أصدرت هيئة التراث الإنجليزي تقريرها السنوي “سجل التراث المعرض للخطر” لعام 2024، إذ أُعلِن عن عدد من المباني المعرضة للخطر في لندن، بينما تم “إنقاذ” مواقع أخرى.
ويهدف سجل التراث المعرض للخطر لعام 2024 إلى رفع الوعي بشأن أهمية الحفاظ على المباني القديمة في لندن، إذ يحدد هذا السجل سنوياً المعالم التاريخية في أنحاء البلاد التي قد تفقد قيمتها إذا لم تُعطَ العناية اللازمة، وإذا تم إدراج موقع في السجل، فهذا يعني أنه معرض لخطر التدهور أو الإهمال أو إعادة التطوير، ما قد يؤدي إلى تدميره بشكل دائم.
يقدم سجل التراث المعرض للخطر صورة سنوية عن صحة المباني والأماكن التاريخية القيمة في إنجلترا. وفي لندن وحدها، يضم السجل 599 موقعاً في عام 2024، وهو نفس عدد المواقع في العام الماضي، ما يشير إلى أن هذه المواقع لا تزال “معرضة لخطر الإهمال أو الاضمحلال أو التغيير غير المناسب”، تشمل هذه المواقع 387 مبنى ومعلماً مدرجاً، و104 مكان عبادة، و23 مدخلاً أثرياً، و13 حديقة ومنتزهاً، و72 منطقة محمية، وتسلط هذه الأرقام الضوء على الحاجة الملحة للحفاظ على التراث المعماري والتاريخي في العاصمة.
هذا العام، أضيف مبنى بلدية ستوك نيوينغتون إلى سجل التراث المعرض للخطر، حيث يعد هذا المبنى، الذي تم تشييده بين عامي 1935 و1937 على طراز آرت ديكو، مركزاً مدنياً رئيسياً في المجتمع، كان يضم مكاتب المجلس والمكتبة ويوفر مساحة واسعة للمناسبات وحفلات الزفاف المحلية، على الرغم من عملية ترميم قاعة الاجتماع والغرفة، إضافة إلى تحسينات داخلية أخرى في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلا أن المبنى ظل شاغراً إلى حد كبير لعدة سنوات، وفقاً لتصريحات هيئة إنجلترا التاريخية.
كما أُدرِج منزل تشارلتون في غرينتش، وهو قصر يعقوبي مهيب تم بناؤه بين 1607 و1612 لسير آدم نيوتن، المعلم الملكي، في سجل المباني المعرضة للخطر . وقد أُدرجت الكنيسة أيضاً ضمن المواقع المعرضة للخطر هذا العام، حيث تدهور جزء من سقفها بشكل أدى إلى تسريبات تسببت في إلحاق الضرر بالداخل التاريخي الثمين، بحسب ما أفادت هيئة إنجلترا التاريخية.
وتعمل مؤسسة Royal Greenwich Heritage Trust مع هيئة Historic England لتأمين التمويل الضروري للإصلاحات العاجلة وجهود الحفظ للمواقع التاريخية المعرضة للخطر، ومن بين المواقع التي تمت إضافتها إلى سجل التراث المعرض للخطر هذا العام أيضاً، قاعة سميث سكوير في وستمنستر، ويعود تاريخ القاعة إلى المدة ما بين 1713 و1728، حيث بُنيت في الأصل ككنيسة القديس يوحنا الإنجيلي، ومع مرور الوقت، وتحديداً في الستينيات، تم إيقاف تشغيل الكنيسة وتحويلها إلى مكان لإقامة الحفلات الموسيقية بعد أن تعرضت لأضرار جسيمة بسبب القنابل خلال الحرب العالمية الثانية.
ومؤخراً، أظهرت دراسة استقصائية بعض الشقوق المثيرة للقلق في الأبراج الزاوية وأماكن أخرى من المبنى، ما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتدخل عاجل.
وبعد أن كانت مقبرة أبني بارك مدرجة على سجل التراث المعرض للخطر منذ عام 1998، أُزيلت أخيراً من القائمة عقب مشروع ترميم شامل بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني، تم تمويله من قبل اليانصيب الوطني ومجلس هاكني وهيئة إنجلترا التاريخية.
تعليقاً على ذلك، عبرت رئيسة بلدية هاكني، كارولين وودلي، عن سعادتها بالإزالة، حيث قالت: “كان الهدف الأساسي من ترميمنا التاريخي لمنتزه أبني هو تأمين الكنيسة للأجيال القادمة، لذلك نحن سعداء بإزالتها من سجل التراث المعرض للخطر”.
