تلقت السياحة المصرية، المتدهورة منذ عدة سنوات، طعنات جديدة في الأيام الأخيرة، زادت من معاناة هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد المصري.
وعلى الرغم من إنفاق عشرات الملايين من الجنيهات على زيادة تأمين المطارات المصرية، عقب حادث سقوط الطائرة الروسية بسيناء في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، إلا أن الحكومة البريطانية ما زالت غير راضية عن الإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها، وترفض حتى الآن السماح لمواطنيها بالعودة لزيارة مصر، كما أن الحكومة الروسية وضعت مزيدا من الشروط أمام استئناف الرحلات الجوية إلى البلاد.
“توماس كوك” تلغي رحلاتها
وأعلنت شركة “توماس كوك” البريطانية، التي تعد من أكبر منظمي الرحلات في العالم، إلغاء الرحلات المقررة إلى منتجع شرم الشيخ حتى عام 2020.
وقالت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، إن “توماس كوك” وأربع شركات أخرى، طرحت رحلاتها للبيع، على أمل أن ترفع بريطانيا حظر السفر إلى مصر، ثم ألغت هذه الرحلات بسبب عدم إلغاء الحظر عن مصر.
وأوضحت الشركة البريطانية في بيان لها الجمعة، أن لندن مددت حظر السفر إلى شرم الشيخ المفروض منذ حادث الطائرة الروسية التي راح ضحيتها 224 شخصا.
مقتل السائحة البولندية
وبينما لم تتجاوز السياحة المصرية أزمة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني؛ فقد لاحت في الأفق أزمة جديدة بعد مقتل سائحة بولندية بمدينة الغردقة في 30 نيسان/ أبريل الماضي، وسط تضارب التقارير حول انتحارها، ومخاوف من أن تزيد هذه الحادثة أوجاع هذا القطاع المتردي.
وقال عضو اتحاد الغرف السياحية السابق، عادل عبدالرازق، في تصريحات صحفية، إن مصرع السائحة البولندية قد يكون له آثار سلبية كبيرة على الحركة السياحية الوافدة من بولندا خلال الأشهر المقبلة، نتيجة الاستياء من هذه الحادثة بعد نشر معلومات عن تعرضها لاعتداء جنسي قبل موتها.
وأصدرت حكومة الانقلاب في مصر، موافقة على حضور محقق خاص عينه أهل الضحية لمتابعة التحقيقات، وأكدت استعدادها لتعاون الجهات المصرية معه ومع السلطات البولندية بمنتهى الشفافية.
تأجير الأهرامات
وكانت آخر الفضائح التي أثرت على السياحة المصرية؛ الخبر الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية حول تأجير حكومة الانقلاب منطقة الأهرامات لأمير سعودي، بهدف إقامة حفل خطوبة لحبيبته مقابل 40 مليون دولار.
وكانت شائعة تأجير الآثار المصرية، وخاصة الأهرامات، إحدى الوسائل التي اتبعتها وسائل الإعلام المصرية لتشويه الرئيس الشرعي محمد مرسي، لكنه تحقق بالفعل في عهد السيسي.
وتقدمت عضو مجلس نواب الانقلاب، فايقة فهيم، بطلب إحاطة إلى وزير الآثار بشأن هذه الواقعة، متسائلة: “هل أصبحت المناطق الأثرية مستباحة لمن يدفع؟ وهل أصبحت الحضارة الفرعونية مكانا للهزل والحفلات الراقصة؟”.
لكن كبير مفتشي آثار الهرم، وائل فتحي، نفى صحة هذه الأنباء، مؤكدا أنه منذ توليه منصبه منذ عام تقريبا “لم تعقد أي حفلات بهذه التكلفة على الإطلاق”.
أسوأ حالاتها في التاريخ
من جهته؛ قال عضو غرفة المرشدين السياحيين، معتز سيد، إن السياحة المصرية تمر في السنوات الأخيرة بأسوأ حالاتها في التاريخ، مشيرا إلى أن الأزمة لها أبعاد سياسية وأخرى أمنية، وأن “عامل الثقة مفقود بين السياح الأجانب وبين الدولة المصرية التي تقع فيها يوميا عملية إرهابية”.
وأضاف أن “العمليات الإرهابية، وتحديدا تفجير الطائرة الروسية منذ عامين، أثرت بشكل كبير على السوق السياحي المصري”، لافتا إلى أنه “في الوقت الذي تقوم فيه وزارة السياحة بإنفاق ملايين الدولارات على الدعاية والترويج للسياحة المصرية بإعلانات غير مجدية؛ فإن هناك الكثير من الفنادق والمنتجعات التي تغلق أبوابها، وتسرح العاملين فيها، بسبب اتباع الدولة سياسة خاطئة في هذا القطاع الحيوي”.
واقترح أن “تقوم الدولة بإقامة كيان سياحي عملاق، أو جسر جوي، من خلال شركات الطيران المصرية المنتشرة حول العالم، وأن تعلن عن عروض وتخفيضات على أسعار رحلات الطيران إلى مصر، لتنافس ما تقوم به شركات الطيران التركية التي جعلت تركيا من أهم الدول الجاذبة للسياح في العالم”.
وتابع سيد: “للأسف؛ هنا في مصر؛ تعتمد السياحة على شركات طيران أجنبية ترفع أسعار الطيران على الركاب، بسبب حاجتها لتأمين معداتها، وتحقيق هامش ربح مرتفع”.
حكومة فاشلة
من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية محمد نجيب، إن “وزير السياحة الحالي غير جدير بالبقاء في منصبه؛ لأنه فشل فشلا ذريعا حتى الآن في تنفيذ مهام وظيفته الأساسية”، مشيرا إلى أنه “كان من الممكن استثمار الزيارات التاريخية لعدد من المشاهير العالميين مؤخرا لمصر، كبابا الفاتيكان، والممثل الأمريكي ويل سميث، ولاعب الكرة ليونيل ميسي، من أجل الترويج للسياحة المصرية”.
وأضاف نجيب أن “الأحداث السياسية والعمليات الإرهابية تؤثر على أوضاع السياحة، وتقدم للعالم صورة ذهنية سيئة عن الأحوال في مصر”، مطالبا “السفارات المصرية” في الخارج بـ”تحسين صورة البلاد”.