يتم العمل في الوقت الحالي على إطلاق الخط الثاني من مشروع “السيل التركي” الموجه نحو أوروبا، والذي سيمر عبر كل من بلغاريا وصربيا والمجر وصولاً إلى سلوفاكيا.
وكانت شركة “غازبروم” الروسية تمتلك عدة خيارات لبناء الخط الثاني من المشروع، لتقوم بتكرير كافة مخططات أنابيب “ساوث ستريم” الذي تخلت روسيا عنه، والذي لم يكن من المقرر إدخال بلغاريا فيه.
ولذلك تم البحث عن خيار ثانٍ يمكن من خلاله الوصول إلى صربيا دون المرور عبر بلغاريا، ولكن عبر اليونان ومقدونيا، ولكن بعد الاضطرابات التي شهدتها سكوبيا عاصمة مقدونيا بعد مناقشة المشروع مباشرة، ظهرت العديد من المخاطر التي تهدد المشروع.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد أعلن عن مشروع “السيل التركي” بشكل رسمي خلال زيارته لتركيا عام 2014، ويتألف المشروع من 4 خطوط تبلغ قدرته الإمدادية الإجمالية 63 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً.
وفي المرحلة الأولى، تم مدّ خط وحيد من الخطوط الأربعة بطاقة استيعابية تتجاوز 16 مليار متر مكعب تسدّ احتياجات تركيا من الغاز الطبيعي، وسيتم إطلاق الخط الأول من “السيل التركي” في نهاية العام الجاري، مما سيقلل من إمكانية مرور الغاز عبر أوكرانيا بنسبة 20%.
ويمكن ضمان تزويد كافة الدول المعنية بالغاز دون مشاركة أوكرانيا عند إطلاق الخط الثاني من “السيل التركي” وإطلاق خط أنابيب نقل الغاز إلى ألمانيا “نورث ستريم 2”.
وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن للخط الثاني من السيل التركي المرور عبر اليونان إلى إيطاليا، وخاصة أنه في هذه الحالة ستقلّ كلفة المشروع بسبب قصر المسافة بين البلدين، ولكن في الوقت الحالي فإن كافة البيانات تشير إلى أن المشروع سيمر عبر صربيا وبلغاريا والمجر لأسباب عديدة.
ويتيح الخيار الأول إمداد صربيا ودول أخرى في جنوب شرق أوروبا بالغاز دون المرور عبر أوكرانيا، ولكن في حال بناء خط ثانٍ نحو إيطاليا، فسيتم تزويد صربيا ودول أخرى في المنطقة عبر أوكرانيا لفترة طويلة.
ومن الممكن في المستقبل بناء خط أنابيب يتجه نحو صربيا من جانب سلوفاكيا والمجر، ولكن ذلك يتطلب الكثير من الوقت.
ومن جانبها، ما تزال اليونان تمارس ضغوطاً لضمان مرور فرع من الأنابيب عبر أراضيها لتأمين حاجتها، وتهدد بالانسحاب في حال عدم حدوث ذلك، وهذا ما يعطل وصول مشروع السيل التركي نحو أوروبا.
ويُذكر أن اختيار شركة “غازبروم” فيما يخص الخط الثاني من السيل التركي قد وقع على الطريق الذي سيمر عبر بلغاريا وصربيا والمجر وسلوفاكيا، وفي وقت سابق أعلنت وزارة الطاقة البلغارية عدم تلقيها أي إشعار حول هذا الخيار من طرف المحتكرين الروس.
ثم أعلنت بلغاريا عن الإجراءات اللازمة لبناء خط أنابيب الغاز، لكن الجانب الروسي تجاهل ذلك، وتبين لاحقاً أن الروس غير راضين عن ارتفاع تكلفة مرور خط الانابيب عبر بلغاريا، ورغم ذلك لم تنته المفاوضات، وبدأت شركة “بيلغار ترانسغاز” جولة ثانية من المفاوضات بشروط أكثر ملائمة.
وفي العام الماضي، في الجولة الثالثة من المفاوضات، قامت شركة “غازبروم” بحجز المرافق اللازمة، كما وافقت بلغاريا على قرار الاستثمار في إنشاء خط أنابيب “السيل التركي”.
هذا ويريد الروس الحصول على ضمانات كافية تضمن عدم تعطيل أشغال بناء شبكة خطوط الأنابيب الجديدة، حيث كان على الجانب الروسي في السابق بناء خط الأنابيب بنفسه وتحمل العواقب، لكن في هذه الحالة يلتزم الجانب البلغاري ببناء خط الأنابيب، بما يضمن تقليل المخاطر ويخفض الضغط على روسيا.
ومن المتوقع أن تشارك روسيا في بناء خط أنابيب الغاز في صربيا، وخاصة أنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي والقواعد الجديدة التي تنظم سوق الغاز ولا تنطبق عليها، ويُشار إلى أن إدارة شركة “غازبروم” كانت قد ناقشت مع الجانب الصربي بيناء خط أنابيب جديد.