لم تعد بريطانيا العظمى في قلب رغبات ومصالح عديد من الأثرياء الذين يفضلون الانتقال إلى مكان آخر، فلا يزال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من بين الأسباب، كما انخفضت الرغبة في الاستثمار في الشركات والعقارات الفاخرة والاستفادة من الخدمات المصرفية للمدينة في السنوات الأخيرة.
وبحسب تقرير جديد صادر عن شركة استشارات المواطنة “هينلي أند بارتنرز” في لندن، أن أكثر من 1000 مليونير غادروا المملكة المتحدة في عام 2022، حيث انتقل المستثمرون ورجال الأعمال الأثرياء إلى الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وآسيا، مع استمرار تدفق الأثرياء خارج البلاد منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست” وسط مناخ سياسي مضطرب واقتصاد منهك.
ما الذي جعل المستثمرون يتجنبون بريطانيا
وفقاً لدراسة “هينلي أند بارتنرز” فإن هروب الأثرياء بدأ بعد فترة وجيزة من التصويت في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، حيث أسهم تصويت البريطانيين لصالح وداع الاتحاد الأوروبي في فقدان أهمية لندن المركزية على المستوى العالمي، من بين الأسباب وراء فرار الأثرياء أيضاً تشديد اللوائح المتعلقة بأصل رأس المال الأجنبي، بما في ذلك قواعد مكافحة غسل الأموال، والعقوبات البريطانية ضد الدول التي دخلت في علاقات سيئة مع الغرب.
ومن بين العوامل الداخلية التي تقلل من جاذبية بريطانيا عدم الاستقرار السياسي الذي اتضح العام الماضي مع ثلاثة تغييرات في القيادة السياسية في غضون بضعة أشهر، وكذلك الركود في وقت يكافح فيه للتعافي في مختلف القطاعات، ناهيك بموجة الاضطرابات التي اجتاحت مختلف القطاعات في البلاد وعلى رأسها الصحة والنقل والتعليم.
ومع ذلك، فإن استقرار أصحاب الملايين في المملكة المتحدة لا يزال سمة من سمات الدولة، فهناك 737 ألف ثري في البلاد، ولكن تظهر اليوم وجهات مفضلة جديدة للأثرياء.
وبحسب الدراسة، فقد استقطبت الإمارات، وخصوصاً دبي، أكبر تدفق من أصحاب الملايين العام الماضي.
الحكومة لا تملك خطة اقتصادية استراتيجية
في الوقت الذي تقوم فيه جميع الاقتصادات والتكتلات الرئيسة في العالم المتقدم بإطلاق برامج استثمارية عملاقة مدعومة باستراتيجية صناعية، لتغيير معالم الاقتصاد العالمي بشكل جذري، تقوم المملكة المتحدة بانتهاج سياسة التقشف المالي.
من جانبه، حذر رئيس الصناعة البريطانية من أن المستثمرين العالميين يتجنبون بريطانيا لأن الحكومة ليس لديها خطة اقتصادية متماسكة وتفشل في مواكبة التغيرات في السياسات الاقتصادية العالمية.
وقال المدير العام للاتحاد البريطاني للصناعة (CBI)، توني دانكر، “المال يغادر المملكة المتحدة، وعدد المستثمرين يتجمد، وجوهر المشكلة هو أنه ليس لدينا استراتيجية”.
تابع دانكر، “إن المملكة المتحدة يجب ألا تحاول التنافس مع الإعفاءات والامتيازات الضريبية التي قدمها بايدن، ولا ينبغي لها أيضاً أن تحاول مطاردة حزمة الاتحاد الأوروبي المتزايدة باستمرار من الصفقات الخضراء والإعانات الصناعية، الحقيقة المروعة هي أننا سنخسر حرب الدعم، لقد استنفدنا كل طاقتنا في جمع الضرائب لسد الثغرات، لذا يتعين علينا إيجاد روافع أخرى”.
وأضاف، “إن الرأي السائد لأعضاء الاتحاد البريطاني للصناعة، أن رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، قد فشل في الانتقال إلى لاقتصاد الأخضر”، وهو أكبر محفز للنمو في العصر الحالي.
بينما يرى رئيس الاتحاد البريطاني للصناعة، أنه ينبغي على حكومة بلاده أن تتجنب الطريق المسدود المتمثل في جذب مستثمرين جدد، وهي أكثر أنواع السياسة الصناعية إهداراً للموارد، ولكن الأفضل تركيز مواردها الشحيحة على رعاية قصص النجاح الحالية.