شتاءٌ جديد في طريقه لبريطانيا، لكنه ليس كأي شتاء؛ بل شتاء يبدو وكأنه نذير شؤم للفقراء والمحتاجين، الذين تقف حياتهم على حافةٍ خطرة بين دفءٍ منشود وواقعٍ يكاد يتلاشى فيه الأمل.
أمام هذا الواقع، ترتفع أصوات مدافعة عن الفقراء، وتحذر من خطرٍ داهم يقترب بلا هوادة، فهل ستقف الحكومة البريطانية صامتة أمام هذا البرد القاسي؟ أم ستتخذ موقفاً جريئاً يحمي دفء الفقراء ويمنحهم فرصة للبقاء في مواجهة الصقيع؟
اقرأ أيضاً: حارب فواتير الطاقة الباهظة هذا الشتاء: نصائح بسيطة لخفض استهلاك الطاقة في منزلك!
يواجه ملايين الأشخاص في المملكة المتحدة خطر “شتاء قاسٍ”، نتيجة ارتفاع تكاليف الطاقة وقطع الحكومة برامج الدعم الاجتماعي، حسبما حذر نواب حزب العمال ومناصرون لهم، ويتزايد الضغط على زعيم حزب العمال، كير ستارمر، لتمديد برامج الدعم المالي.
ومن جديد، يدعو نواب حزب العمال الحكومة إلى عكس أو تخفيف قرارها بإنهاء مدفوعات وقود الشتاء لملايين المتقاعدين، وكذلك تمديد صندوق دعم الأسر (HSF)، الذي من المقرر أن ينتهي في أيلول/سبتمبر من العام الجاري 2024.
ويحذرون من أن آلاف الأشخاص قد يموتون بسبب البرد هذا الشتاء بحال توقفت هذه البرامج، مع توقع ارتفاع أسعار الوقود بنسبة وسطية تقدر بـ 10%.
وفي هذا السياق، قالت النائبة عن حزب العمال، ريتشل ماسكل (Rachael Maskell) عن دائرة “يورك سنترال” (York Central): «هناك قلق حقيقي بشأن مستويات الفقر في مجتمعات مثل يورك. الناس لا يستطيعون تحمل تكاليف الحياة اليومية، وبدون الحماية الإضافية التي يوفرها صندوق دعم الأسر HSF (20 جنيه إسترليني في الأسبوع)، لا أعلم كيف سيتمكن البعض من تجاوز الشتاء».
وأضافت: «اللائحة التي تنص على إنهاء مدفوعات وقود الشتاء الشاملة ستدخل حيز التنفيذ بحلول 16 أيلول/سبتمبر. وهذا الوقت ليس كافياً للاستعداد لما قد يكون شتاءً قاسياً للأشخاص الأكثر ضعفاً» حسب تعبيرها.
ومن جانبه، أكد كليف بيتس (Clive Betts)، النائب عن دائرة “شيفيلد ساوث إيست” (Sheffield South East)، أن «التعامل مع قضايا الفقر يجب أن يكون أولوية مطلقة للحكومة. مساعدة الفقراء في مجتمعنا على الدفء خلال الشتاء يجب أن تكون شيئاً تستطيع الحكومة القيام به».
وحذر آخرون من نهاية مدفوعات وقود الشتاء الشاملة، التي تصل قيمتها إلى 300 جنيه إسترليني سنوياً لكل أسرة، واحتمال إنهاء صندوق دعم الأسر بقيمة مليار جنيه إسترليني، والذي يساعد المجالس المحلية في دعم الأشخاص الأكثر ضعفاً.
اقرأ أيضاً: المملكة المتحدة: إليك كل ما تريد معرفته حول مدفوعات الشتاء المجانية
وكانت قد أعلنت وزيرة المالية راشيل ريفز (Rachel Reeves)، الشهر الماضي أن المدفوعات الشتوية ستقتصر فقط على أولئك الذين يحق لهم الحصول على “ائتمان التقاعد”، ما ينهيها لحوالي 10 ملايين متقاعد.
