قد يبدو السؤال عن وجود أشباح في مترو لندن طفولياً بعض الشيء، لكنه يثير فضول كثير ممن يعشقون الغموض والماورائيات، ففي الآونة الأخيرة، أٌبلِغ عن مشاهدات غريبة على خط Metropolitan، ما دفع هيئة النقل في لندن TfL إلى البحث في سجلاتها عن أي تفاعلات غير عادية، من الأرواح والأشباح إلى الكائنات الخارقة، يبدو أن هناك اهتماماً متزايداً بظواهر ما وراء الطبيعة في أحد أقدم أنظمة المترو في العالم.
وانطلاقاً من الطلب الغريب الذي تلقته هيئة النقل من شخص مجهول في الثاني من يناير هذا العام، للحصول على “أي تقارير عن نشاط خارق للطبيعة” في مواقع مترو الأنفاق، وDLR، وLondon Overground، وخط إليزابيث، والترام، خاصة وأنه كانت قد تلقت طلباً مماثلاً في 1 يناير 2022، إضافة إلى طلب “نسخة من أي سجلات أو وثائق داخلية للموظفين تتعلق بمشاهدات الأشباح في محطة Aldgate East”، قامت الهيئة ببحثها.
وبناءً عليه، أوضحت جيما جاكوب، ضابطة قانون حرية المعلومات في هيئة النقل في لندن، قائلة: “أستطيع أن أؤكد أننا نحتفظ ببعض المعلومات التي تم طلبها، لقد قمنا بإجراء بحث شامل عن الكلمات الرئيسية في جميع تقارير حوادث مترو لندن خلال الفترة الزمنية المطلوبة، باستخدام الكلمات التالية: شبح، خارق للطبيعة، روح، طيف، غول، روح شريرة، بانشي، وأظهر هذا البحث 156 نتيجة، لكن لم يكن هناك سوى نتيجة واحدة تتعلق بنشاط خارق للطبيعة”.
تتعلق هذه الحالة بصبي يبلغ من العمر 15 عاماً، الذي كان يعاني من حالة من الضيق في محطة Kings Cross على خط متروبوليتان في ديسمبر 2023، وقد أشار أيضاً إلى رؤيته لأشباح، أما بقية السجلات المتاحة، فقد تناولت حالات تتعلق بالركاب وسائقي القطارات الذين كانوا في حالة معنوية جيدة بعد وقوع حوادث، أو تلك التي تشير إلى استهلاك الكحول، حيث كان بعض العملاء في حالة سكر أو يحملون زجاجة من الكحول.
جدير بالذكر أنه أثناء بناء الخطوط والأنفاق التي تشكل مترو الأنفاق الحديث، دُمِّرت مقابر عدة وحفر الطاعون، ومع وفاة عدد كبير من عمال البناء والركاب، بدأت الشكوك تتزايد حول كون المترو مسكوناً بالأشباح.
واهتم الناس بمحطة ألدجيت إيست، التي افتتحت منذ 6 أكتوبر 1884، أي بعد ثمانية أعوام من افتتاح محطة ألدجيت القريبة، بسبب قربها من المنطقة التي شهدت جرائم القتل الخمس التي ارتكبها “جاك السفاح” في منطقة East End، وذلك بعد أربع سنوات من افتتاح المحطة.
وقد سُجِّل في هذه المحطة “النشاط الخارق للطبيعة” لأكثر من 100 عام، إذ يُقال إن هناك أشباحاً لثلاث فتيات صغيرات من عائلة سوليفان توفين، اللواتي لقين حتفهن في حريق خلال وجودهن في منزلهن في ألدجيت عام 1896.
ومن حوادثها الأخيرة، أفاد أحد زملاء عامل مسار نجا من حادث صعق كهربائي في عام 2000 بأنه وجد الراحة في وجود شبح امرأة مسنّة بينما كان يتعافى من إصابته، بعدما تعرض لصدمة كهربائية بقوة 20 ألف فولت، ما أدى إلى فقدانه الوعي.
نجا الرجل من الحادثة، ولكن الشهود الذين كانوا في موقع الحادث أفادوا بأنهم رأوا شخصية لامعة بجواره، وهي تداعب شعره قبل سقوطه مباشرة، وتتناقض الروايات حول ما إذا كانت “السيدة الشبح” التي ظهرت بعد سقوطه روحاً ودودة أنقذت الرجل، أم أنها كانت روحاً خبيثة تسببت في وقوعه.
وعلى الرغم من تأكيد جاكوب بأنه “لا توجد تقارير عن نشاط خارق للطبيعة على متن ترامواي، أو خط إليزابيث، أو قطارات DLR، أو خدمات لندن فوق الأرض”، ومع ذلك تبقى ألدجيت أكثر محطة مسكونة في أحاديث ناس كثر.
هناك أيضاً عدد من المحطات المهجورة على شبكة المترو، منها محطة Down Street الواقعة في منطقة Mayfair على خط Piccadilly، أُغلِقَت هذه المحطة في عام 1932، بعد 25 عاماً من تشغيلها، واستخدمت خلال الحرب العالمية الثانية كمخبأ سري لوينستون تشرشل ومجلس الحرب، لكن عمال البناء أبلغوا عن رؤية شبح آمون رع، أو آمون رع، وهي أميرة مصرية قديمة، يقال إنها تتجول في الأنفاق في الليل مرتدية مئزراً وغطاء للرأس.
وتتضمن شبكة المترو كذلك عدداً من محطات “الأشباح”، مثل محطة Aldwych التي أُغلِقَت في عام 1994، ومحطة Dover Street التي دُمِجت في محطة Green Park.
مشاهدات الأشباح المزعومة في مترو لندن استمرت في إزعاج الزوار لعقود، ولم تساهم الشائعات التي تفيد بأن المحطة بُنيت فوق حفرة طاعون قديمة مليئة بالجثث في تهدئة الأجواء، إذ من الصعب تحديد العدد الكبير من اللقاءات المروعة مع الأشباح التي أبلغ عنها الناس في هذه المحطة، ما يضيف المزيد من الغموض والرهبة إلى تاريخها العريق.