بعد بضعة أيام من المحاولات، أخفقت المحامية الهولندية بينا غاياديين في إتمام التسجيل الالكتروني الذي سيمكنها من الإقامة بشكل دائم في المملكة المتحدة بعد بريكست، وكان الرد أنّ الوثائق التي تثبت إقامتها لعشرين عاماً في البلاد “غير كافية”.
مثلها، تبين لآلاف الأوروبيين أنّ حيازة وضع “مقيم دائم” ليست بالضرورة سهلة وسريعة كما وعدت الحكومة البريطانية.
تقول بينا غاياديين المتزوجة والأم لطفلين، “يبدو لي غير معقول أن يجيب الحاسوب، رغم كل الضوابط التي يمكن للحكومة القيام بها، بأنّ أشخاصاً مثلي غير موجودين”. وهي قدّمت 60 صفحة من الكشوفات المصرفية وما يعادل خمسة أعوام من السجلات الضريبية.
ولم تحصل على الضوء الأخضر اللازم إلا بعدما تقدّمت بملفها عدة مرات واشتكت أمام مركز الاستعلام الرسمي. غير أنّ هذه التجربة تركت لديها انطباعاً مزعجاً بأنّها غير مرحب بها في البلاد. وتقول “أشعر كأنني مضطهدة”.
ويعيش ما يقرب من 3,6 ملايين أوروبي في المملكة المتحدة. ويتوجب عليهم الحصول على وضع “مقيم دائم” للاستمرار في العمل أو الحصول على المنافع الاجتماعية بعد أن تقطع المملكة المتحدة علاقاتها بالاتحاد الأوروبي في 31 اكتوبر.
وسيكون أمام الرعايا الأوروبيين حتى 31 ديسمبر 2020 لتسجيل ملفاتهم في حال الخروج من الاتحاد الاوروبي من دون اتفاق، أو حتى يونيو 2021 في حال التوصل إلى اتفاق بين لندن وبروكسل يرعى هذه العملية، وفق الموقع الالكتروني للحكومة البريطانية.
-الحكومة راضية-
تؤكد الحكومة التي سبق أن تعهدت حماية حق الرعايا الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة في مواصلة حياتهم فيها، أنّ نظام التسجيل يخدم بشكل جيّد.
ومن جانبه، أعرب سكرتير الدولة في وزارة الداخلية براندون لويس عن “السعادة” بالآلية القائمة، مشيراً في حديث إلى فرانس برس إلى انّ وزارته تدرس حالياً 20 ألف طلب في اليوم.
ووفقاً له، تستغرق دراسة الملف بضعة أيام، وبضعة أسابيع للحالات المعقّدة.
وقال “لن أقرّ بأنّ هناك مشاكل”، معتبراً أنّ الحالات الإشكالية التي تتناقلها وسائل الإعلام لم تكن في الغالب “سهلة بالقدر الذي كان الناس يتحدثون عنه”.
وتابع “في بعض الاحيان يرتكب الناس أخطاء (…) وفي حالات أخرى، لم يكونوا قادرين على تقديم ما يثبت أنّهم كانوا هنا منذ وقت طويل”. وقال إنّ “فريق حل (المشاكل) سيتعاون من أجل توفير هذه الإثباتات”.
-1,5 مليون طلب-
تتوزع الإجراءات على ثلاث مراحل، وهي مجانية ومتاحة عبر بوابة الكترونية. ويتحتم على المتقدمين إثبات هويتهم، مدة إقامتهم في المملكة المتحدة وفحص السجلات الجنائية.
ويحصل الرعايا الأوروبيون الذين قضوا مدة لا تقل عن خمس سنوات بدون انقطاع في المملكة المتحدة على وضع “مقيم دائم”، يخوّلهم البقاء لمدة غير محددة.
أما الذين يقيمون منذ مدة أقل، فيحصلون على “وضع ما قبل التسوية” الذي يتيح لهم البقاء لمدة خمس سنوات إضافية والتقدّم لاحقاً بطلب الحصول على الوضع “الدائم”.
وبحسب الأرقام التي نشرتها وزارة الداخلية الخميس، فإنّ أكثر من 1,5 مليون شخص تقدموا بملفات، بينهم 300 ألف في شهر اغسطس فقط.
وتعلّق مايك بون التي شاركت في تأسيس جمعية “ذي ثري ميليون” المعنية بالدفاع عن مصالح الرعايا الأوروبيين في المملكة المتحدة، أنّه “رغم تأكيدات سكرتير الدولة، لدينا ما يثبت أنّ مواطنين أوروبيين حصلوا على وضع ما قبل التسوية , في حين أنّهم أتموا في المملكة المتحدة أكثر من خمس سنوات”.
وتابعت “من المثير للقلق ألا يكون وزير الدولة مستعداً للاهتمام بالمشاكل التي يواجهها العديد من المواطنين الأوروبيين مع الإجراء المتبع”.