يبدو أن ضريبة “الثروة” باتت ترخي بظلالها على الاقتصاد البريطاني، حيث دفعت آلاف الأثرياء لمغادرة لندن خلال الأشهر الماضية، ما أدى لخسارة عاصمة المملكة المتحدة موقعها ضمن قائمة أغنى خمس مدن في العالم.
وبحسب تقرير عن “الثروة العالمية” أعد لصالح شركة الاستشارات “هينلي أند بارتنرز – Henley & Partners” من مؤسسة “نيو وورلد ويلث – New World Wealth“، فقد خسرت لندن 11300 مليونيراً خلال عام 2024، من ضمنهم 18 مليونيراً تتجاوز ثرواتهم 100 مليون دولار، ومليارديرين اثنين.
وكشفت مؤسسة “نيو وورلد ويلث” أن لندن تضم حالياً 215700 مليونيراً، وهي واحدة من مدينتين فقط ضمن أعلى 50 مدينة ثراءً في العالم شهدتا تراجعاً بعدد الأثرياء خلال السنوات الـ10 الماضية، والمدينة الأخرى هي العاصمة الروسية موسكو.
وبحسب التقرير، فإن الضرائب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، جعل لندن تفقد 12% من الأثرياء منذ عام 2014، حيث غادرها نحو 30 ألف مليونير خلال العقد الماضي، مقارنة بـ10 آلاف غادروا موسكو.
نيويورك تتصدر
كشفت قائمة “الثروة العالمية” عن تصدر مدينة نيويورك الأميركية قائمة أغنى مدن العالم بـ384500 مليونيراً، وحلّت منطقة خليج سان فرانسيسكو التي تضم “وادي السيليكون” في المركز الثاني، وجاءت طوكيو في المرتبة الثالثة بـ292300 مليونيراً، وتلتها سنغافورة في المركز الرابع.
وعلى مستوى المملكة المتحدة، كانت مانشستر المدينة الوحيدة التي تدخل التصنيف، حيث احتلت المركز 46 بـ23400 مليونيراً.
ورغم فقدان لندن لعدد من الأثرياء، إلا أنها لا تزال رابع أغلى مدينة للعيش، حيث سجل سعر العقار لكل متر مربع فيها أعلى من أيّ مكان آخر في العالم، باستثناء هونغ كونغ ونيويورك وموناكو.
تسارع خروج رؤوس الأموال
مؤخراً، كشفت صحيفة “التايمز – The Times” البريطانية عن تسارع خروج الثروات من المملكة المتحدة بصورة حادّة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، وذلك قبل إلغاء حزب العمل لنظام الضرائب الخاصّ بالأشخاص غير المقيمين.
ومنذ بداية الأسبوع الماضي، تم إلغاء الوضع التاريخي الذي كان يسمح للأجانب الأثرياء المقيمين في بريطانيا بإخفاء أصولهم العالمية عن الضرائب البريطانية، وجرى استبدال هذا الوضع بنظام جديد يعتمد على الإقامة، إذ يتعيّن على أيّ أجنبي ثري عاش في بريطانيا لأكثر من أربع سنوات دفع الضرائب على دخله وأرباحه الرأسمالية العالمية.
وفي هذا الاتجاه قال أندرو أمويلز – Andrew Amwells رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة “نيو وورلد ويلث”، إن الضرائب المرتفعة في بريطانيا مقارنة بدول أخرى دفعت عدداً من المستثمرين الأثرياء إلى مغادرة لندن، ومنعت آخرين من القدوم إليها.
وكشف أمويلز أن ضريبة الأرباح الرأسمالية وضريبة التركات أو تُعرف باسم “ضريبة الثروة” تعدّ من بين الأعلى في العالم، مما يثني أصحاب الأعمال الأثرياء والمتقاعدين عن العيش هناك.
ضريبة “الثروة” تقول كلمتها
أثار توجه الحكومة البريطانية لفرض ضريبة الثروة مخاوف في الأوساط الاقتصادية من انعكاساتها المحتملة على جاذبية بريطانيا الاستثمارية، خاصّة أن القرار قد يحرم الخزانة العامّة من إيرادات ضريبية مهمة، في وقت تسعى فيه البلاد إلى التعافي الاقتصادي.
وكشفت صحيفة فايننشال تايمز – Financial Times البريطانية الشهر الماضي، أن عدد الأثرياء المغادرين للمملكة المتحدة وصل إلى 10 آلاف و800 شخص في عام 2024، وهو ضعف العدد المسجّل في 2023.
وبحسب دراسة لمعهد آدم سميث – Adam Smith أن كل شخص من الأثرياء الذين غادروا بريطانيا العام الماضي كان يفترض أن يدفع نحو 400 ألف جنيه إسترليني كضرائب سنوية.
ومع إصرار الحكومة البريطانية على تطبيق “ضريبة الثروة”، لا يبدو أن المملكة المتحدة ستحافظ على مركزها المحوري كجاذب للاستثمار العالمي ورأس المال الأجنبي، حيث بدأ الآلاف من رؤوس الأموال بنقل أصولهم إلى دول أخرى توّفر أنظمة ضريبية أكثر مرونة، ما يهدد مكانة بريطانيا الاقتصادية على مستوى العالم.
اقرأ أيضاً: “ضريبة الثروة” تؤرق بريطانيا.. هل بدأت الهجرة الجماعية لرؤوس الأموال؟