برزت بوادر اندلاع حرب جديدة في منطقة الجنوب الليبي؛ بين قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بعدما أطلقت وزارة الدفاع في طرابلس عملية عسكرية جديدة باسم “الأمل الموعود” لمواجهة قوات حفتر التي هاجمت القوة الثالثة التابعة للحكومة، مدّعية تعقب عناصر تنظيم الدولة في الجنوب.
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع، العميد محمد الغصري، أن العملية العسكرية انطلقت فعليا مساء السبت؛ بهدف محاربة مجموعة من مسلحي تنظيم الدولة، وقوات اللواء 12 التابعة لحفتر بقيادة محمد بن نائل.
وأوضح الغصري أن الوزارة شكلت غرفة مشتركة من عدة كتائب تابعة للمجلس الرئاسي؛ هي القوة الثالثة، والكتيبة 16، والكتيبة 45 مشاة، لتحرير قاعدة براك الجوية (جنوبا)، والتي تسيطر عليها قوات حفتر حاليا.
وأطلق حفتر نهاية الشهر الماضي عملية عسكرية مكونة من ست كتائب، حملت اسم “الرمال المتحركة”، بهدف “تحرير” منطقة الجنوب الليبي بالكامل ممن أسماهم “المليشيات المسلحة”.
وأثارت هذه الأحداث بين حفتر والمجلس الرئاسي عدة تساؤلات حول مدى نجاح عملية “الأمل الموعود” في مجابهة قوات حفتر وقتال عناصر تنظيم الدولة.. وهل ستتكرر نفس تجربة “البنيان المرصوص” في سرت الساحلية، التي نجحت في القضاء على التنظيم؟ وهل بدأت الحكومة في المواجهة العلنية لحفتر عسكريا؟
حفتر السبب
من جهته؛ أكد الناشط السياسي في الجنوب الليبي، علي سعيد نصر، أنه “حسب المعطيات على الأرض؛ فسوف تنجح عملية الأمل الموعود في هزيمة حفتر؛ لأن كتائب المجلس الرئاسي تحظى بدعم حكومة الوفاق، وقوات البنيان المرصوص التي تجيد الحروب أكثر من قوات حفتر”.
وقال نصر إن “حفتر هو من فرض على حكومة الوفاق المواجهة، والتي تعد أول مواجهة حقيقية معه منذ توقيع الاتفاق السياسي الليبي في 2015”.
ورأى الناشط السياسي في بنغازي، فرج فركاش، أن استدعاء اسم “داعش” (تنظيم الدولة) في بيان عملية “الأمل الموعود” قد يوحي بتدخل أمريكي عسكري آخر، “وهذا من شأنه تأزيم الوضع أكثر”.
وأضاف فركاش أن “سكان الجنوب هم المتضرر الأول من هذه المواجهة، وأي حلول غير الحلول السلمية سيؤدي إلى اتساع رقعة الحرب؛ بسبب خصوصية الجنوب وتركيبته القبلية”.
أين الدعم؟
وطالب مساعد مدير مكتب الناطق الإعلامي بوزارة الدفاع، أبو بكر المسلاتي، بضرورة دعم “الأمل الموعود” من قبل الحكومة، و”عدم التلاعب بها لأية أغراض”، مؤكدا أنها “في حال حظيت بهذا الدعم؛ فستكون عملية ناجحة وسهلة، وتحقق أهدافها في زمن بسيط” وفق تقديره.
واستبعد المسلاتي وقوع حرب أهلية في منطقة الجنوب الليبي، لرفض أهل الجنوب ذلك ومنعه، خوفا من تعرضهم لظروف معيشية صعبة جربوها خلال الهجوم على قاعدة تمنهنت من قبل حفتر.
محاولة يائسة
من جهته؛ قال المحامي الليبي المقرب من معسكر حفتر، عصام التاجوري، إن “هناك رفضا في الغرب الليبي، وخاصة مدينة مصراتة، لهذه العملية التي أطلقتها الحكومة”، مؤكدا أن “مصادر من داخل المدينة أبلغته برفضها التام للعملية، وأن هناك محاولات يائسة لبدء العملية وإقناع بعض قادة التشكيلات العسكرية في مصراتة بها، إلا أن الرفض سيد الموقف” على حد تعبيره.
وأضاف أن “مصادره في الغرب الليبي أكدت له أن العملية ما هي إلا فتنة بين الليبيين، وأنه في حال رفضها الجنوب الليبي فإن ذلك سيكون قتلا للفتنة في مهدها”.
ولكن المحلل السياسي في الزاوية غرب طرابلس، أسامة كعبار، أكد أن “عملية الرئاسي العسكرية في الجنوب ستنجح مثلما نجحت عملية البنيان المرصوص؛ لأنها انطلقت تحت مظلة الشرعية، وبمشاركة عدة قوى ثورية، ولعدم وجود حاضنة اجتماعية في الجنوب لحفتر أو داعش” على حد قوله.
وأوضح كعبار أن “رئيس الحكومة فائز السراج ومجلسه الرئاسي؛ أصبح لديهم توجه أكثر وضوحا منذ خطاب السراج الأخير في جامعة الدول العربية، وأن مواقفهم الأخيرة جيدة وتصب في مصلحة الوطن”.
ورأى الناشط الحقوقي من الجنوب الليبي، طاهر النغنوغي، أن “المواجهة بين حكومة الوفاق وقوات حفتر ينظر إليها على أنها نقطة إثبات وجود للغرب أو الشرق في الجنوب الليبي، كون الثلث الجنوبي يتواجد فيه الطرفان حاليا، وهذا بسبب عدم حكمة القادة العسكريين في الجنوب خلال السنوات الأخيرة، وانقسامهم، وهم الآن يدفعون ثمن هذا الانقسام”.