وأثار هذا القرار استياءً عميقاً بين نواب حزب العمال، حيث وصفت النائبة “ماسكل” هذا الإجراء بأنه «إجراء خاطئ» وأنه «لم يكن في البرنامج الانتخابي ولم يُناقش»، فيما وصفه نائب آخر لم يكشف عن هويته أنه «يكاد يكون انتحارياً».
وزاد من هذا الاستياء قرار هيئة تنظيم الطاقة “أوفجيم” (Ofgem) زيادة سقف أسعار الطاقة بمقدار 149 جنيهاً إسترلينياً ليصل إلى 1717 جنيهاً إسترلينياً سنوياً.
اقرأ أيضاً: ما نسبة الارتفاع المرتقب لفواتير الطاقة في بريطانيا؟
كما حذر العديد من تأثير عدم تمديد صندوق دعم الأسر بقيمة مليار جنيه إسترليني، وهو برنامج دعم قُدّم خلال جائحة كورونا لمساعدة السلطات المحلية.
لكن رغم ذلك، صنفت وزيرة المالية “ريفز” صندوق دعم الأسر كواحد من الالتزامات “غير الممولة” التي قدمتها الحكومة السابقة والتي ستخضع لمراجعة وزارة المالية.
وقال بيت مارلاند (Pete Marland)، رئيس مجلس إدارة الاقتصاد والموارد في “جمعية الحكومة المحلية” (Local Government Association): «ما زالت العديد من الأسر المعرضة للخطر تواجه تحديات كبيرة، والمجالس المحلية تشعر بقلق عميق من أن سحب هذا الصندوق سيؤدي إلى سقوط الدعم بشكل حاد، خاصة في وقت يتوقع أن يصل فيه الطلب إلى ذروته خلال الشتاء».
وكتب النائب كليف لويس (Clive Lewis) عن دائرة “نورويتش ساوث” (Norwich South) إلى “ريفز” داعياً إلى تمديد صندوق دعم الأسر لما بعد سبتمبر. وقال في رسالته: «في نورويتش، يعيش ثلاثة من كل عشرة أطفال بالفعل في فقر. وإذا انتهى صندوق دعم الأسر، فإن هذا العدد سيزداد بشكل كبير».
وأضاف بيتس، الذي ترأس لجنة الحكومة المحلية في البرلمان السابق: «نحتاج إلى إيجاد طريقة للحفاظ على استمرار صندوق دعم الأسر. إنه مهم للغاية للسلطات المحلية، وإذا اختفى، فهذا يعني أن الأشخاص الأكثر فقراً لن يحصلوا على المساعدة».
اقرأ أيضاً: دعم حكومي للأسر المتعثرة: برنامج صندوق دعم الأسر يُقدم 99 جنيهًا إسترلينيًا
ورداً على هذه الانتقادات، قال متحدث باسم الحكومة: «بالرغم من الإرث الصعب الذي ورثناه من الحكومة السابقة، فإننا نتخذ إجراءات ملموسة لدعم الناس مع اقترابنا من الأشهر الباردة».
وأضاف: «نحن نحمي سياسة القفل الثلاثي (triple lock)، ونحافظ على فواتير الطاقة منخفضة من خلال خطتنا للمنازل الدافئة التي ستعزل ملايين المنازل، بالإضافة إلى تقديم خصم المنازل الدافئة وتكثيف جهودنا للتأكد من أن جميع المتقاعدين المؤهلين للحصول على مدفوعات الوقود الشتوي مسجلون».
وختم قائلاً: «يمكن للناس أن يطمئنوا أننا سنواصل العمل حتى لا يضطر أحد للاختيار بين التدفئة والطعام هذا الشتاء».
اقرأ أيضاً: تأجيل مدفوعات التدفئة الشتوية: كيف يؤثر القرار على كبار السن؟