رغم أن الرسوم الجمركية واسعة النطاق التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب – Donald Trump، على معظم دول العالم، تُنذر بحدوث صدمات سلبية في أسواق التجارة العالمية، إلا أن بوادر إيجابية طفت على السطح في المملكة المتحدة، من خلال منح ميزة تنافسية للصادرات البريطانية قد تحمي الاقتصاد من أسوأ تبعات حرب ترامب التجارية.
وكان ترامب قد فرض رسوماً جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات البريطانية إلى الولايات المتحدة وهي النسبة الأدنى بين الدول التي شملتها الرسوم الأميركية، في خطوة هزّت الأسواق الاقتصادية حول العالم.
وبعد الإعلان الأميركي الذي أسماه ترامب “يوم التحرير”، أعلنت الحكومة البريطانية إجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن اتفاقية تجارية تستهدف خفض الرسوم الأساسية البالغة 10% أو خفض الرسوم البالغة 25% على الصلب والسيارات البريطانية إلى 10%.
وتشمل الخيارات المطروحة في المناقشات بين الطرفين إسقاط الرسوم الجمركية البريطانية على المنتجات الزراعية الأميركية، وإلغاء ضريبة الخدمات الرقمية على شركات التكنولوجيا الأميركية والاتفاق على لوائح جديدة بخصوص التكنولوجيا.
وحول الاتفاق المتوقع بين لندن وواشنطن، أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر – Keir Starmer، أن بلاده لن تبرم صفقة مع الولايات المتحدة إذا لم تكن في مصلحتها الوطنية.
وقال ستارمر إن الرسوم الجمركية الأميركية تشكّل تحدياً كبيراً للمستقبل كما أن التبعات الاقتصادية العالمية لها ستكون عميقة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن “الحرب التجارية” لا رابح فيها.
اقرأ أيضاً: بعد انسحاب ترامب.. بريطانيا تتحالف مع الصين!
فوائد لبريطانيا
وتجعل الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة 10% من المملكة المتحدة أكبر مُصدّر للسلع في العالم ويحظى بأدنى نسبة رسوم، فيما تواجه الصين رسوماً جمركية تصل نسبتها إلى 34% لحد تاريخ اليوم، بينما تعرّضت دول الاتحاد الأوروبي لرسوم جمركية بنسبة 20%.
وأمام هذا الواقع، كشفت وكالة بلومبيرغ – Bloomberg أن المملكة المتحدة من بين الدول التي تتمتع بوضع اقتصادي أفضل عالمياً بعد قرارات ترامب الأخيرة، إذ يمنح انخفاض الرسوم الجمركية المصنعين البريطانيين ميزة تنافسية
وفي هذا السياق قال ديفيد وين – David Wayne، المدير الإداري لشركة كون ميك – ConMech البريطانية المتخصصة في هندسة الصلب لراديو “بي بي سي – BBC”: إنه ورغم القلق الذي تسببت به الرسوم الجمركية على عدة صناعات مقلقاً، فإن ما جرى يمثّل فرصة لمنتجات الشركات البريطانية، لأنها ستكون أرخص من منتجات المنافسين الأجانب في الولايات المتحدة.
وأضاف: “يجب أن نكون في الواقع أكثر قدرة على المنافسة في السوق الأميركية مما كنا عليه منذ عدة سنوات. يريد ترامب بناء صناعة أميركية محلية، ولكن ذلك سيستغرق بعض الوقت وستظل الولايات المتحدة بحاجة إلى الواردات البريطانية”.
إلى ذلك أكد آلان وينترز –Alan Winters، الخبير التجاري والأستاذ الفخري في جامعة ساسكس – Sussex، إن التأثير المباشر للتعريفات الجمركية على المملكة المتحدة سيكون ضئيلاً؛ وقال: “إذا ضرب أحد منافسيك منافساً آخر بقوة أكبر من ضربه لك، فإنك تحصل على ميزة تنافسية. إذا توصلنا لاتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة، فقد تزداد مكاسبنا”.
وحول تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد البريطاني، قدّر مركز “ساسكس” لسياسة التجارة الشاملة، أن تشهد المملكة المتحدة خسائر متواضعة بنسبة تتراوح بين 0.1% و0.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي حال تمكنت المملكة المتحدة من التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، فإن الاقتصاد سيحقق مكاسب إيجابية بنسبة 0.1%، بينما ستعاني الولايات المتحدة أكثر من أيّ دولة أخرى من إجراءاتها الخاصّة.
ركود محتمل
توقعت بلومبيرغ أن يلجأ بنك إنجلترا إلى خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام الحالي، بعد توقعها تخفيضين فقط في السابق، وجاء التوقعات الجديدة بعد فرض ترامب الرسوم الجمركية على المملكة المتحدة.
بالمقابل، حذّر صندوق النقد الدولي من خطر كبير على الاقتصاد العالمي، وسط مخاوف عالمية من ركود عام ناجم عن الصدمات التجارية أو حالة عدم اليقين المستمرة بعد رسوم ترامب الجمركية.
ورغم الحديث الأميركي الرسمي عن فوائد كبيرة للولايات المتحدة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، إلا أن توقعات دولية عديدة حذّرت من حدوث ركود عالمي في الأسواق التجارية، فهل تكون بريطانيا أبرز الرابحين من “حرب” ترامب التجارية؟
اقرأ أيضاً: قواعد بريطانيا المالية تواجه “حرب” ترامب التجارية!