تعبق رائحة القهوة من أحد أشهر مقاهي لندن منذ عام 1887، لنحو مئة وستة وثلاثون سنة استمرت Alegerian Coffee Stores بتقديم القهوة لعشاق الذوق الرفيع.
مسيرة طويلة وحافلة بالحب والشغف ستعرفون أسرارها مع ماريسا كروسيتا مالكة ومديرة Alegerian Coffee التي تشرفت “أرابيسك لدن” باستضافتها في مقابلة حصرية!
حوار: نايا نور
* “Algerian coffee stores” أحد أشهر مقاهي لندن منذ عام 1887، ومنذ ذلك الوقت تعمل هذه المتاجر دون توقف حتى يومنا هذا، حدثينا قليلاً عن تاريخ متجركم؟
أول من افتتح المتجر هو سيدٌ جزائري عام 1887، للأسف لا نعرف أيّ معلومات عنه أو حتى اسمه، جلّ ما نعرفه عنه أنه رجل من الجزائر، أسس هذا المتجر وكان يبيع فيه القهوة وبعض الغذائيات الأخرى وأغراض المطبخ، ثم باع المتجر لرجل من بلجيكا حوالي الـعشرينيات من القرن الماضي، وهذا الرجل البلجيكي باع المتجر لجدي عام 1946.
أما والدي فبدأ العمل في المتجر عندما جاء من إيطاليا إلى لندن في بداية السبعينات من القرن الماضي، وأنا وأختي بدأنا في مساعدة والدي ونعمل في المتجر منذ أكثر من 20 سنة.
* مئة وستة وثلاثون سنة، وأربع جنسيات مختلفة تعاقبت على “Algerian coffee stores” أحد أقدم متاجر القهوة والشاي في لندن، كيف تمكنتم من الحفاظ على هوية وسمعة ثابتة للمتاجر رغم كل هذه السنين ورغم اختلاف الأشخاص الذين أشرفوا عليها؟
لطالما كان بيع القهوة هو صميم ما نفعله، هذا ما كنا وما نستمر بالتركيز عليه. فمثلاً أحد أهم الأشياء التي ساعدتنا في الحفاظ على هويتنا وبناء سمعتنا هو محافظتنا الدائمة على أن تكون حبوب القهوة طازجة، كما أننا جميعاً حافظنا على إدارة المتجر بالاهتمام بالمعايير ذاتها.
* ماريسا، أنت شهدت على سنوات عديدة من عمل والدك في المتجر ولا بد أنك تعرفين تحديات هذا العمل عن قرب، ما الذي دفعك للعمل في المتجر و إكمال هذه المسيرة، ولماذا فضلت العمل في المتجر على العمل في مجالات أخرى؟
عملت أنا وأختي في مجالاتٍ أخرى، ولكننا عدنا للمتجر بشكل تلقائي فلطالما استمتعنا بالعمل مع والدنا والعمل سويةً كأختين أيضاً. العمل في المتجر يمنحنا وقتاً إضافياً للبقاء مع العائلة الأمر الذي لا يمكن أن نحصل عليه في أي مكان آخر. العمل في المتجر صعب ولكننا نستمتع جداً به.
* عادةً عندما يتسلم جيل جديد زمام الأمور في عمل ما يسارع فوراً للتغيير وتجديد وتحديث طريقة العمل، ذكرت في مدونة المتجر أنك ما زلت تعملين إلى حد ما بالطريقة نفسها منذ 78 سنة، ما الذي دفعك للحفاظ على طريقة العمل ذاتها؟
نحن نجدد ونطور في المتجر عندما نحتاج لذلك، ولكن في بعض الأحيان إذا سارعتي لتطوير وتحديث مكانٍ ما فإنكِ قد تخسرين أصالة المكان و سمعته، وفي حالة متجرنا فإن أصالة المكان وتاريخه هو أكثر ما يقدره زبائئنا.
كيف استطعت المحافظة على المذاق الجيد لمنتجاتكم كل هذه السنوات وخاصة القهوة، وهل لديكم وصفات معينة خاصة بكم؟
نحن نقوم بتحميص حبوب القهوة الخاصة بنا كل أسبوع لتبقى طازجة دائمة. لدينا بعض خلطات القهوة الخاصة بنا والتي طورناها بأنفسنا، كما لدينا بعض الخلطات التي نحافظ عليها وعلى بيعها منذ أكثر من قرن، إضافة إلى بعض الخلطات الجديدة.
* ذكرت في مدونة المتجر أن حفيدة السيد حسن الجزائري زارتكم في أحد المرات، ولابد أن العديد من الزبائن يسألونكم عن سر اسم المتجر، هل فكرتم يوماً بزيارة الجزائر للتعرف عليها؟
صحيح أن اسم المتجر هو “متجر القهوة الجزائري” ولكن القهوة والمنتجات التي نقوم ببيعها لطالما كانت تأتينا من شتى بقاع العالم.
