في ظل الانقسامات الجيوسياسية التي تحكمها سلطات الأمر الواقع التي اختطفتها قوى إقليمية ودولية، لا تزال العملية السياسية لإنهاء الصراع في سوريا في طريق مسدود، وتم استبعاد الصوت السوري الحقيقي بشكل منهجي في المناقشات أو الجهود المبذولة لحل الصراع، واتخاذ إجراءات حقيقية من المجتمع الدولي لمعالجة ذلك.
مبادرة “مدنية” التي انطلقت اليوم الثلاثاء بحضور ممثلي 150 منظمة من منظمات المجتمع المدني السوري في معهد العالم العربي بباريس، بتمويل ورعاية رجل الأعمال السوري البريطاني أيمن أصفري، والذي أطلق هذه المبادرة بهدف تعزيز الفاعلية السياسية للفضاء المدني السوري، لكن هل يسعى الأصفري لأن يحل مكان الأسد من بوابة مبادرة “مدنية” بحسب ما يتم تداوله في بعض الأروقة البريطانية والفرنسية؟
بعد ﯾوم عمل ﻣﻐﻠق لنقاش أولويات وآليات العمل المشترك ﻣﺳﺗﻘبلاً، التقى أمس الإثنين ممثلو المؤسسات اﻟﺳورﯾﺔ على شكل ورشة عمل تناقش من خلالها مؤسسات المجتمع المدني أولويات العمل المدني ومقاربات العمل المشترك في إطار الرؤية المشتركة تحت مظلة مدنية. هذه النقاشات تشكل نقطة انطلاق لأعضاء مدنية لتشكيل الخطط المستقبلية لمدنية للعمل بشكل جماعي بما يتناسب مع واقعهم واحتياجاتهم ووجهات نظرهم وكما تؤطره القيم والرؤية المشتركة.
ماذا وراء “مدنية”؟
تسعى مدنية أن تقدم نفسها للمجتمع الدولي ولدوائر صنع القرار السياسي الإقليمي والغربي كجسم سياسي بديل لكافة الأجسام السياسية السورية خاصة أنها تعمل على ضم أعضاء من خلفيات وتيارات مختلفة وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها “أرابيسك لندن” فإن أعضاء في نواد وجمعيات بريطانية قريبة من دوائر صنع القرار أشارت على الأصفري التحرك في هذه الخطوة لجس نبض الشارع السوري لتقبله لهكذا جسم سياسي خاصة وأنه معروف على الأصفري بأنه يطرح نفسه بديلاً للأسد لدى دوائر صنع القرار الغربية.
وبحسب المعلومات نفسها فإن هذه الخطوة لاقت استياءً وعدم ارتياح من الجانب السعودي والإماراتي ففي لقاء حصل بين الأصفري وأحد الدبلوماسيين العرب في منزل الأصفري الشهر الفائت في حي ويست هامستد وسط لندن للحصول على المباركة الخليجية لهذه الخطوة التي لم يحصل عليها حيث كان الرد بأنه يجب التريث بها حتى يتبلور الحل أكثر الذي تتبناه الجامعة العربية.
بحسب بيان رسمي حصلت “أرابيسك لندن” على نسخة منه، فإن مدنية هي مبادرة بقيادة وتمويل سوري، مستقلة عن أي نفوذ سياسي وأجنبي، تهدف إلى تعزيز الفاعلية السياسية للفضاء المدني السوري. مهمتنا هي حماية الفضاء المدني ودعم الدور الرائد للمجتمع المدني في بناء مستقبل سوريا. تتمثل رؤيتنا في سوريا شاملة وديمقراطية وذات سيادة، يتساوى مواطنوها جميعًا في ظل سيادة القانون.
ويقول مؤسسو المبادرة: “إن الهدف من استعادة القدرة السياسية متجذر في إيماننا بأننا، الجهات الفاعلة المدنية السورية، يجب أن نشارك بنشاط في تشكيل جميع المسارات التي يمكن أن تؤدي إلى حل سياسي ، على النحو الذي يحميه قرار مجلس الأمن نفسه، نحن دائرة انتخابية قائمة على القيم تعمل من أجل دولة تدعم حقوق الإنسان والحريات وسيادة القانون”.
من جهته، أكد أيمن أصفري، رئيس ﻣﺟﻠس إدارة مبادرة مدنية أنه: “لا يمكننا فصل المجتمع المدني عن الخطاب السياسي الذي يحدث في سوريا”، مبيناً أنه “ﻋﻠﻰ مدى العقد الماضي، لعبت ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺳوري دوراً استثنائياً ﻓﻲ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ قيم اﻻﻧﺗﻔﺎﺿﺔ اﻟﺳورﯾﺔ وﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺳورﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ. ﻟﮭذه اﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﺷرﻋﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ أن ﯾﻛون ﺻوﺗﮭﺎ ﻣؤﺛراً عند ﻧﻘﺎش ﺣﺎﺟﺎت اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ومستقبله، ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك دﻋم أي عملية سياسية. المبادرة ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺟﻣﻊ ھذه المؤسسات ﻣﻌﺎً، متحدة ﻣن ﺧﻼل القيم واﻷھداف اﻟمشتركة”.
يذكر أن أيمن أصفري هو المالك والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة بتروفاك، ومستشار أول في معهد تشاتام هاوس، وشريك مؤسس وعضو مجلس أمناء مؤسسة الأصفري وعضو مجلس أمناء كلاً من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والجامعة الأمريكية في بيروت منذ 2007. وشغل عدة مناصب منها عضو مجلس إدارة الجمعية البريطانية السورية وعضو مؤشر FTSE 100 ومهندس في Conser Consulting Group وسفير أعمال لدى رئيس الوزراء البريطاني، وانتخب زميلاً في كل من Energy Institute والأكاديمية الملكية للهندسة عام 2014.