بيعت لوحة “درس القرآن” للفنان التركي عثمان حمدي بك بمبلغ 4.640.100 جنيه إسترليني بعد عرضها في مزاد سوذبيز في لندن، متفوقة على كافة اللوحات التي كانت معها في المجموعة ذاتها في المزاد.
وتشهد سوق الأعمال الفنية اهتماماً كبيراً بأعمال حمدي بك بسبب ندرتها وازدياد الإقبال عليها في تركيا التي تعتبر أن أعماله ثروة قومية يجب الحفاظ عليها، إلى جانب رغبة متاحف الفن الإسلامي باقتنائها.
وتفوقت اللوحة على لوحة الفنان الفرنسي جان ليون جيروم “فرسان يعبرون الصحراء” والتي بيعت بمبلغ 3.135.000 جنيه إسترليني، كما تفوقت على لوحة “سوق يافا” للفنان الألماني غوستاف باورنفيند التي بيعت بمبلغ 3.782.900 جنيه إسترليني.
وتعد لوحة “درس القرآن” المرسومة عام 1890 ثالث أعمال حمدي بك التي عُرضت للبيع خلال شهر واحد، الأمر الذي يعد حدثاً نادراً، حيث بيعت لوحته “قارئة القرآن” التي رسمها عام 1880 بمبلغ 6,7 مليون جنيه إسترليني بعد عرضها في مزاد “بونامز” في سبتمبر الماضي.
أما مشتري هذه اللوحة فكان متحف الفن الإسلامي في ماليزيا، وهي في الوقت الحالي مُعارة للعرض في المتحف البريطاني ضمن معرض “مستلهم من الشرق” حتى بداية العام المقبل.
كما تم بيع لوحته “سيدة تركية من إسطنبول” المرسومة عام 1881 بعد عرضها في مزاد دار “دوروثيم” بمبلغ 1.500.000- 1.800.000 يورو، وهو مبلغ يقل كثيراً عن المبلغ الذي بيعت به عام 2008 والذي بلغ 3,4 مليون جنيه إسترليني.
وتدل هذه المبيعات على العودة للاهتمام بالفن الاستشراقي في ظل وجود تنافس كبير بين دول الشرق الأوسط لشراء اللوحات وعرضها في المتاحف مثل هيئة المتاحف القطرية ومتحف اللوفر أبوظبي.
وكشف رئيس قسم الفن الأوروبي في القرن الـ19 في دار سوذبيز إلى أن 75% من الأفراد والمؤسسات المشترين لوحات الفن الاستشراقي يكونون من دول إسلامية.
ويُشار إلى أن مزادات سوذبيز عرضت 44 لوحة ضمن ما يعرف بـ”مجموعة نجد” للفن الاستشراقي، لتكون أكبر مجموعة من اللوحات تعرض للبيع مرة واحدة.
وتضم مجموعة نجد 155 عملاً من أعمال الفنانين الاستشراقيين جمعت في سبعينات وثمانينيات القرن الـ20، وقد جمعها صاحب غاليري “المتحف” في لندن بريان ماكديرموت، لكن في الوقت الحالي تعود ملكيتها إلى رجل أعمال ثري من الشرق الأوسط لم تُعرف هويته.
وقد اكتسبت المجموعة اسمها بين دارسي الفن وجامعي التحف واللوحات عقب نشر كتاب لكارولين جولير بالاسم ذاته عام 1991.
وتجدر الإشارة إلى أن حمدي بك يعد أحد رواد الفن الإسلامي الذين رسموا بالأسلوب الغربي وأول رسام تركي يرسم بهذه الطريقة، لكنه لم يكن رساماً متفرغاً بل كان يعمل في الإدارة العامة العثمانية.
شغل حمدي بك عدة مناصب كما كان حقوقي وعالم آثار ومدير لعدة متاحف ومعماري ورسام وموسيقي وشاعر ورمز من رموز الثقافة الحديثة في أواخر الدولة العثمانية.
وأسس حمدي بك أكاديمية الفنون الجميلة في إسطنبول وعدداً من متاحف تركيا الكبرى مثل متحف إسطنبول الأثري والمتحف التركي المعاصر.
كما عمل في مجال التنقيب عن الآثار، ويرجع الفضل له وراء التشريعات التي نظمت العمل الآثاري، ومن أبرز أعماله في هذا المجال حفريات مقبرة ملك صيدا في لبنان، حيث اكتشف التابوت الحجري للإسكندر عام 1887.