صوتها القوي ينبعث من أعماق القلب، يحمل رسالة أمل وسلام للعالم، تؤمن بأن الموسيقى لها القدرة على تغيير العالم، وأنها أداة قوية للتعبير عن المشاعر والأفكار.
ريمي بندلي، المغنية اللبنانية صاحبة أغنية “عطونا الطفولة” التي ألهمت أجيالاً من الأطفال حول العالم، تعود إلى الأضواء في مقابلة حصرية مع أرابيسك لندن.
في هذه المقابلة، تتحدث ريمي بندلي عن بداياتها الفنية، ورسالتها من خلال الموسيقى، كما تكشف عن الكثير من الأسرار والأسرار التي لم تكن معروفة من قبل عن حياتها الشخصية وتجربتها الفنية.
حاورتها: بيداء قطليش
- الصوت الذي أطلق الأمل قبل أكثر من 40 عاماً، بمفرداتك الخاصة من هي ريمي بندلي؟
بعبارات بسيطة، ريمي بندلي هي إنسانة صادقة لا تعرف التزييف، أضع أقصى طاقتي في كل ما أقوم به، ريمي إنسانة تعمل بجد واحترافية للغاية، وأحب أن أنشر البهجة والسعادة حولي.
- نحو 39 عاماً مضت على بداية مشوارك الفني “أعطونا الطفولة”، حدثينا عن هذه الأغنية التي كانت ولا زالت تؤثر على أطفال الوطن العربي بأسره حتى يومنا هذا؟
لطالما كانت أغنية “عطونا الطفولة” الأغنية المثالية بالنسبة لي، في كل مرة أؤدي فيها هذه الأغنية تعود لي الكثير من الذكريات منها السار ومنها المؤلم.
لطالما أذهلتني هذه الأغنية بقدرتها على أن تجمع الناس من مختلف أنحاء العالم لإعلاء رسالة واحدة، ألا وهي، دعوا الطفولة وشأنها، دعوا الأطفال يعشيون بسلام.
أنا ممتنة للغاية لجميع الأشخاص الذين صنعوا هذه الأغنية ابتداءً من أبي، رينيه بندلي، الذي لحن هذه الموسيقى السهلة الممتنعة التي تعلق في الذاكرة، وانتهاءً بالشعراء الذين ألفوا الكلمات، فقد تعاون على الكلمات ثلاث شعراء إذ كتب كلمات المقطع العربي الشاعر جورج يمّين، وكتبت كلمات مقطع اللغة الفرنسية والدتي هدى صيداوي، أما كلمات مقطع اللغة الإنكليزية فقد كتبته جدتي لينا أبو رستم.
أشكر محبة الناس لهذه الأغنية فمحبتهم هي من أبقت “عطونا الطفولة” على قيد الحياة من خلال تدريسها في المدارس ومشاركة الأهالي لها في منازلهم كي يسمعها أطفالهم، حقيقة هذه هي الطريقة الوحيدة لإحياء هذه الأغنية لأطول وقت ممكن.
- “سأبقى أغني أعطونا الطفولة للبنان ولجميع الأطفال حول العالم”، تعتلين اليوم مسارح العالم وتغنين للطفولة والحب والسلام، برأيك ما التأثير الذي يمكن أن تقوم به الموسيقا والفن لنشر السلام؟
أعتقد أن الموسيقا تلهم الكثيرين وتدفعهم لفعل الخير، وتعلمنا الكثير كباراً وصغاراً، لذا برأيي الموسيقا تساعد كثيراً في نقل رسائل معينة، لكن أتمنى أن نستخدم الموسيقا لقول كلمات ذات معنى حقيقي وإيجابي وليس فقط كلمات متناغمة بدون أي معنى، وهذا بصراحة هو رأي بكل صدق، فهناك للأسف الكثير من الأغاني التي تلوث سمعنا وسمع أطفالنا، لذا أنصح الأهالي أن يستمعوا إلى الأغاني قبل أن يسمحوا لأطفالهم بالاستماع إليها وأن يختاروا بعناية.
- من هم الفنانون الذين ألهموا ريمي منذ بداياتها، وأثروا بالتالي على مسيرتكِ الموسيقية؟
من طفولتي تعرفت على موسيقا أقاربي ومن ثم موسيقى مايكل جاكسون وديانا روز.
