من الإعلام إلى الإعلان وليس انتهاءً بالإنتاج، لمع اسم المبدع المغربي حفيظ فراس الذي أسس ويدير اليوم وكالة WE ARE 360، واحدة من أكثر وكالات الإنتاج الإعلاني تميزاً، حيث تركت هذه الوكالة بصمة فريدة بسبب جمعها بين الابتكار، الإبداع، وإنتاج المحتوى المتكامل.
“أرابيسك لندن” تشرفت باستضافة السيد فراس، ليطلعنا عن أسرار التميز في مجال الإنتاج الإعلاني والكثير عن هذا المجال المفعم بالإبداع والشغف!
حاورته: بيداء قطليش
عالم الإعلام الواسع كان البداية، التمثيل الإذاعي، التقديم إلى الإعداد إلى تأسيس وكالة تواصل وإنتاج فيديوهات رقمية وتلفزيونية متخصصة، بمفرداتك الخاصة، من هو حفيظ فراس؟
الموهبة كانت أساس البداية، حيث في سن مبكرة خلال التسعينيات كنت أتابع الإعلانات التي كانت تبث على القنوات المغربية، وكنت منبهراً ببعض الأصوات التي كانت تؤديها وكانت مشهورة آنذاك، كنت واثقاً من قدرتي أنا أيضا على الانضمام إلى ذاك المجال الإذاعي والتلفزيوني من خلال صوتي. وفي يوم من الأيام، وخلال رحلة من الرحلات التي قمت بها في إطار عملي الأول كمضيف للطيران، التقيت بأحد الإعلاميين المشهورين آنذاك فطلبت منه مساعدتي وكان لي ذلك، حيث أخذ لي موعداً مع إحدى أكبر وكالات الإشهار بالمغرب top publicité التي آمنت بموهبتي على إثر تسجيلات وتمرينات قمت بها لصالحها، وكانت النتيجة تسجيل أول إعلان تلفزيوني. كان شعوري آنذاك ممزوجاً بين الانبهار والفخر لأن صوتي أصبح يبث على القنوات الكلاسيكية (الراديو والتلفزة)، ولأن الجديد يُبهر، وضعت العديد من الوكالات الأخرى ثقتها تباعاً في هذا الصوت الشاب الجديد. بعد سنوات من العمل، قررت التفرغ لهذا المجال، حيث تكونت لدي رؤية ناشئة جديدة دفعتني لولوج مجال كتابة الإعلانات، لأني في غالب الأحيان لم أكن مقتنعاً بما يكتبونه لي، وهكذا أصبحت من كتاب الإعلانات في المغرب. هذا المجال الجديد دفعني للابتكار واقتراح أفكار جديدة وأعطاني مهنة جديدة: كاتب مبتكر ناطق باللغة العربية.
في سنة 1995، التحقت بتلفزيون أبوظبي الذي كان لا يزال تابعاً لوزارة الإعلام، وقمت بكتابة وإنتاج برنامج وثائقي حول عيد الجلوس الإماراتي تطرقت فيه لإنجازات الشيخ زايد على لسان شخصيات أجنبية عايشت تلك الفترة. كما استفدت من تدريب بمؤسسة العين للاعلان وهي شركة اعلانات كانت متمركزة في أبوظبي.
لم تتوقف رغبتي في تطوير موهبتي عند هذا الحد وأنا الذي كنت أحلم بالتلفزة، هذه القناة الحديثة التي فتحت لي مجالاً جديداً لأنضم إلى جيل من الاعلاميين المبدعين الشباب، حيث وضعت القناة الثانية 2M ثقتها في لتقديم النشرة الجوية العربية وبرنامج مسابقات كان مشهوراً آنذاك وهو “سباق الحروف”، والعديد من البرامج الثقافية والإخبارية. مساري التلفزيوني سهل علي بالموازاة ولوج فرص كبرى في الإعلانات لأنني أصبحت شخصية عامة وكنت أوازي بين عملي في التلفزة وبين الابتكار في مجال الاعلانات لفائدة الماركات وحتى داخل التلفزة حيث كنت أكتب وأؤدي بالصوت والصورة إعلانات برامج القناة من أفلام و مسلسلات وتقارير إخبارية وترفيهية.
