بعد غزو الذكاء الاصطناعي لمختلف مناحي الحياة البشرية بما فيها المجال الطبي هل يمكن له أن يحل مكان المعالجين والأطباء النفسيين كما حل مكانهم في بعض الأعمال الجراحية، فقد اتفق الخبراء وأنه على الرغم من قدرة شات جي بي تي -ChatGPT على توفير التثقيف النفسي والتنظيم إلا أنه لا يمكن له أن يحل محل العلاج البشري بشكل عميق وفعال وأن يعطي نفس النتائج.
ChatGPT بمواجهة العلاج النفسي
يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الناس في العثور على إرشادات لكتابة مذكراتهم، أو حتى لممارسة تمارين اليقظة الذهنية والبحث عن موارد لتحسين العلاج. لكن يجب أن يجري استخدامه مع المعالج النفسي وليس بدلاً منه. ففي أفضل حالاته يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة توفر راحة مؤقتة للناس وتساعدهم على التعبير عن مشاعرهم وتشجعهم على طلب الدعم المهني.
لكن حسب الخبير فوكس ويبر – Fox Weber فإن الضعف البشري يستحق أكثر من مجرد خوارزمية. فلن يكون الذكاء الاصطناعي حلاً لازمة الصحة النفسية في بريطانيا، أو لتدهور خدماتها ولن يكون علاجاً للوحدة، أو حتى بديلاً عن التطور الإنساني. حيث تقر الدكتورة كيت باليستريري – Kate Balestrieri المعالجة النفسية ومؤسسة ” مودرن إنتيماسي” – Modern Intimacy في بريطانيا بأن الذكاء الاصطناعي يمكن له أن يكون مفيد كنقطة انطلاق للتأمل الذاتي، لكنها تحذر من مخاطر الإفراط في الاعتماد عليه حيث يفتقر إلى تعقيد التفاعل البشري، حيث أن التفاعل البشري يعتمد على العلاج على التعاطف، والتناغم، والمراقبة السلوكية الحيوية والتزامن وهي أمور لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقليدها حيث أنه لا يستطيع تشخيص الحالات بدقة أو التدخل في الأزمات.
وقد أثارت مسؤولة شركة الذكاء الاصطناعي الامريكية أوبن إيه آي – OpenAI انتقادات كبيرة لقولها أن chatgpt يمكن أن يكون معالجاً نفسياً، وفي مقال لها على منصة إكس -x كتبت ليليان ونغ – Lillian Wong المسؤولة عن المسائل الأمنية في الذكاء الاصطناعي أنها أجرت محادثة مع الذكاء الاصطناعي عبر الصوت حول التوتر والتوازن بين العمل والحياة وقالت أنها شعرت بالاستمتاع والراحة، فانتقدها خبراء الصحة العقلية الذين أكدوا أن العلاج النفسي هو عمل معقد يتطلب مهارات وتدريب خاصين ولا يمكن أن يحل محله روبوت آلي للدردشة.
حيث قال الدكتور ديفيد شو – David Shaw من جامعة بازل السويسرية- University of Basel, Switzerland أن نتائج الروبوتات سيئة ولم يبلغ أي من المشاركين بغباء روبوت الدردشة وأضاف أن العلاج النفسي هو عملية معقدة تتطلب علاقة بين المريض والمعالج وهذ لا توفره روبوتات الدردشة.
اقرأ أيضاً: هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على وظائف البريطانيين؟
الوعي الذهني للذكاء الاصطناعي
في تجربة لبعض مستخدمي الذكاء في بريطانيا حول مدى الوعي الذهني له قالوا إنه ليس معالج نفسي حقيقي فهو يعطيك الحلول لكنه غير قادر على أن يشعر بك. فهو ليس إنساناً يبقيك في ذهنه بدفء، فقد مال الكثيرون لاعتبار شات جي بي تي كمعالج نفسي، على سبيل المثال قد صرحت جوليا – Julia لصحيفة الإندبيندنت – The Independent أنها جربت الذكاء الصناعي وأعطته لمحة عامة عن حياتها وطلبت منه الرد بالطريقة التي قد يستجيب بها المعالج النفسي، لتقول أنها فوجئت بجودة الإجابات وشعرت وكأنها تتحدث مع معالجها النفسي ولكنه لم يشجعها على اتخاذ القرارات بل ساعدها على تقييم الإيجابيات والسلبيات.
ويشير فوكس ويبر – Fox Weber أن العلاج الحقيقي يزدهر بما لا يقال، أي ما بين ما يقال وما يشعر به، والروبوتات لا يمكنها أن تستوعب الألم فلا بمكن للذكاء الاصطناعي معالجة الأزمات النفسية الحادة لأنه لا يستطيع إدارة الشدة العاطفية أو المساعدة في استقرار صراعات الهوية.
ففي حال استشاره شخص مصاب بالفصام فإنه لن يميز بين السؤال الحقيقي والمعقد الوهمي، فربما يستشيره شخص يعاني من أفكار انتحارية، فروبوت الدردشة غير مجهز للكشف عن الازمات في الوقت الفعلي فهو يفتقر للمسؤولية القانونية العاطفية وهذا ما يشكل خطر حقيقي.
اقرأ أيضاً: مواجهة الذكاء الاصطناعي لعام 2024.. هل يمكن لـ Google Bard الإطاحة بـ ChatGPT؟
شات جي بي تي والصحة العقلية.
يمكن لروبوتات الدردشة أن تكون مفيدة للصحة العقلية وليس علاجاً لها، فيمكن للChatGpt أن يساعد الناس على فهم مشاعرهم وسلوكياتهم بشكل أفصل والتعرف على الأنماط السلبية في تفكيرهم وسلوكهم وتطوير مهارات التأقلم مع التوتر والقلق وليس التعاطي معه معها أو حلها.
ختاماً، من المهم أن نضع في اعتبارنا أن شات جي بي تي هو مجرد أداة ولا يمكن له أن يحل محل أي نشاط بشري حسي عاطفي معتمد على التفاعلات البشرية لاسيما محل المعالج النفسي المختص والمؤهل.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي في التعليم يشغل الحكومة البريطانية