دخلت دول الخليج على خط الاستثمار بالشركات العالمية بمختلف المجالات، خاصةً السعودية والإمارات وقطر والكويت، في إطار سعيها لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن أسواق النفط التي عانت خلال العقد الماضي تذبذباً بالأسعار، باعتبارها استثمارات أكيدة النجاح ولها مستقبل توسعي وعوائد مرتفعة.
وتستثمر تلك الدول عبر صناديق الثروة السيادية التي تضم مئات مليارات الدولارات الفائضة من عوائد النفط، حيث تضخها في مشاريع داخلية وخارجية، مثل شراء حصص بالشركات الناجحة عالمياً.
بعيداً عن أسواق النفط الإمارات تتصدر
في الآونة الأخيرة برزت استثمارات بعض الدول الخليجية في شراء حصص بشركات التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي التي حققت قفزة نوعية كبيرة خلال فترة وجيزة، وأصبحت ضمن كبرى الشركات من حيث القيمة السوقية عالمياً، خصوصاً أنها تتجاوز موازنات دول ليست صغيرة.
وكانت آخر تلك الاستثمارات ما أعلنت عنه شركة مبادلة للاستثمار، المملوكة لحكومة أبوظبي، وصندوق “أبوظبي كاتاليست بارتنرز”، من استثمار 150 مليون دولار في شركة “تليغرام” للتواصل الاجتماعي.
وقالت “مبادلة”، ببيان، في (23 مارس 2021)، إن الاستثمار سيكون في صورة سندات قابلة للتحويل إلى أسهم لأجل 5 سنوات قبل الاكتتاب العام المُزمَع، وذلك بالتعاون مع صندوق “أبوظبي كاتاليست بارتنرز” الذي سيستثمر أيضاً مبلغ 75 مليون دولار في المنصة.
وتوقعت أن تسهم هذه الشراكة الاستراتيجية في خلق فرص جديدة للتعاون، ومن ثم دعم وتعزيز المنظومة المتكاملة من شركات الابتكار والتكنولوجيا في أبوظبي.
فرصة استثمارية رابحة
وقال المحلل الاقتصادي كمال عبد الرحمن، إن استثمار الإمارات في موقع تليغرام جاء بعد طرح الشركة بعض الأسهم للاكتتاب العام، وهي فرصة استثمارية رابحة على الصعيد الاستراتيجي بما أن الموقع ينمو بشكل متسارع.
وأضاف أن مثل هذه الاستثمارات لها مستقبل في العالم، باعتبار أن مثل تلك الشركات تمتلك أكبر قيم سوقية في أسواق المال، اليوم، وأرباحها في تزايد مع انخفاض تكلفة التشغيل”.
ولفت عبد الرحمن إلى أن “هذه الشركات باتت عملاقة وعابرة للدول والقارات، وأرباحها أكيدة، وتخطت في رأسمالها شركات صناعية ضخمة يصل عمرها إلى 100 عام؛ وهو ما دفع الإمارات لدخول هذا القطاع”.
السعودية تستثمر في “فيسبوك” بعيداً عن أسواق النفط
ولا تعد تجربة الاستثمار في مواقع التواصل جديدة خليجياً، فقد كانت السعودية سباقة في ذلك، حيث استمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي في شراء حصص بشركة “فيسبوك”، أكبر مواقع التواصل الاجتماعي عالمياً.
واشترى صندوق الثروة السيادي السعودي حصة بقيمة 522 مليون دولار في موقع فيسبوك، وفق ما ذكرته وكالة رويترز في 16 مايو 2020.
توقعات بمزيد من الصفقات
وبخصوص الاستثمار السعودي بمواقع التواصل وشركات التكنولوجيا، قال المحلل كمال عبد الرحمن: “أدى انخفاض أسعار النفط، أكثر من مرة، إلى تفكير المملكة جدياً في التوجه نحو استثمارات تحقق أرباحاً كبيرة بوقت قياسي، ولذلك دخلت سوق الاستثمار في هذه الشركات، خصوصاً الأمريكية منها، وبذلك تحقق أهدافاً سياسية، إضافة إلى مكتسبات اقتصادية جيدة”.
ويتوقع عبد الرحمن أن تلجأ الرياض إلى عقد مزيد من الصفقات مع شركات ومواقع أخرى خلال السنوات القادمة؛ “لتنويع استثماراتها، ومن الممكن أن تكون لديها وجهات أخرى صينية أو كورية جنوبية أو يابانية باعتبار أن هذه الدول بات لديها سوق واسعة جداً في الآونة الأخيرة”.
وأشار إلى أنّ تفشي وباء كورونا عالمياً زاد من قوة مواقع التواصل الاجتماعي وشركات التجارة الإلكترونية التي تعتمد عليها بالإعلانات؛ “ما جعل الاستثمار فيها مهماً جداً حالياً، فالمستقبل الآن لها ولشركات عالمية ناشئة أخرى، والعواصم الخليجية الغنية لا تود أن تفوّت مثل هذه الفرص الاستثمارية مبكراً”.
الوليد بن طلال يستثمر في تويتر
وكان رجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال آل سعود من بين أوائل المستثمرين الخليجيين بشراء أسهم في شركات مؤسِّسة لمواقع التواصل الاجتماعي، حيث حصل على أسهم بشركة “تويتر” في عام 2011.
ودفع الأمير السعودي نحو 300 مليون دولار قيمة الصفقة، ما عُدّ حينها حصة استراتيجية.
ويمتلك بن طلال حالياً نحو 5.17% من أسهم “تويتر”، ما يجعله ثاني أكبر مساهم بعد الرئيس التنفيذي السابق وأحد مؤسسي الموقع، إيفان ويليامز.
يذكر أن قيمة الاستثمارات السعودية التي يقودها صندوق الثروة السعودي في السوق الأمريكية بنحو 12.8 مليارات دولار حتى ديسمبر عام 2020.