بعد هذه التجربة، التحقت بالوكالة الإعلانية الأولى في المغرب Klem euro rsg كمبتكر ناطق باللغة العربية. ما ميز هذا التعامل هو اقتراح أفكار إعلانات من التراث والثقافة المغربية عوضاً عن الترجمة من الفرنسية التي كانت سائدة آنذاك. لماذا نخاطب المغاربة ونتكلم باللغة الفرنسية؟ هذه الوكالة وضعت كامل الثقة في موهبتي ومنحتني فرصاً كبرى ووسائل مهمة لصياغة وابتكار اعلانات لفائدة أكبر زبناءها مثل لاڤاش كيري التي حققت نجاحاً باهراً بفضل إعلان “لاڤاش كيري العظمة”، والعديد من الاعلانات على مدى سنوات لصالح ميديتل التي أصبحت اليوم أورنج؛ فضلا عن مئات الماركات المشهورة الأخرى كالمؤسسات البنكية، الشركات، المؤسسات الرسمية، شركات الاستهلاك التي لا يمكن اختزالها في سطور هذه المقابلة.
هذه التجربة وبعد أكثر من 12 سنة دفعتني لإنشاء شركتي للانتاج لأنني أصبحت قادراً على فهم حيثيات مجال عملي.
أسست وكالة WE ARE 360، حدثنا عن دافع تأسيسها؟ وكيف بدأت؟
كما تعلمون، مجال الإشهار والإنتاج في المغرب يشتغل على غرار النموذج الفرنسي والأمريكي حيث هناك وكالات الإعلانات التي من بين اختصاصاتها ابتكار وصياغة الإشهارات لصالح المعلنين؛ وفي المقابل هناك شركات تنفيذ الانتاج الذي يبث على قنوات الاتصال من تلفزة وراديو وديجيتال.
وكالة WE ARE 360 تأسست بدافع الجمع بين هاتين المهمتين معاً: الابتكار وتنفيذ الإنتاج في وكالة واحدة، وهذا ليكون أمام المعلن مخاطب واحد في كل هذه المراحل وذلك لتسهيل العمل وتحقيق التفاعلية وربح الوقت اللذين يتطلبهما مجالنا. وهي بهذا نموذج إعلامي مختلف وجديد.
ما هي الخدمات أو المنتجات التي تقدمها الوكالة؟
خدماتنا متعددة نذكر منها:
الابتكار ووضع تصورات الإعلانات المختلفة لصالح كل الوسائط الاعلامية، أيضاً صياغة وإنتاج وصلات الإعلانات الاذاعية والتلفزيونية، إنتاج المحتويات الإعلامية المختلفة وبجميع اللغات لصالح مواقع التواصل الاجتماعية المتنوعة، بالإضافة إلى إنتاج مختلف البرامج التلفزيونية الكبرى والصغرى، وإنتاج كليبات الأغاني والأفلام القصيرة والطويلة وبرامج تلفزيون الواقع، وصياغة وانتاج الإعلانات، أيضاً تصوير جميع أنواع الفيديوهات المؤسساتية، وإنتاج الأفلام الوثائقية المؤسساتية.
علاوة على كوننا ننجز العديد من الخدمات الإعلامية حسب الطلب حيث نشتغل ضمن الضوابط والمعايير المهنية التي يفرضها المركز السينمائي المغربي في الإنتاج، لأننا نتوفر على اعتماد من هذا الأخير لتنفيذ مختلف الإنتاجات الإعلامية والسينمائية.
لديكم تجربة ملهمة مع مجموعة MBC، حدثنا أكثر عن La Gozadera؟
كان ذلك في إطار التحضير لبرنامج ORANGE TALENTS الذي رافقنا فيه شركة أورنج المغرب، بصفتها الداعم الرسمي للمواهب المغربية. في البداية عملنا مع Platinum records / MBC في إطار عقد لضم الفنانين عبد الفتاح الجريني وجميلة البداوي للجنة تحكيم البرنامج؛ ثم اقترح علي مدير بلاتنيوم تنفيذ إنتاج النسخة العربية لـ La gozadera، وتصويرها في المغرب مقابل منحنا حق استغلال 30 ثانية في شارة جنيريك البداية و جنكل البرنامج.
