جسد شغفه بالتصميم منذ الطفولة، نشأ بين نساء قويات وعاشقات للموضة، فكان لهن دور كبير في إلهامه وتشكيل شخصيته وأسلوبه في التصميم.
تأثر بالعمارة والتاريخ في أعماله، ونجح في دمج الأصالة والابتكار في تصاميمه الفريدة، حاز على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة Fashion Group International (FGI) NYC Rising Star Award في فئة ملابس النساء عام 2020.
في هذه المقابلة، يتحدث المصمم العالمي راكان شمس الدين عن مساره المهني الذي بدأ بحلم الطفولة وتطور بمرور الزمن، كما يكشف عن خططه للمستقبل وإنجازاته في مجال عمله.
حاورته: بيداء قطليش
- شغف بدأ من عمر الخامسة، ولا زال مستمراً حتى اليوم، شكّل هوية مصمم الأزياء العالمي راكان شمس الدين، بمفرداتك الخاصة من هو راكان؟
راكان شمس الدين، مصمم أزياء لا يعرف الكلل ولا الملل، منذ صغري أحب التصميم حتى أصبح شغفًا لا يمكنني العيش بدونه، فكل وقتي يدور حول تصميم الأزياء، ولا يمكن أن أتخيل حياتي بدونه.
أنا أحب كل فنون الأبداع لأنها تلهمني وتدفعني للتقدم والتطور.
- حب للفن منذ الطفولة، هل كنت تحلم بأن تصبح مصمم أزياء في طفولتك؟ وكيف بدأت الحكاية؟
نعم، كنت أحلم بأن أصبح مصمم أزياء! لأنني نشأت بين نساء قويات جدًا وعاشقات للموضة، نساء أعربن عن فرديتهن وشخصيتهن من خلال خيارات الأزياء الخاصة بهن، وغالباً ما يقومن بتصميم ملابسهن الخاصة.
أذكر أولى ذكريات طفولتي وأنا أرافق والدتي أثناء ذهابها لشراء الأقمشة، وألعب بين لفات الأقمشة، كما كنت أرافقها دائما إلى الخياطين وأشاهد بدهشة كيف تصمم أمي فساتين جديدة.
كان ذلك الشغف هو البداية لرحلتي في مجال تصميم الأزياء.
- تأسرك العمارة والتاريخ كما نعلم، فهل هما مصادر إلهام راكان؟
بالطبع! أعتقد أن من ليس له ماضي ليس له مستقبل!
النسيج التاريخي والثقافي للعديد من المناطق يعد من أكبر مصادر الإلهام بالنسبة لي.
وعلى الرغم من أن أسلوبي العام يميل إلى الأشكال الجمالية الحديثةـ ولا يرتكز دائما على الإشارات المباشرة إلى تراثنا التاريخي والمعماري، إلا أنني أعتمد باستمرار عليها كمصادر إلهام.
فأنا أستمتع بالتحدي المتمثل في إضفاء مشاعري وذكرياتي عن هذه العناصر الثقافية في سياق أكثر حداثة ومعاصرة.
كما تعد الموسيقى العربية الكلاسيكية هي أيضا مصدر إلهام كبير بالنسبة لي، لأن العواطف والمشاعر التي تثيرها بداخلي تغذي رغبتي في إنشاء شيء جميل بنفس القدر.
- درست تصميم الأزياء في تركيا، باعتقادك كيف يمكن للدراسة الأكاديمية أن تصقل إبداعك في تصميم الأزياء؟
في حين أن الكثيرين في مجالنا يتعلمون ذاتياً، وهذا مسار يحظى بكامل احترامي، إلا أنني أعتقد بأن التعليم الرسمي يمنحنا رؤية أفضل ويساعدنا على تحسين المهارات اللازمة للتفكير الإبداعي.
