حان وقت الواقعية الجديدة، هذا ربما ما يجب على المملكة المتحدة اتباعه باتخاذ سياسة خارجية أكثر مرونة في عالم ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، خاصة إذا كانت تريد جني أرباح اقتصادية من الأسواق الجديدة.
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اعتبر أن خروج المملكة المتحدة من السوق الأوروبية الموحدة يشكل “لحظة رائعة”، مؤكدا أن بلاده ستكون “مفتوحة وسخية ومنفتحة على الخارج”. وقال: “نحن أحرار في عقد صفقات تجارية في كل أنحاء العالم.”
تقارير اقتصادية أكدت أن هناك رغبة مشتركة ونطاق لتحقيق نمو كبير في الخدمات بين المملكة المتحدة ودول الخليج، التي تعمل على تطوير اقتصاداتها غير النفطية وبناء القدرات في مجال الرعاية الصحية والتعليم والخدمات المالية.
منطقة الخليج “شريك تجاري مهم” للمملكة المتحدة
في عالم ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ستسعى بريطانيا إلى زيادة نفوذها الإقليمي على أساس ثلاثة دوافع مترابطة: حماية مصالحها الوطنية ، وتوفير ضمانات أمنية لشركائها في مجلس التعاون الخليجي، ومشاركة دبلوماسية أكبر لحل النزاعات الإقليمية.
تاريخ من المعاهدات والتعاون
يعود التعاون العسكري والدبلوماسي البريطاني مع منطقة الخليج إلى 200 عام. تم التوقيع على سلسلة من المعاهدات بين بريطانيا العظمى والشيوخ والقادة الذين يحكمون دول مجلس التعاون الخليجي الحالية مما أدى إلى منافع متبادلة لجميع الأطراف الموقعة.
في عام 2018، ارتفعت صادرات الدفاع البريطانية إلى مستوى قياسي بلغ 14 مليار جنيه إسترليني، حيث شكلت المبيعات إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ودول الشرق الأوسط ما يقرب من 80٪.
وستكون منطقة الخليج هي الجائزة الرئيسية، حيث تمثل 50.8 مليار دولار من 57.2 مليار دولار في تجارة المملكة المتحدة مع الشرق الأوسط.
التجارة والاستثمار المتبادل
بلغ حجم تجارة المملكة المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2016، 44.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة عن 19.1 مليار دولار أمريكي في عام 2010.
قامت بريطانيا بحملة دبلوماسية تؤكد على أهمية دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للتجارة الخارجية للمملكة المتحدة، والخطط الاستثمارية مثل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ورؤية قطر الوطنية 2030 ورؤية الكويت 2035 يمكن أن توفر منصة ممتازة للمعرفة البريطانية.
المملكة العربية السعودية
في عام 2018، توصلت بريطانيا والسعودية إلى صفقة بقيمة 65 مليار جنيه استرليني من التجارة والاستثمار. والمؤشرات الحديثة الأخرى على التعاون تعد إيجابية جدا :
الإمارات العربية المتحدة
أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة في دول مجلس التعاون الخليجي، بلغ إجمالي التجارة بين البلدين 17.5 مليار جنيه إسترليني في عام 2017.
قطر
وصلت التجارة الثنائية إلى 5.3 مليار جنيه إسترليني في عام 2018 ، وصدرت حوالي 4500 شركة بريطانية البضائع إلى قطر، مع استيراد حوالي 500.
توفر قطر ثلث احتياجات بريطانيا من الغاز. استثمرت الدوحة بالفعل حوالي 3 مليارات جنيه إسترليني في مشاريع البنية التحتية والعقارات بين عامي 2017 و 2018 كجزء من تعهد أكبر (5 مليارات جنيه على مدى 36 شهرًا)
الكويت
بلغ التبادل التجاري 4 مليارات دولار أمريكي في عام 2018 بزيادة تصل إلى 20٪ في عامين. أعلن مكتب هيئة الاستثمار الكويتية في لندن أنهم سيواصلون أعمالهم بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أن التأثير المباشر على استثماراتهم غير ملحوظ. بعد استفتاء عام 2016 بلغت استثماراتها في بريطانيا 30٪ فقط، أي ما يعادل 180 مليار دولار أمريكي.
عُمان
ارتفعت التجارة بين المملكة المتحدة وسلطنة عمان بنسبة 90٪ إلى حوالي 2.8 مليار جنيه إسترليني في عام 2018 ، مقارنة بعام 2016.
البحرين
بلغ حجم التجارة الثنائية نحو 1.1 مليار جنيه (2018- آذار 2019 (بزيادة 9٪ عن الأعوام السابقة).