* هل يزوركم زبائن من الشرق الأوسط؟ وهل جربتم القهوة العربية من قبل أو تعرفتم على طقوسها؟
زبائننا من مختلف بلدان العالم، وبالطبع يزورونا زبائن من الشرق الأوسط. أما عن القهوة العربية فنعم، لقد حظينا بتجربة مذاقها، ونجد متعةً كبيرةً في التعرف على طقوس وعادات القهوة التي يمارسها الناس حول العالم.
* لا بد أن متجركم في “سوهو” شهد على العديد من العقبات والصعاب، أبرزها الحرب العالمية الثانية و جائحة كورونا، ما سر صمود متجركم حتى الآن رغم هذه الصعوبات؟
لقد شهد متجرنا على الحربين العالميتين الأولى والثانية، وجائحتان عالميتان أيضاً، إضافةً إلى الكثير من المصاعب. نحن ندين بصمودنا ونجاحنا لزبائننا الأوفياء الذين يدعموننا دائماً، وطاقمنا الذين يعمل بدأب لتبقى أسعارنا منافسة للسوق وتبقى جودة منتجاتنا عالية في الوقت ذاته.
* بدأ متجركم من متجر صغير أما الآن فأنتم تشغلون البناء كاملاَ، ولا زلتم تحتفظون بالعديد من آلات صنع القهوة القديمة في نافذة المتجر، إضافة إلى التصميم الداخلي الأساسي للمتجر، مالذي تعنيه المحافظة على هذه الأجزاء التاريخية لكم، وهل فكرتم في تخصيص معرض لعرض هذه الآلات والصور التي تحتفظون بها؟
نعرض الصور القديمة في المتجر كي يراها زبائننا أثناء تسوقهم. تاريخنا هو جزء من هويتنا، وفكرة أن متجرنا موجود منذ عام 1887 بحد ذاتها جاذبة، فالناس يرغبون برؤية هذا التاريخ وهذا المتجر القديم. إن تطوير أو تغيير أي جزء من المتجر قد يكلفنا خسارة ما يحبه الناس وما يجذبهم في متجرنا، لذلك نحن نفضل أن نحافظ على الإرث التاريخي للمتجر.
* أنتم أحد أقدم متاجر بيع القهوة والشاي والهدايا وتقدمون في محلاتكم ما يقارب الثمانين نوعاً من القهوة و مئة وعشرون نوعاً من الشاي، إضافةً إلى الشوكولاتة وبعض أنواع المخبوزات، ما هو أول صنف تم تقديمه في محلاتكم وبكم منتج بدأتم؟
القهوة هي المنتج الأساسي الذي لطالما تم بيعه في متجرنا، لدينا لائحة منتجات قديمة فيها خمس أنواع من القهوة فقط، لكننا لا نعلم إن كانت هذه اللائحة الوحيدة أو إن كانت القهوة هي المنتج الوحيد لفترة من الزمن، ولكننا نعلم بالتأكيد أن اللائحة توسعت مع مرور الوقت حتى وصلت إلى هذا التنوع الذي نملكه اليوم.
* ما هي أشهر منتجاتكم وأكثرها مبيعاً؟
أكثر منتجات القهوة مبيعاً في متجرنا هي Velluto Nero إضافةً لـ Formula Rossa and Café Torino، هذه الأنواع التي سميتها مصنوعة من حبوب القهوة المحصمة الداكنة. وجدنا أن حبوب القهوة الداكنة هي الأكثر شهرة بين الزبائن لكن معظم متاجر القهوة لا تقوم بتحميص حبوب القهوة كثيراً كما نفعل نحن في متجرنا.
* أحد أهم معايير نجاح المتاجر هو الزبائن الأوفياء الذين يعاودون الشراء مرات عديدة، ما الذي يدفع زبائنكم للعودة إلى شراء منتجاتكم مرةً أخرى؟
نحن محظوظون بزبائننا الرائعين فهم لا يستمتعون فقط بجودة منتجاتنا بل بخدمة الزبائن التي نقدمها في متجرنا أيضاً. عندما يزور زبائننا المتجر نستقبلهم بحفاوة ونشعرهم بأنهم في منزلهم، نحب أن نتحدث معهم وأن نتعرف عليهم أكثر. التسوق في أيامنا هذه أصبح عملية روتينية لذا فالكثير من زبائننا يستمتعون بالبيئة الدافئة والأحاديث اللطيفة التي نوفرها لهم.
* كثرت متاجر بيع القهوة في عصرنا الحالي وأصبح التنافس كبيراً جداً خاصة مع وجود السوشيال ميديا وطرق الدعاية الحديثة، كيف تواجهون هذا الأمر وعلى ماذا تعتمدون في استقطاب اهتمام الجيل الجديد من الزبائن؟.
نستمتع أنا وأختي باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع زبائننا الحاليين وجذب زبائن جدد، و لدينا صفحة رسمية للمتجر على فيس بوك وأنستقرام للتعريف أكثر بمتجرنا.
* كيف ترون مستقبل “Algerian coffee stores”، وما أبرز خططكم على المدى البعيد؟
خططنا للمستقبل هي أن نستمر في عملنا، أن نستمر في تقديم القهوة الطازجة والمنتجات الفاخرة، وأفضل أنواع الشاي و الحلويات الراقية، ولكن في النهاية لا أحد يعرف ما يحمله المستقبل.