بالتزامن مع أزمات النفط والحروب على الغاز والطاقة تتجه الدول لفطم نفسها عن المنتجات النفطية بإيجاد البدائل، وبالتالي فإن الدول المنتجة للنفط والتي يعتمد اقتصادها كلياً على هذا السائل الأسود كان عليها أن توجد بدائل لنفسها عن الاقتصاد النفطي.
وبالحديث عن النفط فهذا بالضرورة يستدعي الحديث عن أحد أكبر منتجي النفط حول العالم وهي المملكة العربية السعودية إذا أن نظرتها الاستراتيجية لكيفية بناء مستقبلها الاقتصادي جعلها تبدأ بخطوات فعلية بالعمل على بناء مسار جديد بعيداً عن النفط، والآن السعودية تسير على طريق الاقتصاد غير النفطي.
أسرع معدل توسع منذ تشرين الأول 2021
توسع القطاع الخاص السعودي غير النفطي خلال شهر آب بأسرع معدل له منذ أكتوبر من العام الماضي بعد أن أدى تحسن ظروف الطلب إلى تعزيز النشاط التجاري بحسب مسح خاص بمؤشر مديري المشتريات والذي أوضح أن تحسن ظروف الطلب عزز النشاط التجاري السعودي.
كما أظهر مؤشر “ستاندرد آند بورز غلوبال” لمديري المشتريات في السعودية ارتفاع المعدل موسمياً للاقتصاد بأكمله إلى 57.7 في شهر أب من 56.3 في تموز، متجاوزا متوسط السلسلة منذ عام 2009 البالغ 56.8.
وأوضح ديفيد أوين الخبير الاقتصادي في “ستاندرد آند بورز غلوبال”، أن “مؤشر مديري المشتريات في السعودية بين وجود مرونة إضافية في الاقتصاد غير النفطي خلال شهر آب، مع استمرار ارتفاع النشاط التجاري والمبيعات بشكل حاد على الرغم من التقارير عن تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية”.
وأضاف أن “إجمالي الطلبات الجديدة ارتفع بأسرع وتيرة منذ شهر تشرين الأول من العام الماضي مدفوعاً بتحسين طلب العملاء وزيادة الصادرات وانتعاش واسع النطاق في الظروف الاقتصادية منذ الجائحة”.
كما أدت الزيادة القوية في طلبات التصدير الجديدة إلى زيادة الطلبيات الجديدة، على الرغم من ارتفاعها بوتيرة أضعف قليلاً من يوليو، عندما سجلت أعلى مستوى لها منذ ثمانية أشهر.
وارتفع مؤشر الإنتاج الفرعي، الذي يقيس النشاط التجاري، إلى 61.5 في أغسطس من 59.9 في يوليو تموز بما يتماشى تقريباً مع متوسط السلسلة البالغ 61.4.
وتباطأ الارتفاع في تكاليف المدخلات للشهر الثاني على التوالي بما يتماشى تقريباً مع متوسط السلسلة.
تريليون دولار.. للسياحة
أولى المجالات التي تخطط المملكة العربية السعودية لتنميتها استراتيجياً هي القطاع السياحي، حيث تخطط الحكومة لإنفاق تريليون دولار على مدى العقد المقبل لتحويل السعودية إلى وجهة سياحية عالمية عملاقة، بحسب تحقيق لصحيفة وول ستريت، وتناول التحقيق أيضاً الحديث عن قطاع الرحلات البحرية الناشئ والمنتجعات الفاخرة على البحر الأحمر والنُزُل البيئية في الصحراء قيد الإنشاء.
بدأت السياح تتوافد إلى السعودية بعدر رفعها لآخر قيود السفر المتعلقة بفايروس كورونا في شهر آذار، لاكتشاف عاصمتها المترامية الأطراف وستة مواقع مدرجة على لوائح اليونسكو للتراث العالمي والضيافة العربية التقليدية.
وكما تخطط المملكة لجذب 55 مليون سائح دولي سنوياً بحلول عام 2030، أي ما يزيد قليلاً عن نصف العدد الذي زار فرنسا، الوجهة الأكثر شعبية في العالم، في عام 2019، كجزء من خطط إنشاء قطاعات اقتصادية جديدة لا علاقة لها بالنفط
ويذكر أن المملكة استقطبت ما يقرب من 3,5 مليون سائح في عام 2021 – باستثناء الحجاج – و 6,1 مليون في النصف الأول من عام 2022.
وقد خصصت الحكومة 4 مليارات دولار لتشجيع استثمارات القطاع الخاص في القطاع السياحي. وتخطط سلسلة فنادق “راديسون هوسبيتاليتي إنكط.، التي تملك 26 فندقاً في المملكة العربية السعودية، لافتتاح 20 فندقاً جديداً خلال السنوات الثلاث المقبلة، وتريد شركة هيلتون العالمية القابضة إضافة 75 فندقاً على مدار عقد إلى 16 فندقاً حالياً.
جذب المشاهير
واتبعت السعودية نهجاً ترويجياً واستراتيجياً لخططها السياحية وذلك باستقطاب المشاهير في قطاع الضيافة للإشراف على تنفيذ الخطط السياحية الجديدة، وأحد أولئك هو جيري إنزيريلو ، مدير الضيافة والسياحة الشهير من بروكلين الذي أطلق فنادق ومنتجعات من جزر الباهاما إلى جنوب إفريقيا.
وقد تم تعيينه في عام 2018 لإدارة مشروع تطوير بوابة الدرعية، وهو مشروع تطوير بقيمة 40 مليار دولار له ويهدف إلى ترسيخ قصة أصل المملكة العربية السعودية ، لكل من الاستهلاك المحلي والجاذبية السياحية العالمية.
“في عالم من العجائب، هناك درعية واحدة فقط” هي عبارة السيد إنزيريلو لتسويق الجاذبية السياحية للموقع، والتي لا تعرف إلا القليل من الأسماء خارج المملكة العربية السعودية.
ويعتبر مشروع تطوير بوابة الدرعية الآن من بين أكثر المشاريع تقدماً في سلسلة مشاريع البناء الضخمة التي تشمل ناطحة سحاب من المقرر أن تمتد لمسافة 75 ميلاً. فالمشروع مغلق أمام الجمهور للتجديد، ولكن الهدف هو إعادة فتح المنطقة التاريخية – أحد مواقع اليونسكو في المملكة – قبل نهاية العام بهدف جذب 27 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030.