والدي أحب فرقة “البيتلز” والعديد من الفنانين الآخرين، وخلال نشأتي في كندا تعرفت على موسيقى ماريا كيري وسيلين ديون ومن هنا بدأ تأثير الموسيقا الفوري في حياتي.
بصراحة استمعت إلى الكثير من أغاني الطرب العربية القديمة واستمتعت بها حقاً إلا أنها أشعرتني بالحزن نوعاً ما، ولأكون صادقة لم يلهمني هذا النوع من الموسيقى أبداً.
- “أماني تحت قوس قزح” تجربة سينمائية مميزة وإبداع بدأ من عمر مبكر، أين وجدت نفسك أكثر في الغناء أم التمثيل؟
أرى نفسي كمغنية بكل تأكيد، لكن يمكنني أن أمارس التمثيل بسهولة لأنني شخص طبيعي وأمثل أيضاً عندما أغني أغانيّ الخاصة لأنني أعرف ما تعنيه، فأنا أشعر بالكلمات وأنقلها بصدق للمستمعين من خلال الحركات التعبيرية.
ساعدتني الحركات التعبيرية على حفظ كلمات الأغاني بشكل أفضل عندما كنت صغيرة واستعملت هذه الطريقة في الحفظ والتعبير عندما كنت معلمة، لكنني يجب أن أعترف أنني لم أحظى بأي فرصة أخرى للتمثيل.
وأعتقد أن مهنة التمثيل كانت لتكون رحلة مختلفة وممتعة بالنسبة لي.
- كيف تعكس موسيقاكِ شخصيتك وتجاربكِ الشخصية؟
الأغاني التي قدمتها عام 2015 لم تكن إلا طريقة لإدخال الناس في حياتي بعد غيابي المفاجئ الذي استمر لفترة من الزمن.
أردت أن يتميز ألبومي الأول الذي أصدرته بعد عودتي بمقدمة جديدة لريمي القديمة لأسمح للجمهور أن يعيشوا جزءاً مما مررت به ابتداءً من مغادرتي لبنان واشتياقي لبلدي، إلى مشاركتي للقصص التي كانت جدتي تقصها علينا عند انقطاع الكهرباء.
شاركت مع الجمهور لحظاتي الأكثر خصوصية ، وحين جرح قلبي في أغنية “ليش” والعديد من القصص الأخرى في أغاني ألبوم “ما نسيت”.
- “تدريب فني من نوع آخر”، لريمي بندلي بصمة مميزة في مجال التدريب الغنائي، أخبرينا عن ريمي المدربة؟
عام 2020 ابتكرت طريقتي الخاصة في التدريب الصوتي “TechniVok” من خلال هذه الطريقة أعطي طلابي ما يرغبون به وهو أن يمارسوا الغناء دون الالتفات للنظريات والكتب، فهم بكل بساطة يرغبون بالغناء وأنا أساعدهم ليجدوا طبقة الصوت الأنسب لكل منهم مع تطبيق كل ما يجب معرفته أكاديمياً، وبالتالي يعيش الطلاب توتراً أقل ومرحاً أكثر.
لطالما أخبرت طلابي أن الغناء ممتع ومريح ومعبّر لذا عليهم أن يسترخوا ويطلقوا لأنفسهم العنان وألاّ يترددوا في اكتشاف أصواتهم والأهم من ذلك كله هو أن يستمتعوا بالرحلة.
أساعد الطلاب على تطوير أصواتهم من خلال التدريب على الأغاني التي يحبونها وتلك التي يختارونها دون أي تقليد لطريقة أحد آخر بل بالاعتماد على صوتهم الخاص فقط، وأزودهم بتقنيات الغناء المناسبة، والنطق الصحيح، وتمارين التنفس وبالطبع التمارين الصوتية.
كما أنني لا أجبرهم على قراءة الأوراق الموسيقية إلا إذا رغبوا بذلك فأنا لا أجبرهم إلا على شيء واحد وهو الغناء.
الهدف الوحيد من ThechniVok هو العمل على تفرد كل شخص منهم وتطوير إبداعهم، إنه عمل صعب بالتأكيد لكن تقدمهم ورضاهم عن أدائهم أمر مرضي للغاية بالنسبة لي ولهم.
- “الغناء يبقينا على قيد الحياة” كما تقولين دائماً، ما الأغاني التي تعملين عليها اليوم؟
لا أعمل على تحضير أيّ أغاني أو موسيقا حالياً.
