في خضم العواصف الاقتصادية التي تهب على المملكة المتحدة، وفي وقت تسود فيه التقلبات في الأسواق المالية، تتجه الأنظار إلى العاصمة الصينية بكين حيث تقوم وزيرة المالية البريطانية رايتشل ريفز بزيارة تُعد من أبرز محاولات الحكومة لتعزيز العلاقات التجارية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
تسعى ريفز لإيجاد مسارات جديدة للنمو الاقتصادي وتحقيق الرخاء للمواطنين البريطانيين، بينما تحاول موازنة التحديات الداخلية والالتزامات الدولية.. فهل ستكون هذه الزيارة طوق النجاة للاقتصاد البريطاني أم أنها مجرد خطوة في طريق مليء بالعقبات؟
زارت وزيرة المالية البريطانية، رايتشل ريفز، الصين بهدف «تحقيق الازدهار لبريطانيا»، حيث أكدت وزارة الخزانة أن تحسين أوضاع الطبقة العاملة في المملكة المتحدة سيكون في صدارة اهتماماتها أثناء الزيارة، بالرغم من الانتقادات المتعلقة بالاضطرابات في الأسواق المالية المحلية.
والتقت ريفز خلال عطلة نهاية الأسبوع بنظيرها الصيني في العاصمة بكين، وذلك لاستكشاف فرص التجارة والاستثمار، ضمن سعي الحكومة لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في تعزيز النمو الاقتصادي البريطاني لتحسين مستويات المعيشة.
مع ذلك، خيّمت على الزيارة تقلبات اقتصادية تمثلت بارتفاع تكاليف الاقتراض في بريطانيا لأعلى مستوى منذ 16 عاماً، إضافة إلى انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني.
واتهم حزب المحافظين الوزيرة ريفز بأنها «هربت إلى الصين»، فيما دافعت الحكومة عن الزيارة، وقالت وزيرة الثقافة ليزا ناندي إن ارتفاع تكاليف الاقتراض هو «اتجاه عالمي يؤثر على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم» كما استبعدت وزارة الخزانة اتخاذ أي تدخل طارئ في الأسواق.
اقرأ أيضاً: ما السر وراء الحذر البريطاني من الصين؟
عادةً ما تنفق الحكومات أكثر مما تجنيه من الضرائب، مما يضطرها للاقتراض عبر بيع السندات للمستثمرين، لكن تكاليف الاقتراض في المملكة المتحدة شهدت ارتفاعاً كبيراً خلال الأشهر الأخيرة، حيث بلغت تكاليف الاقتراض لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ عام 2008، كما انخفض الجنيه الإسترليني يوم الجمعة إلى ما دون 1.22 دولار.
هذا التذبذب المالي قد يُعقّد التزام ريفز بالقواعد المالية التي فرضتها على نفسها، حيث تعهدت بعدم الاقتراض لتغطية النفقات اليومية والعمل على خفض الدين كنسبة من الدخل القومي بحلول نهاية الدورة البرلمانية الحالية.
كما تأتي هذه الاضطرابات في ظل ركود النمو الاقتصادي البريطاني واستعداد الشركات لزيادات ضريبية ستدخل حيز التنفيذ في أبريل المقبل.
وأكدت وزارة الخزانة أن زيارة ريفز للصين تأتي تنفيذاً «لالتزام بتعزيز التعاون الاقتصادي» الذي تم الاتفاق عليه بين رئيس الوزراء كير ستارمر والرئيس الصيني شي جين بينغ العام الماضي، وتُعد الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم ورابع أكبر شريك تجاري فردي للمملكة المتحدة.
ووفقاً لوزارة الخزانة، دعمت الصادرات إلى الصين أكثر من 455,000 وظيفة في المملكة المتحدة عام 2020.
وأشارت الوزارة إلى أن الوزيرة ستناقش أيضاً «قضايا صعبة» مع نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، بما في ذلك حث الصين على وقف دعمها «المادي والاقتصادي» لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، بالإضافة إلى إثارة المخاوف بشأن حقوق الإنسان والحريات في هونغ كونغ.
وقالت ريفز في تصريح لها: «من خلال إيجاد أرضية مشتركة في التجارة والاستثمار مع الصراحة حول خلافاتنا وضمان الأمن القومي كأولوية أولى لهذه الحكومة، يمكننا بناء علاقة اقتصادية طويلة الأمد مع الصين تخدم المصلحة الوطنية».
اقرأ أيضاً: 13 مليار دولار صفقات تجارية بين لندن وبكين
وأثناء وجودها في بكين، زارت ريفز متجر الدراجات البريطاني «برومبتون»، الذي وصفته وزارة الخزانة بأنه «قصة نجاح كبيرة لصادرات المملكة المتحدة إلى الصين»، كما تهدف المحادثات إلى توسيع تجارة الخدمات المالية الحالية في شنغهاي وإزالة العقبات التي تواجه الشركات البريطانية في تصدير أو توسيع نشاطها إلى الصين.
رافق ريفز خلال الزيارة محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، والرئيس التنفيذي لهيئة السلوك المالي نيكيل راتهي، وعدد من كبار ممثلي أكبر الشركات البريطانية في مجال الخدمات المالية.
لكن الزيارة جاءت في ظل تحديات أثارها أعضاء البرلمان حول شركة الأزياء الصينية «شي إن» بشأن سلاسل التوريد الخاصة بها، وسط مزاعم تتعلق بالعمل القسري وانتهاكات حقوق الإنسان. ونفت الشركة تلك الادعاءات.
وفي جلسة استماع يوم الثلاثاء، رفض محامٍ كبير يمثل «شي إن» مراراً تأكيد ما إذا كانت منتجات الشركة تحتوي على قطن مصدره منطقة شينجيانغ، وهي منطقة تُتهم فيها الصين بإخضاع مسلمي الإيغور للعمل القسري.
اقرأ أيضاً: عملات جديدة في بريطانيا مع مطلع العام 2025
