محمد الدعيع، أسطورة المجد، صاحب القفاز الذهبي، ظاهرة الأرض، الأخطبوط، عملاق آسيا، وغيرها الكثير والكثير من الألقاب التي أطلقت على واحد من أفضل حراس الكرة العربية والعالمية.
كتب عدي حسن
النجم الذي وضع اسم السعودية على خارطة كرة القدم ومهد الطريق للتطور الرياضي الكبير لتصبح المملكة في العالم 2023 محط أنظار العالم الرياضي واهتمام كبار لاعبي كرة القدم أمثال البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيما والبرازيلي نيمار، ويصبح دوري روشن السعودي الاسم الذي يتردد على شفاه الجميع في عالم كرة القدم.
بداية محمد الدعيع
لمع اسم محمد الدعيع في سن مبكرة جداً وقدم مستويات كبيرة تدل على شخصية وموهبة عظيمة.
تم اختيار حارس المرمى البالغ من العمر 16 عاماً من صفوف ناشئي نادي الطائي للانضمام إلى منتخب الناشئين السعودي في العام 1988، وفي العام التالي كان الدعيع يخوض نهائيات كأس العالم للناشئين، حيث مثل المنتخب السعودي القارة الآسيوية في البطولة برفقة منتخبي البحرين والصين.
تألق الأخضر السعودي للناشئين في النهائيات ليصبح المنتخب الآسيوي الأول الذي يحرز لقب كأس العالم للناشئين، بينما مثلت البطولة محطة انطلاق للدعيع عندما لعب أجمل مبارياته في المباراة النهائية أمام المنتخب الاسكتلندي المُضيف بحضور 51 ألف مشجع في مدرجات ملعب هامبدن بارك في غلاسكو.
في التقرير الفني الرسمي الذي صدر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم حول تلك البطولة ورد فيه: كان الحارس السعودي الدعيع نجم الفريق في النهائي بتصديه لركلتي جزاء، بالإضافة إلى عدد من التصديات الرائعة التي أجبرت الجماهير الحاضرة للمباراة على التصفيق له.
شكل العام 1994 نقطة تحول في تاريخ الكرة السعودية، حيث تأهل المنتخب الأول إلى نهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخه، وكان الدعيع اللاعب الوحيد من لاعبي منتخب الناشئين لعام 1989 الذي تم اختياره للتشكيلة، وعلى الرغم من صغر سنه في ذلك الوقت، فإن الدعيع كان أساسياً في اختيارات المدرب الارجنتيني خورخي سولاري، وكافأ الدعيع مدربه على ثقته من خلال تألقه في مباريات دور المجموعات من البطولة، ليتمكن المنتخب السعودي من التأهل إلى الأدوار الإقصائية بعد تفوقه على منتخب بلجيكا.
أول الألقاب مع الأخضر
بعد سنتين من مشاركته في كأس العالم، شارك الدعيع مع منتخب بلاده في بطولة كأس آسيا في الامارات العربية، ومرة أخرى كان الدعيع في الموعد، محافظاً على نظافة شباكه في أربع مباريات ومتصدياً لركلات جزاء ترجيحية حاسمة في الدور قبل النهائي أمام منتخب إيران، وكذلك في المباراة النهائية أمام المنتخب الإماراتي ليحقق الدعيع أول ألقابه مع المنتخب السعودي الأول.
خلال استعدادات المنتخب السعودي لخوض نهائيات كأس العالم 1998 في فرنسا، سافر المنتخب إلى لندن لمواجهة المنتخب الإنكليزي، وعلى الرغم من أنها مباراة ودية فإن الفارق في المستوى بدا واضحاً لمصلحة منتخب إنكلترا بقيادة ألان شيرار، بول سكولز وديفيد بيكهام، ورغم أن الإنكليز أمطروا مرمى الدعيع بالتسديدات إلا أن الدعيع وقف سداً منيعاً أمام محاولاتهم.
هذه التصديات أحبطت الجماهير الإنكليزية الحاضرة في ملعب ويمبلي، حيث قام الدعيع في هذه المباراة بالتصدي لأكثر من 15 تسديدة، وحتى بعد أن أشرك مدرب المنتخب الانكليزي النجمين بول غاسكوين وإيان رايت فقد فشل منتخب انكلترا في الوصول لشباك الدعيع حتى صافرة النهاية التي منحت الأخضر تعادلاً تاريخياً في مهد كرة القدم.