- ما هي الرسالة التي ترغبين في إيصالها من خلال موسيقاكِ؟
أمل أن توصل موسيقاي رسائل مختلفة تلمس جميع المستمعين كلّ بطريقة مختلفة من خلال قصصي وتجاربي، أتمنى أن تكون أغانيّ الخاصة تحفيزية وباعثة على التفكير الإيجابي، وإن كانت بعض الأغاني حزينة قليلاً أتمنى أن يفهم الجمهور الرسالة المبطنة فيها وألاّ ينغمسوا في مشاعر الحزن.
- كيف تختارين أغانيكِ؟ وما هي العوامل التي تؤثر في اختياركِ؟
إن لم أكن أنا من يعمل على تلحين الموسيقى فأعمد أولاً إلى الاستماع إلى اللحن، وإن أعجبني اللحن ألتفت إلى الكلمات لأرى ما إذا كان بإمكاني الشعور بها أو التفاعل معها.
في معظم الوقت أضيف لمستي الخاصة إلى الأغنية وبهذا حتى وإن لم أكن أنا من لحن الأغنية، أغنيها بالطريقة التي أشعر بها بتفاصيلها وليس كما أعطيت لي بالضبط.
أما إذا كنت أنا من سيلحن الأغنية فأنا بحاجة إلى أن أفهم الكلمات وأشعر بها وعادة ما يخطر لي اللحن بسرعة إذا كنت أشعر بكل كلمة، يمكن أن تكون عملية تأليف اللحن سهلة للغاية ويمكن أن تستغرق وقتاً.
أحياناً أْؤلف نسختين مختلفتين ولحنين مختلفين لنفس الأغنية ففي بعض الأحيان قد ألا أقتنع بالمنتج وأشعر بالحاجة إلى إعادة التفكير فيما صنعته، حدث هذا الأمر لي عندما كنت أعمل على ألبوم “ما نسيت” وتحديداً في أغنية “بسمع اسمك” إذ استخدمت لحنين مختلفين لإتمام الأغنية، إنها طريقة مثيرة حقاً في تأليف الموسيقا فأنت تمزج لحنين مختلفين تماماً مع بعضهم البعض وتحولهم إلى أغنية واحدة، وكان يمكن أن أؤلف ثلاثة ألحان مختلفة لنفس الكلمات ففي الموسيقا ليس هناك حدود أبداً.
- ما هي أهم اللحظات المفضلة لديكِ في مسيرتك الموسيقية حتى الآن؟
من أكثر اللحظات التي لن أنساها هي “عطونا الطفولة” وكيف أنني عندما أغني هذه الأغنية لا زال الجمهور حتى اليوم يغنيها معي، “عطونا الطفولة” أصبحت ترنيمة وذات أهمية كبيرة بالنسبة لي.
ولا بد أن أشدد على أن كل حفلة موسيقية قمت بها هي حدث لا ينسى بحد ذاتها.
لازلت أذكر بعض وجوه الأطفال منذ يوم الحفلة الموسيقية عام 2019 في تورونتو- كندا، وحتى يومنا هذا، كان المسرح مليئاً بالجمهور وأتذكر أنني تحدثت عن لبنان وفجأة بدأ الحشود بذكر أسماء بلادهم بصوت عالي، كانت لحظة جميلة جداً أن أتمكن من جمع أشخاص من بلدان عديدة في قاعة واحدة، أن أتمكن من الغناء معهم ونحن جميعاً على قلب واحد، كانت تجربة فريدة ولا تنسى حقاً.
- هل تتعاونين مع أي فنانين آخرين في المشاريع المستقبلية؟
في الوقت الحالي ليس لدي أيّ خطط لأيّ مشاريع مستقبلية.
- ما هي خططكِ للمستقبل؟ وما هي الأهداف التي تسعين لتحقيقها في مسيرتكِ الموسيقية؟
كل ما يمكنني قوله هو أنني أملك الكثير من الخطط والأهداف المستقبلية.
الموسيقا جزء مني وأمل حقاً أن أتمكن من تقديم المزيد من الأغاني والحفلات وأن أصنع ذكريات جديدة بينما نتذكر أنا وأصدقائي ذكرياتنا القديمة عندما كنا صغاراً نغني ونرقص على خشبة المسرح معاً.