تجارة الأسلحة
المملكة المتحدة مُصدِّر رئيسي للأسلحة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغت مبيعاتها 1.2 مليار جنيه إسترليني في عام 2019، وفقًا لأرقام حملة مناهضة تجارة الأسلحة.
اتفاقية تجارة حرة
تتطلع بريطانيا إلى إقامة علاقات تجارية أوثق مع دول مجلس التعاون الخليجي بموجب اتفاقية تجارة حرة يمكن من خلالها إلغاء التعريفات الجمركية، كما لن تحصل حكومة المملكة المتحدة أيضًا على المزيد من الإيرادات الضريبية إذا تم تخفيض الرسوم الجمركية على الواردات، مع تعويض خسارة ضريبة الاستيراد الأولية في مضخة البنزين، حيث من غير المرجح أن تنخفض الضرائب الإجمالية على الهيدروكربونات.
تعتمد المملكة المتحدة بشكل أكبر على الخليج، وتحديداً قطر، للغاز الطبيعي، حيث تستورد 39 في المائة من الغاز الطبيعي المسال في المملكة المتحدة، نصفها قطري.
الميزان التجاري مع أكبر شريكين تجاريين، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هو لصالح المملكة المتحدة.
حيث تصدر المملكة المتحدة 7.6 مليار جنيه إسترليني إلى الإمارات العربية المتحدة، بينما تستورد 3 مليارات جنيه إسترليني (منها مليار دولار نفط وغاز)،
وتصدر 3.6 مليار جنيه إسترليني إلى المملكة العربية السعودية، وتستورد 3.3 مليار جنيه إسترليني (منها 2.6 مليار جنيه إسترليني للنفط والغاز).
من المهم أن تغطي أي اتفاقية تجارة حرة السلع، وبالنسبة للمملكة المتحدة فإن الوصول الأكبر لقطاعات الخدمات – التي تمثل حوالي ثلث صادرات المملكة المتحدة – سيكون ميزة، وربما أكثر من التجارة، حيث يتم فرض ضرائب على الواردات بنسبة 5٪ في دول مجلس التعاون الخليجي.
مع خدمات بهذه الأهمية، فإن السؤال المطروح عما إذا كانت هناك حاجة فعلية لاتفاقية التجارة الحرة. في الواقع، هناك اتفاقيات ولجان لتعزيز العلاقات الاقتصادية وبذلك فإن اتفاقية التجارة الحرة يمكن أن تكون مفيدة للمملكة المتحدة، لكنها لاتعتبر أولوية.
البحث عن أسواق جديدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
بينت أرقام الحكومة البريطانية أن منطقة الخليج تستحوذ على 50.8 مليار دولار من تجارة المملكة المتحدة مع الشرق الأوسط البالغة 57.2 مليار دولار. قد ترتفع هذه الأرقام بشكل حاد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مع عزم المملكة المتحدة على متابعة صفقات تجارية مستقلة.
تمثل منطقة الخليج العربي، حتى بدون اتفاقية تجارة حرة منتدى جذابًا لزيادة الاستثمار. وبحسب ما ورد من معلومات فقد حددت المملكة المتحدة ما قيمته 38 مليار دولار من الفرص الجديدة سنويًا للشركات البريطانية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2021، مع التركيز على قطاعي الرعاية الصحية والدفاع.
على أمل تطوير العلاقات التجارية بشكل أكبر، أنشأت الحكومة البريطانية فريق تمويل الصادرات البريطاني المخصص في الإمارات العربية المتحدة في عام 2018، حيث تم توفير دعم مالي يزيد عن 30 مليار جنيه إسترليني لمشاريع مختلفة في الشرق الأوسط.
آفاق تعاون تجاري اقتصادي
تسعى لمملكة المتحدة إلى إيجاد وتعزيز شركاء تجاريين من خارج الاتحاد الأوروبي كجزء من استراتيجيتها “بريطانيا العالمية”، وتعيين منطقة الخليج لجذب المستثمرين في المملكة المتحدة، لا سيما بالنظر إلى نموها الاقتصادي المتزايد.
تصدر المملكة المتحدة بالفعل حوالي 30 مليار جنيه إسترليني سنويًا إلى المنطقة. وتتوقع زيادة هذه الأرقام من خلال الوصول إلى تجارة واستثمار إضافية بقيمة 100 مليار دولار في المملكة العربية السعودية حتى عام 2030، و25 مليار دولار من التجارة الثنائية السنوية مع الإمارات العربية المتحدة بحلول عام 2025.