تحتل قطر
مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية التي تهتم بمستوى التعليم والثقافة، إذ ينبع
اهتمام الدولة من إيمانها العميق بالدور العظيم الذي يلعبه الوعي بالتاريخ
والحضارة في بناء واقع الفرد وتشكيل مستقبله، ولذلك تحرص على الاهتمام بتشييد قصور
الثقافة في بناءات تعكس الحضارة وتواكب العصر الحديث وتستشرف مستقبل جديد، ويأتي
متحف قطر الوطني المقرر افتتاحه في 28 مارس من العام الجاري ليعكس صورة نقية
لتاريخ قطر وواقعها وملامح مستقبلها.
تشيد قطر متحفها الوطني على شاطئ الخليج العربي، حول القصر القديم للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني (1880-1957)، نجل مؤسس قطر، حيث كان منزل العائلة ومقر الحكومة خلال ربع قرن من الزمان، ثم تحول إلى متحف قطر الوطني القديم، كما يعود بنا المتحف إلى أكثر من 700 مليون عام ليروي فصول قصة قطر وشعبها، حيث يمنح قطر صوتًا للتعريف بتراثها الثري وثقافتها الغنية والتعبير عن طموحات شعبها المستقبلية المليئة بالآمال والتطلعات.
متحف قطر الوطني على شكل زهرة “قحوف الرمل”
ينسجم تصميم المتحف للمهندس المعماري
الفرنسي جان نوفيل مع جغرافية دولة قطر ويستحضر تاريخها وثقافتها، وجاء على شكل
وردة الصحراء أو ما تسمى “قحوف الرمل”، إذ يقول نوفيل: “ومن هذه
الوردة، استلهمت فكرة تصميم المتحف، بأقراصه المنحنية وتقاطعاته وزواياه الناتئة،
ليكون معبرًا عن معنى الشمول على المستوى العام، ويقدم في الوقت نفسه تجارب
معمارية ومكانية وحسية على المستوى الفردي”.
من جانبها، قالت مديرة متحف قطر الوطني، الشيخة آمنة بنت عبدالعزيز آل ثاني، إن المتحف الوطني سيوفر لزواره تجربة متحفية لا نظير لها بفضل رؤيته وأسلوب تطويره اللذين يراعيان احتياجات الجمهور في المقام الأول، فهذا متحف يروي قصة قطر وينقلها إلى الناس بأسلوب مبتكر ومتكامل وتفاعلي، كما وضحت أن المحاور الرئيسية لرؤية المتحف توفر فرصاً للتعلّم أمام الجميع عبر البرامج والأنشطة التفاعلية والمعارض بموضوعاتها المختلفة.
أعمال فنية مبتكرة ومقتنيات نادرة.. أبرز محتويات المتحف
يحتوي متحف قطر الوطني الذي يقع على مساحة 40
ألف متر مربع ثلاثة أقسام وهي: البدايات،
والحياة في قطر، وبناء الأمة، إذ تعرض محتويات هذه الأقسام في 11 صالة عرض، وينطلق
الزائر في رحلة زمنية يقطع خلالها مسافة 2.7 كليو متر يبدأها مع الحقبة الجيولوجية
قبل استيطان الجزيرة العربية، ثم ينتقل من محطة إلى أخرى عبر التاريخ وصولاً إلى
وقتنا الحالي، مستكشفا على طول الطريق محتويات مدهشة حتى يصل إلى درة تاج المتحف،
وهي قصر الشيخ عبدالله الذي يمثل جوهر الهوية القطرية الوطنية.
وتتنوع المحتويات بين المرويات التاريخية
والصور الأرشيفية والأعمال الفنية وسماع الحكايات والروائح المرتبطة بالذكريات،
التي تمنح الزائر تجربة حسية عميقة تجعله يندمج مع مجموعة مذهلة من المقتنيات
الأثرية والتراثية، مثل سجادة بارودة الشهيرة المصنوعة من اللؤلؤ والتي أُمرَ
بتصميمها في عام 1865 والمطرزة بأكثر من
1.5 مليون لؤلؤة خليجية عالية الجودة ومزينة بالزمرد والماس والياقوت، إلى جانب
المخطوطات والوثائق والصور والجواهر والأزياء.
وتشمل الأعمال الفنية المصنوعة خصيصاً للعرض
في متحف قطر الوطني، عملاً للفنان القطري علي حسن في المدخل العام بالطابق الأرضي،
وعملاً آخر للفنان القطري الشيخ حسن بن محمد بن علي آل ثاني ويُعرض هذا العمل في
مدخل صالات العرض، ومنحوتة للفنان العراقي أحمد البحراني تُوجد في الساحة الخارجية
أو ما يُعرف بالحوش.
ومن الأعمال الفنية المصممة خصيصًا للعرض في
حديقة المتحف، عمل للفنان الفرنسي جان ميشيل أوثونيل يقدم فيه 114 نافورة فردية
داخل بحيرة، وقد صُمِمت النوافير على نحو يحاكي أشكال الخط العربي برشاقته
المعهودة، هذا إلى جانب منحوتة للفنان السوري سيمون فتال بعنوان “بوابات
البحر” وفيها يستلهم النقوش الصخرية المكتشفة بموقع الجساسية في قطر.