بالإضافة إلى ذلك، يشجعنا التعليم الرسمي على التفكير النقدي والتحليلي، الأمر الذي يساعدنا في تطوير التصاميم بشكل أكثر فعالية.”
على الرغم من أنه ليس العامل الوحيد، إلا أنني اعتبره عاملاً هاماً للغاية في رأيي.
في النهاية لا يمكن أن يحل التعليم الرسمي محل الموهبة، إلا أنه يمكن أن يساعدنا في تطوير إمكاناتنا الإبداعية إلى أقصى حد.”
- هل يمكن اعتبار انتقالك للولايات المتحدة نقلة نوعية في مسيرتك المهنية؟ حدثنا أكثر عن هذه المرحلة!
نعم، يمكنني القول أن مسيرتي المهنية اتخذت خطوة للأمام بعد الانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
فقد حصلت على فرصة قيمة للنمو والتطور والتعلم في الولايات المتحدة الأمريكية، سواء كفرد أو كمصمم.
بفضل الانتقال الى الولايات المتحدة الأمريكية، تم توفير بيئة تجريبية مثالية لي، حيث تمكنت من اكتشاف هويتي الحقيقية كمصمم وتحديد الطموحات التي أحملها في هذا المجال.
سمحت لي هذه الخطوة بالعمل مع مجموعة متنوعة من الشركات في مدينة نيويورك، وأتاحت لي فرصة للاطلاع على جميع تفاصيل إدارة الأعمال بشكل شامل ومفصل.
تباينت تجاربي خلال هذه الفترة من التفاعل المباشر مع الزبائن إلى التكيف مع صعوبات الأسواق العالمية وفهم متطلباتهم الفردية.
وبنتيجة لذلك، تمكُّنت من تحقيق العديد من الانجازات في مسيرتي المهنية، وهذه الانجازات تشمل التعاون مع علامات تجارية صغيرة في مجال الأزياء، والمساهمة في أشهر دور الأزياء العالمية، وحتى العمل ضمن تنظيمات شركات ضخمة.
- كيف كانت تجربتك في برنامج Project Runway USA season 17؟ وماذا أضافت لك على الصعيد الشخصي والمهني؟
كان موسم Project Runway USA السابع عشر تجربة ممتعة وفريدة من نوعها، وتمكنت من الاستفادة هذه الفرصة بطريقة مجدية، مما أدى إلى تعزيز الوعي بعلامتي التجارية وتكوين علاقات متينة مع المصممين والشركات الأخرى.
في الحقيقة، كان ذلك خلال العرض الذي تشرفت فيه بمقابلة كريستيان سيريانو، الذي أدرك موهبتي ومنحني فرصتي الأولى في هذا المجال.
على الصعيد الشخصي، كانت مواجهة الإقصاء في منتصف العرض، أمرًا صعبًا للغاية ولا يمكن تحمله، لا سيما حينما كنت اطمح للفوز.
ومع ذلك، عندما أتأمل هذه السنوات الآن، أعتقد بصدق أن كل شيء يحدث لسبب ما، وأن كل خطوة تؤدي إلى أخرى.
وعند النظر إلى الصورة الشاملة، يمكنني القول بثقة أن ما حدث كان في النهاية للأفضل، فها أنا أرى إنجازاتي كدليل على انتصاري الحقيقي.
- عام 2020 تكلل بحصولك على جائزة فريدة من نوعها، أخبرنا المزيد عن الجائزة!
كانت جائزة Fashion Group International (FGI) NYC Rising Star Award في فئة ملابس النساء لحظة فارقة في مسيرتي المهنية.
تكرم هذه الجائزة المرموقة أفضل العلامات التجارية الناشئة في مجموعة متنوعة من المجالات، وتسلط الضوء على المواهب المستقبلية في عالم الموضة.
لقد كان شرفًا كبيرًا لي أن أكون أحد الفائزين بهذه الجائزة، خاصةً وأنني كنت أسير على خطى مصممين بارزين مثل Jason Wu و Tory Burch و Joseph Altuzarra و Wes Gordon.
