يبدو أن الأسر البريطانية ستشهد انخفاضاً في عدد أفرادها خلال المستقبل القريب، نتيجة توجه النساء إلى تبني فكرة تأخير الإنجاب حتى عمر متقدم، وكذلك إنجاب عدد أقل من الأبناء، رغم المخاطر التي تحيط بإمكانية حصولهن على أطفال في سن متأخرة.
وبحسب المكتب الوطني للإحصاء في المملكة المتحدة فإن الفتيات اللواتي سيبلغن 18 عاماً خلال العام الحالي، من المرجح أن ينجبن طفلاً واحداً في المتوسط، عندما يبلغن سن 35 عاماً، بعكس جيل أمهاتهن اللاتي أنجبن في المتوسط طفلاً واحداً في عمر 31 عاماً.
وخلال هذه الفترة سيكون معدل الإنجاب لكل سيدة 1.52 طفلاً، بينما كان معدل الإنجاب في جيل أمهاتهن 1.95 طفلاً لكل امرأة، في حين كان المعدل 2.04 في جيل جداتهن.
ما هي الأسباب؟
رأت الخبيرة كيري غادسدون – Kerry Gadsdon، من المكتب الوطني البريطاني للإحصاء أن هذا التوجه يرجع إلى الضغوط المالية وضغوطات الحياة المتلاحقة. وقالت: “التعرف على شريك مناسب والانتقال إلى منزل مستقل وتكوين أسرة، أصبحت كلها أمور يحققها الإنسان في وقت متأخر من العمر”.
ووفقاً لمؤشر “هولوجيك- Hologic” العالمي لصحة المرأة، وهو عبارة عن مسح سنوي لمعرفة مستوى رفاهية الإناث حول العالم، تبيّن أن النساء البريطانيات هن الأشد تعاسة وتوتراً بالمقارنة مع نظيراتهن في دول الاتحاد الأوروبي.
وكشف تقرير المكتب الوطني للإحصاء أنماط الخصوبة للنساء من مواليد عام 1978، إلى جانب أنماط أمهاتهن اللاتي وُلدن تقريباً عام 1951، وتوقعات حول جيل بناتهن اللاتي يُقدّر أنهنّ وُلدن عام 2007 وسيبلغن 18 عاماً هذه السنة.
ووفق تلك المعطيات فإن النساء اللاتي وُلدن عام 1978 أنجبن طفلاً واحداً لكل سيدة لدى بلوغهن سن 31 عاماً، بينما في جيل أمهاتهن، فقد أنجبت الواحدة منهن طفلاً عندما كنّ يبلغن 26 عاماً.
وإذا ما استمر هذا التوجه لدى السيدات في بريطانيا، فإن المكتب الوطني للإحصاء يرجح أن يكون لدى النساء اللاتي وُلدن عام 2007، طفلاً واحداً لكل سيدة عند بلوغهن عمر 35 عاماً، كما من المتوقع أن تُنجب الفتاة التي ولدت عام 2025 طفلاً واحداً عند بلوغها 36 عاماً.
وخلال المئة عام الماضية، كانت النساء اللاتي وُلدن في الفترة بين 1934 و1935 في إنجلترا وويلز قادرات على تكوين أسرة بمتوسط عدد أفراد هو الأكبر نسبياً، حيث كان متوسط الإنجاب لديهن 2.42 طفلاً لكل امرأة.
ويشير المكتب إلى أن الانخفاض المطرد بمعدل الإنجاب بدأ في أوائل الثمانينيات، حيث بلغ 1.80 طفلاً لكل سيدة من النساء اللاتي وُلدن عام 1990، و1.54 طفلاً لكل امرأة ولدت عام 2000، و1.52 لكل سيدة ولدت عام 2007 وستبلغ 18 عاماً حالياً، بينما سيصل المعدل إلى 1.46 لكل سيدة من الفتيات اللاتي وُلدن هذا العام.
مخاطر الإنجاب المتأخر
قال المكتب الوطني للإحصاء أن عام 2023 شهد ولادة 591,072 طفلًا فقط، وهو ما يعدّ أقل معدل للإنجاب في بريطانيا منذ العام 1977، بانخفاض أكثر من 14 ألف طفل عن العام الذي سبقه.
وحول التأخر في الإنجاب، أكدت الأبحاث أن الحمل في سن متأخرة يزيد من مخاطر حدوث مضاعفات أثناء الحمل والولادة، كما سيواجه عدداً أكبر من النساء في أواخر سن الثلاثينيات صعوبات في الحمل، أكثر من النساء اللاتي في أواخر العشرينيات أو أوائل الثلاثينيات.
ولا تتعلق الإحصائيات التي كشفها مكتب الإحصاء البريطاني بأفكار السيدات وتوجهاتهن حول السن المخصص للإنجاب فقط، وإنما بالمخاطر الناجمة عن فكرة الإنجاب في سن متأخرة وهو ما يُنذر بمخاطر عديدة قد تؤدي إلى عدم القدرة على الإنجاب أصلاً، مما يعني أزمة كُبرى للأسر البريطانية في المستقبل.
اقرأ أيضاً: “معجزة سريالية” في بريطانيا.. ولادة أول طفلة من عملية زراعة رحم!