بعد التألق الكبير الذي حققه محمد الدعيع مع المنتخب السعودي، كان يُمني نفسه بالفوز بالمزيد من البطولات على مستوى الأندية، فقرر مغادرة نادي الطائي الذي كان يحتل منتصف الترتيب، رغم قيادته له للفوز بلقب الدوري المحلي في موسم 1994-95.
نتيجة لذلك اشتعلت معركة بين قطبي الرياض، ناديي الهلال والنصر للظفر بخدماته، إلا أن الهلال حسم المعركة لصالحه في العام 1999 من خلال التعاقد مع الدعيع مقابل 1.5 مليون دولار أمريكي في صفقة اعتبرت في وقتها الأغلى لأي لاعب سعودي في التاريخ.
قاد الدعيع الفريق للفوز ببطولة الأندية الآسيوية أبطال الدوري عام 2000 بعد أن حافظ على شباكه في جميع المباريات قبل أن يتلقى هدفين في النهائي، لكن الهلال نجح في الفوز على جوبيلو ايواتا الياباني في تلك المباراة 3-2 ليحقق لقب البطولة القارية للمرة الثانية في تاريخه، استمرت سيطرة الهلال و تألق الدعيع آسيوياً مرة أخرى من خلال الفوز بلقب كأس السوبر الآسيوي عام 2000، وكأس الكؤوس الآسيوية موسم 2001-2002.
ذهبية الدورة الإسلامية الدولية الأولى
في 2005 عاد الدعيع لتمثيل المنتخب السعودي ولكنه تعرض لإصابات مختلفة، وبعد أن تشافى منها اختاره المدرب ناصر الجوهر ليقود المنتخب في الدورة الإسلامية الدولية الأولى المقامة بالسعودية نهاية 2005، لينجح في تحقيق الميدالية الذهبية ويكون بذلك هو اللاعب السعودي والعربي والآسيوي الوحيد الذي يجمع البطولات العربية والآسيوية والإسلامية والعالمية.
عاد الدعيع للمشاركة مع الهلال، وحقق كأس ولي العهد عام 2006 أمام الأهلي، وفي موسم 2008 حقق الهلال كأس ولي العهد أمام الإتفاق، كما حقق بطولة الدوري، وكان الدعيع قد أعلن اعتزاله رسميًا بعد نهاية نهائي كأس ولي العهد، ولكن الملك سلمان بن عبد العزيز رفض قراره، وطالبه بالاستمرار في الملاعب ليكمل مع الهلال عامه العاشر وعامه ال22 في الملاعب، في موسم 2008/2009، نجح الدعيع في تحطيم الأرقام القياسية، حيث نجح في المحافظة على شباكه نظيفة لأكثر من 4 مباريات، وأيضًا حقق كأس ولي العهد دون أن يدخل مرماه أي هدف وبذلك يكون هو الحارس الذي استطاع أن يحقق بطولتين رسميتين دون أن يدخل مرماه أي هدف عامي 2000 و2009، وكان الدعيع قد نجح في أن يحطم رقما قياسيا آخر، حيث أنهى الموسم الرياضي ولم يتلق مرماه سوى 9 أهداف.
في موسم 2009/2010، حقق بطولة الدوري قبل النهاية بثلاث جولات، كما حقق الهلال كأس ولي العهد، ودعم أولمبي الهلال للوصول إلى نهائي كأس الأمير فيصل بن فهد، وعلى المستوى الخارجي تاهل إلى دور ال8 آسيوياً.
الدعيع يعلق قفازه
بعد خروج المنتخب من كأس العالم 2006 أعلن الدعيع اعتزاله الدولي ليودع المنتخب رسمياً وفي 22 يونيو 2010 أعلن محمد الدعيع اعتزاله اللعب رسمياً، ليطوي الحارس الأسطوري مسيرة 22 عاماً من التميز مع الهلال والمنتخب السعودي تاركاً وراءه إرثاً كبيراً.
الدعيع هو اللاعب السعودي والعربي والآسيوي الأول الذي جمع كأس الخليج وكأس العرب وكأس آسيا والأولمبياد الإسلامي والوصول إلى مونديال كأس العالم وأحد أكثر لاعبي العالم مشاركة مع منتخب بلاده.
في 22 أيلول الماضي أعلنت أمانة منطقة حائل في السعودية، إطلاق اسم حارس الهلال ومنتخب السعودية السابق، محمد الدعيع، على أحد الشوارع تكريما لإنجازاته الكروية.
ونشرت الأمانة صوراً للافتة كُتب عليها “شارع محمد بن عبدالعزيز الدعيع”.