ما سرّ عودة الحيتان الحدباء إلى سواحل بريطانيا؟
تابعونا على:

منوعات

ما سرّ عودة الحيتان الحدباء إلى سواحل بريطانيا؟

نشر

في

2 مشاهدة

ما سرّ عودة الحيتان الحدباء إلى سواحل بريطانيا؟

كم هو جميل رؤية حوت ضخم يضرب الماء بذيله، في عرض مذهل يظهر عظمة المحيط، ففي الأيام القليلة الأولى من عام 2025، تم رصد أحد الحيتان الحدباء يسبح بمياه ساحل ساسكس، من هاستينغز إلى إيستبورن، وقد كان أولئك المحظوظون الذين شهدوا هذه اللحظات السحرية على موعد مع تجرِبة نادرة، إذ تعد مشاهدات هذه الكائنات العملاقة على طول القناة الإنجليزية الشرقية أمراً غير شائع، لأن زياراتهم كانت تقتصر على جَنُوب غرب إنجلترا، خاصة خلال أشهر الشتاء، إلا أن هذا الشتاء شهد زيادة ملحوظة في عدد الحيتان الأثقل وزناً، التي تصل إلى 30 طناً وطولها 15 متراً، حيث رُصِدت في مناطق متعددة من كينت إلى جزر سيلي.

وفي السنوات الأخيرة، أصبحت مشاهدات الحيتان الحدباء في المملكة المتحدة شائعة، ويرى الخبراء أن هذا الأمر قد يعود إلى تعافي أعدادها بعد حظر صيد الحيتان التجاري في عام 1986، هذا التعافي سمح لهذا النوع بالتوسع في نطاقه، حيث بدأت بعض الحيتان في استكشاف مناطق جديدة للتكاثر والتغذية، مبتعدة عن المنافسة مع الذكور الكبيرة والمستقرة.

تشير نظرية أخرى إلى أن تغير المناخ يدفع الحيتان الحدباء للسفر لمسافات أطول بحثاً عن مياه غنية بالتغذية، حيث تؤثر الظروف المتغيرة على توفر أنواع فرائسها مثل الكريل والرنجة، إذ تتغذى الحيتان الحدباء عن طريق الترشيح، ما يتيح لها التقاط كميات هائلة من العوالق والقشريات الصغيرة والأسماك.

ورغم أن الأسباب الدقيقة لهذه التحولات لا تزل غير واضحة، فإن الطبيعة المتنقلة والمهاجرة لهذه الثدييات تجعل جمع البيانات حول سلوكها وبيئتها أمراً معقداً، ومع ذلك، ما نعرفه هو أن الحيتان الحدباء تعيش في المحيطات حول العالم، وتقوم ببعض من أكثر الهجرات إثارة للإعجاب في مملكة الحيوان، من مناطق التغذية القطبية إلى مواقع التكاثر الاستوائية، تقطع هذه الكائنات المسافات الشاسعة، ما يظهر قدرتها المذهلة على التحمل والتكيف مع التغيرات البيئية.

اقرأ أيضاً: 9 مدن ساحلية بالقرب من لندن وكأنها مقتطعة من قصة خيالية.. تعرف عليها

ما سرّ عودة الحيتان الحدباء إلى سواحل بريطانيا؟

وتعليقاً على ذلك، أكد مرشد الحياة البرية كارل تشابمان إلى أن أحد الصيادين رصد حوتاً أحدباً قبالة ساحل شرق إنجلترا في أواخر العام الماضي، إلى جانب تجمع كبير من الحيتان المنك، التي جذبتها وفرة غير عادية من سمك الرنجة، ويعتقد تشابمان أن ارتفاع درجات حرارة المياه قد أسهم في دفع الفرائس نحو الشمال، ما أدى إلى زيادة عدد الحيتان حول سواحل بريطانيا.

من جانبها، حذرت روث ويليامز، رئيسة قسم الحفاظ على البيئة البحرية في مؤسسة الحياة البرية، مراقبي الحيتان من الاقتراب منها في القوارب، مشددة على أهمية منح الحيتان المساحة التي تحتاجها، وقالت: “قد تكون هذه الحيتان معرضة للخطر وتبحث عن الطعام، لذا ينبغي لأصحاب القوارب احترام مساحتها”.

أما إميلي كوبر، مسؤولة التواصل العلمي في جمعية الحفاظ على المحيطات، أفادت بأنّ رؤية حوت أحدب يقفز من الماء تثير الحماس، لكن هناك أسباب جدية وراء زيادة عدد الحيتان، فقد واجهت الحياة البحرية ضغوطاً هائلة، مثل الوقوع في شباك الصيد “الشبح” وزيادة التلوث الضوضائي، ما يمكن أن يؤثر على سلوكات الحيتان.

وتتزايد المخاوف بشأن الحيتان الحدباء التي تسلك طرق الهجرة شرقاً حول بريطانيا، حيث عليها عبور ممرات الشحن المزدحمة ومزارع الرياح ومنشآت كابلات الطاقة الجديدة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تشتيت انتباهها أو حدوث اصطدامات، كما يثير ظهور الحيتان الحدباء قبالة سواحل كينت قلقاً بشأن تأثير كابلات الكهرباء البحرية الجديدة على الثدييات البحرية.

اقرأ أيضاً: لماذا يموت البجع في قناة لندن الآن؟

ما سرّ عودة الحيتان الحدباء إلى سواحل بريطانيا؟

إيما والر، مسؤولة التخطيط والسياسات في Kent Wildlife Trust، أشارت إلى أن مشروع “Sea Link” الذي يخطط لتثبيت كابل تحت الماء بين كينت وسافوك لم يقم بأبحاث كافية عن تأثيره على الحيتان والفقمات، ولفتت إلى أن هبوط الكابل في خليج بيغويل قد يشتت النظم البيئية البحرية.

وقالت والر: “تؤكد هذه المشاهدات على ضرورة أن تأخذ المشروعات البحرية الكبرى مثل Sea Link في اعتبارها التأثيرات المحتملة على الثدييات البحرية، إن الطاقة المتجددة ضرورية، لكن لا ينبغي أن تأتي على حساب الحياة البرية عندما تتوفر خيارات بديلة”، مؤكدةً على الحاجة لمراجعة معايير المسوحات البيئية لفهم التأثيرات والتداعيات المحتملة لهذه المشروعات.

ختاماً، تلعب الحيتان الحدباء، باعتبارها نوع مهاجر، دوراً محورياً في النظام البيئي البحري، فرحلاتها الملحمية ليست تنقلات فحسب، بل هي عملية حيوية لنقل العناصر الغذائية من مناطق التغذية الغنية بالمغذيات في الشمال إلى المياه الجنوبية ذات الإنتاجية الأقل، وهذا التنقل يساهم في إثراء النظم البيئية ويعزز التنوع البيولوجي، لذلك، فإن حماية مسارات هجرتها تعد أمراً مهماً للحفاظ على صحة محيطاتنا وضمان مستقبل هذا النوع المميز.

اقرأ أيضاً: لعشاق البرية: تعرف على أهم المحميات الطبيعية الموجودة في بريطانيا

X