لم يكن هذا التقدير مجرد اعتراف بإنجازاتي، بل كان أيضًا مصدر إلهام لي للمضي قدمًا في مسيرتي المهنية وتحقيق المزيد من النجاحات.
- ما رأيك في صناعة الموضة الحالية وتطوراتها؟ وما أبرز التحديات التي تواجه هذا المجال؟ والتي تواجهك أنت شخصياً؟
في الحقيقة، هناك حاجة ماسة لتغيير جذري في صناعة الأزياء، لهذا من المهم أن نعيد اكتشاف هويتنا الفردية والإبداعية كمصممي أزياء، بدلاً من التخلي عنها والانصياع للضغوط التي يفرضها تجار البيع بالتجزئة والشركات الربحية.
في الكثير من الأحيان، يتسبب هذا السباق نحو الإنتاج الضخم في وجود كمية كبيرة من الملابس التي تنتهي في النهاية في مصبات النفايات بشكل محزن.
الحل يكمن في تبني الاستدامة،، وتعزيز الاستهلاك المتوازن، وتعزيز انتشار ثقافة الأزياء المستدامة داخل النظام البيئي.
ليست هذه المبادئ مفيدة لتحسين البيئة فحسب، بل تتيح لنا أيضًا خلق أزياء تحمل في طياتها روحًا أكثر عمقًا من الهدف والمسؤولية، مما يضمن أن تصاميمنا تترك أثرًا إيجابيًا ودائمًا على العالم.
- على ماذا يعمل راكان شمس الدين حالياً؟ وما هي مشاريعك على المدى البعيد أيضاً؟
في الوقت الحالي، قمنا بالتوسع مؤخرًا في السوق الأوروبية عبر نقل العلامة التجارية إلى أمستردام.
كما نعتزم إنشاء استوديو جديد تمامًا وتطوير مجموعة منتجات جديدة، ومن المقرر أن تُطرح في بداية العام المقبل.
تهدف مهمتنا الرئيسية في الانتقال إلى أوروبا هو التوسع وتوسيع فرصنا واستغلال أسواق جديدة وتعزيز الوعي بعلامتنا التجارية.
وبتحقيق هذه الخطوة, نفتح أفاقًا جديدةً من الفرص ونسهِّل الطريق لنمونا ونجاحنا المتواصل.
- ما هو مستقبل الموضة في رأيك؟ وهل تعتقد أنها ستتجه للاستدامة؟ وهل تشجع الموضة المستدامة؟
بالتأكيد، من الضروري تطبيق هذه المساءلة، وخاصة بالنسبة للعلامات التجارية والشركات الكبيرة، لضمان اتخاذها خطوات حاسمة في تقليل إنتاجها ومخلفاتها الخاصة مع التخلص من ممارسات البيئة الضارة.
نحن في RAKAN نلتزم بالاستدامة وقد عملنا بجد لتحقيق ذلك، ويشمل نهجنا استخدام المواد الطبيعية والأقمشة المصنوعة من الألياف الطبيعية مثل الحرير الخالص والقطن والصوف.
في مجموعتنا التالية، قمنا بخطوة إيجابية عن طريق دمج المواد المعاد تدويرها في الأقمشة، بالإضافة إلى اعتمادنا على عملية التصميم الرقمي لتقليل استخدام الورق، مما يعكس التزامنا بتقليل تأثيرنا البيئي وتعزيز الممارسات المسؤولة داخل صناعة الموضة.
- نصيحة أخيرة يمكن أن تقدمها للمصممين الشباب الطامحين للبدء بصناعة اسمهم في عالم الموضة؟
الصبر، الصبر، الصبر.. ثم صدق نفسك و ثق في قدراتك، لأنه يمكنك تحقيق أي شيء إذا كنت تؤمن بنفسك.