقيمة 150 مليار يورو، يمكن للحكومات الاستفادة منه لتمويل المشتريات العسكرية.
وبموجب البرنامج المقترح ستحصل الحكومات على قروض مدعومة من الميزانية المشتركة للاتحاد الأوروبي لتمويل المشتريات المشتركة لأسلحة حيوية مثل أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي.
ونهاية الأسبوع الماضي، اجتمعت وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز – Rachel Reeves، مع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في وارسو، حيث تم الاتفاق على طرح قضية تعميق التعاون في تمويل الدفاع مع بين المملكة المتحدة والحلفاء الأوربيين.
وبحسب مصادر دبلوماسية للصحيفة، فإن الاتحاد الأوروبي يسعى أيضاً إلى إبرام اتفاقيتين مع المملكة المتحدة، تتعلقان بالطاقة والهجرة ومصائد الأسماك.
وقالت الصحيفة إن تهديدات ترامب بعدم حماية حلفاء الناتو ومبادراته تجاه روسيا، مهدت الطريق للدول الأوروبية من أجل إعادة تسليح نفسها بشكل جماعي وزيادة إنفاقها الدفاعي.
اتفاق ألمانيا وبريطانيا
في تشرين الأول عام 2024، وقّع وزير الدفاع البريطاني جون هيلي – John Healy ونظيره الألماني بوريس بيستوريوس – Boris Pistorius اتفاقية دفاع ثنائية غير مسبوقة بين البلدين، تحت اسم ترينيتي هاوس – Trinity House، تشمل جميع المجالات العسكرية الجوية والبرية والبحرية والسيبرانية، وتطوير الصواريخ المشتركة، والتدريبات في منطقة البلطيق.
وتسمح الاتفاقية بتطوير أسلحة هجومية بعيدة المدى يمكنها أن تطال أهدافاً أبعد من تلك التي تطولها صواريخ ستورم شادو البريطانية، وبموجب الاتفاق أيضاً، سيتم إنشاء مصنع لإنتاج مدافع من الفولاذ البريطاني.
وحول الاتفاقية، قال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي إنها تمثل نقطة تحول في العلاقات مع ألمانيا وتعزز بشكل كبير أمن أوروبا.
ترامب بدأ الحرب
تأتي التحركات الأوروبية – البريطانية الأخيرة على وقع الخطوات التصعيدية من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب – Donald Trump، بداية من التفاوض مع روسيا على حساب أوكرانيا، ثم الرسوم الجمركية التي لم تستثنِ الدول الأوروبية، ما أثار تكهنات حول ما يخفيه ترامب تجاه الأوروبيين.
وفي هذا السياق وجّهت صحيفة “نيويورك تايمز – New York Times” الأميركية انتقادات لاذعة للطريقة التي يتعامل بها دونالد ترامب مع حلفاء بلاده التقليديين في أوروبا ووصفتها بأنها “فظّة”.
وكتب ستيفن إيرلانغر – Stephen Erlanger، كبير مراسلي الصحيفة الدبلوماسيين في أوروبا، عن وجود جدل متزايد حول مدى عمق العداء الذي يضمره ترامب للحلفاء الأوروبيين، وإذا ما كان هدفه الحقيقي هو القضاء على الاتحاد الأوروبي.
وأعاد الكاتب إلى الذاكرة أن ترامب كان قد وصف الاتحاد الأوروبي، في ولايته الأولى، بالعدو الذي أُنشئ لإلحاق الأذى بالولايات المتحدة في مجال التجارة.
وبين الرسوم الجمركية من جهة والتفاوض مع روسيا من جهة ثانية، يبدو أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يسيران بخطا ثابتة نحو تعزيز التعاون العسكري المشترك لمواجهة التحركات الأميركية التصعيدية، فهل أعطت قرارات ترامب الأخيرة عوامل قوة للدول الأوروبية لتعزيز قدراتها الدفاعية؟
اقرأ أيضاً: رسالة أوروبية – بريطانية مزدوجة لإيران والولايات المتحدة!