من جانبه، أشار رئيس مجلس إدارة Abney Park Trust، توم ووكر، إلى الجهود المستمرة لاستعادة كنيسة أبني تشابل، قائلاً: “لقد عملت المؤسسة مع مجلس هاكني لسنوات عديدة لاستعادة الكنيسة، يحافظ هذا الترميم الجميل والدقيق على تراث الحديقة الفريد والحياة البرية والمجتمع، بينما يبث حياة جديدة في الكنيسة ويوفر مساحة جديدة حيوية ويمكن الوصول إليها.”
وأضاف: “برنامجنا من الفعاليات والمشي والجولات والمزيد أصبح الآن على قدم وساق – ونحن ندعو الجميع لزيارة الحديقة وحجز حدث عبر abneypark.org”.
رواق ملجأ الأيتام في لندن، المدرج في الدرجة الثانية والذي بُني عام 1823، أُزيل كذلك من سجل التراث المعرض للخطر بعد عملية ترميم استمرت 18 شهراً، وأصبح هذا المبنى الآن جزءاً من عيادة عامة تابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، حيث أعرب الدكتور نيكولاس بروير، أحد العاملين هناك، عن فخر فريق العيادة، قائلاً: “إن إعادة تطوير الموقع يعني الآن أن مرضانا لديهم مركز صحي حديث، قادر على تقديم خدمات صحية ورفاهية موسعة، مع الحفاظ على مبنى الرواق التاريخي في قلب المجتمع.
إضافة إلى ذلك، تمت إزالة كنيسة سانت بانكراس القديمة، المدرجة أيضاً في الدرجة الثانية في كينغز كروس، من السجل بعد إجراء أعمال إصلاح أساسية لمعالجة الشقوق والمشكلات الهيكلية، وتمتاز ساحة الكنيسة بالعديد من المعالم والنصب التذكارية الهامة، بما في ذلك ضريح صممه المهندس المعماري الشهير السير جون سوان لزوجته وابنه، والذي يُعتقد أنه أثر بشكل مباشر على تصميم صندوق الهاتف الأحمر الشهير من قبل السير جيلز جيلبرت سكوت.
كما تضم الساحة نصباً تذكارياً للكاتبة الرائدة في القرن الثامن عشر والمدافعة عن حقوق المرأة ماري وولستونكرافت وزوجها ويليام جودوين، إضافة إلى قبر الملحن الكلاسيكي يوهان كريستيان باخ.
ومن بين المباني التاريخية التي أُنقِذت في لندن، يبرز تشارلتون هاوس، وفي تصريح له، قال وزير التراث السير كريس براينت: “تتمتع المملكة المتحدة بوفرة من المواقع التراثية التي تجذب السياح وتوفر فرص العمل في المجتمعات المحلية، ومع ذلك، فإن العديد من هذه المواقع في حاجة ماسة إلى الدعم، يلعب سجل التراث المعرض للخطر دوراً حيوياً في مهمتنا المستمرة لحماية تراثنا الغني، وقد تم حذف مواقع عديدة من القائمة هذا العام، وآمل أن يتم إنقاذ المزيد بفضل إدراجها”.
وأضاف دنكان ويلسون، الرئيس التنفيذي لهيئة إنجلترا التاريخية: “التراث مهم للغاية بالنسبة للندن. فهو يلعب دوراً مهماً في مجتمعنا ويعزز الاقتصاد الإقليمي. لقد شهدنا هذا العام تكاتف الشركاء والمجتمعات للمساعدة في إنقاذ المباني والأماكن التاريخية التي تحتاج إليها بشدة، ومن الملهم أن نرى كيف يمكننا تسخير قوة تراثنا لصالح السكان المحليين في جميع أنحاء لندن. معاً، يمكننا إنقاذ أماكننا وإيجاد طرق جديدة للاستمتاع بالتراث الذي يقدره الناس كثيراً”.
ختاماً، هناك الكثير من الأماكن التراثية التي تستحق الاحتفال بها والعناية بها في لندن، فقد تم تعليق خطط نقل أسواق سميثفيلد وبيلينججيت التاريخية بعد المراجعة المالية، ويحتفل مخبز بيجل الشهير في شارع بريك لين بالذكرى الخمسين لتأسيسه بإصدار محدود من قميص كرة القدم، وإذا لم يكن هذا كافياً، فإن القصر الملكي النادر سيُفتتح للجولات العامة العام المقبل.