كنت أمام فرصة كبيرة، وكان علي إقناع أورنج المغرب بتمويل هذا التصوير الذي لم يكن مقرراً. وبالفعل لم يخيب هذا الاختيار ثقة زبوننا أورنج، وأضافت هذه الأغنية العالمية لمارك أنتوني نجاحاً للبرنامج.
كيف انعكست مسيرتك المهنية على آلية عمل الوكالة؟
من المهم جداً أن تكون ملماً بجميع مراحل الابتكار والإنتاج، من المهام الصغرى إلى الكبرى. هذا يمكنك من الجلوس والتحاور والتجاوب مع كل العاملين في كل المشاريع من كتاب، مبدعين، مصورين، مخرجين… ومن المهم جداً أن يشعر كل مهني بأنك تفهم ما يقوم به!
لديك أكثر من 25 عاماً من الخبرة في مجال الاتصالات والإعلان والإنتاج، هل تعتقد اليوم أنك تمتلك مفاتيح هذا المجال؟ وما أبرز المعايير برأيك للنجاح فيه؟
أنا بالرغم من سنوات تجربتي الطويلة أتعلم كل يوم، لأن المجال يتطور بسرعة. لكني أحس بأنني أملك الأسس والركائز التي تؤدي إلى النجاح في العمل.
نجاحي هو في الصرامة أمام اللامبالاة بخصوص صياغة الأفكار والكتابة لأن الأفكار الجيدة والفريدة هي أساس الإنتاجات الناجحة.
“بعقول جديدة نقدم أفكار لمقاطع فيديو تجذب الجماهير عاطفياً”، واحد من أبرز المبادئ المعتمدة لديكم في WE ARE 360، كيف تلتزمون بهذا المبدأ؟
في نظري، عندما يكون لديك تصور واضح وطاقم مناسب للدور المطلوب، والجرأة في اتخاذ القرارات، فإن العمل يحقق النجاح والتجاوب الجماهيري. أؤمن كذلك بأخذ الوقت للتفكير والابتكار، لكن باستغلال الوقت وعدم إضاعته في التردد، وهذا مبدأ أساسي لدينا.
هل أنتم راضون عما حققتموه اليوم؟
لا أسمح لنفسي ولا للطاقم الذي يعمل معي بالرضا المطلق، لأن هذا الإحساس يولد الغرور. والغرور في مهنتنا ليس في مصلحة العمل. يحق لنا أن نفتخر قليلا حين نحقق نجاحاً كبيراً، لأن الرضا الحقيقي يكون في الاستمرارية.
ما الذي تطمح الوكالة إليه في المستقبل؟
تركيز خدماتنا وتطويرها ببلدنا الأم، ونظراً لإقامتي في لندن لظروف عائلية ما دفعني لإنشاء تمثيلية كامتداد لـ WE ARE 360 المغرب، و نحن بصدد العمل على إطلاقها.
فكما لا يخفى عليكم، لندن محور رئيسي تتمركز فيه العديد من المؤسسات والشركات العربية والعالمية التي تعي بقيمة التواصل باللغة العربية من خلال مختلف المحتويات وعبر جميع قنوات الإتصال. توجهنا الحالي هو الإنطلاق من لندن لتقديم خدماتنا الإعلامية لدول الخليج العربي.
ما النصيحة التي توجهها لرواد الأعمال الناشئين الذين يسعون لترك بصمة وأثر؟
إذا كانت لديهم مواهب، يجب عليهم أن يثقوا بأنفسهم وبمواهبهم، فالموهبة والتكوين عاملان أساسيان للنجاح.
هناك أيضاً الاختيار الصحيح وهذا يتحقق بالاستماع إلى النصائح للاستفادة من تجارب الآخرين. وأخيراً، المحتوى الجيد قادر على خلق الفرق.