آمنت بقوة الأمل وحاربت به الخوف والعنف والرعب، هي زينب سلبي الكاتبة والناشطة الإنسانية، كرّست نفسها لحقوق المرأة والحرية وآمنت بنفسها أولاً وبجميع النساء وبقدرتهنّ على الوقوف بصلابة.
أرابيسك لندن تشرفت بحوار شيق مع السيدة زينب سلبي للحديث عن قوة المرأة وتأثيرها على من حولها والعالم!
حاورها: وسيم رزوق
- بدايةً.. وبمفرداتك الخاصة.. من هي الناشطة الإنسانية زينب سلبي؟
زينب سلبي هي امرأة تقول دائماً إن لا شيء ثابت في الحياة، لكن الشيء الذي لا يتغير في شخصيتي هو أنني واقعة في حب البيئة التي نعيش بها وفي حب الله والإنسانية، باعتبار أنني عملت في حروب وكنت شاهدةً على أسوأ ما تم ارتكابه ضد الانسانية، لكني لا زلت أؤمن أن قوة الحب والأمل أقوى من الخوف والحرب.
- صُنفتِ كواحدة من أبطال القرن الحادي والعشرين على لسان الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، لماذا تم اختيارك بالذات وما السر وراء هذه التسمية؟
ليس لدي معرفة فيما يتعلق بسبب اختياري كواحدة من أبطال القرن الحادي والعشرين، فأنا كل ما أفعله في مسيرة حياتي بناء على ما يختاره قلبي، وهنا يوجد من احتفل بي وقدم لي الجوائز تكريماً لعملي وهناك من شتمني وحاربني، فالهدف من عملي هو المساعدة والوقوف بجانب الأفراد المهمشين في المجتمعات مثل الفقراء الذين لا يسمع لهم صوت، وعادةً فإن النساء هم غالبية الناس المهمشين، لذلك أنا وقفت مع فئة النساء دعماً لهم لإيصال صوتهم إلى كل العالم.
- لماذا تعتبر اليوم زينب سلبي الشخصية الأكثر تأثيراً في العالم من الناحية الروحية وتحديداً للنساء؟
كنت أخاف من التحدث عن الجانب الروحي الخاص بي، لكوني كنت أريد أن يتحدث الناس عني كناشطة إنسانية لمساعدة النساء في الحروب، وبالنسبة لي الروحانية بالنسبة لي مهمة جداً وعلاقتي مع الله هي كل شيء، وفي الماضي كنت أخشى انتقادات الناس لي لكني وصلت لمرحلة منذ أربع سنوات زادت بها علاقتي مع الله والسبب أني تعرضت لوعكة صحية خطيرة، لذلك قررت أن أقضي حياتي كلها في مساعدة الناس على الوصول إلى هذه العلاقة مع الله.
- أسستِ منظمة “المرأة من أجل المرأة الدولية” الإنسانية لدعم النساء الناجيات من الحروب، حدثينا عنها وكيف تساهم بدعم هؤلاء النساء؟
لقد عايشت حرب الخليج الأولى التي نشبت بين العراق وإيران، ورأيت منذ طفولتي أن الحروب لها وجهتي نظر، إحداها التي نقرأها في الجرائد ونشاهدها في التلفزيون والتي تتحدث عن الحرب من خلال السلاح والجهة المنتصرة في الحرب، وأخرى تتعلق بالنساء من وجهة نظري باعتبار أن النساء هم من يحافظن على سير الحياة في الحروب، لكن لا أحد يتكلم عن أهمية دور النساء في الحروب، ولذلك لا بد من تكريس الاهتمام بدور المرأة ليس فقط كضحية في الحرب بل كقائدة تدفع عجلة الحياة أثناء الحروب.
شخصياً أنا تربيت في عهد الرئيس السابق صدام حسين، وفي تلك المرحلة لم تكن نملك حرية للتعبير لدرجة أننا كنا نخاف من الجدران، لكن عند انتقالي إلى الولايات المتحدة الامريكية ووجدت أنها بلد ديموقراطي، فهنا قررت التوجه نحو مساعدة النساء الناجيات من الحروب، عبر تقديم الدعم المالي والنفسي لهم، وهذا ما عايشته في عدة دول مثل البوسنة وأفغانستان والكونغو إلى رواندا، حيث كان للمنظمة دوراً في مساعدة النساء من هذه الدول على الوقوف من جديد وبناء بيوتهم وحياتهم وعملهم.
- انتقلت للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية عندما كنتِ في عامك الـ 19 وذلك عام 1989، كيف كانت بداياتك، وما هي أبرز الصعوبات التي واجهتيها في العيش هناك؟
كانت بداية معيشتي في أمريكا صعبة جداً، باعتبار أني سافرت إليها عن طريق زواج إلى إنسان لم أكن أعرفه، فوالدتي هي من أجبرتني على هذا الزواج، لكن مع الأسف زوجي السابق كان يعنفني بالقول والفعل أيضاً، ثم هربت منه بعد ثلاثة أشهر من زواجنا ولم يكن في جيبي سوى 400 دولار، لأبدأ حياتي من جديد بدون أهل ووطن وزوج لكن بثلاث سنوات فقط استطعت تأسيس منظمة نساء من أجل نساء العالم.
- عمل والدك كطيار شخصي للرئيس السابق صدام حسين، حدثينا عن الضريبة التي دفعتيها أنتِ وعائلتك جراء ذلك والمعاناة النفسية التي تعرضتم لها؟
حقيقةً أني كتبت حول هذا الموضوع في كتابي between tow worlds” ” أو بين عالمين، حيث وثقت كل شيء يتعلق بحياتي، ومعاناتنا كانت جزءً من معاناة الشعب العراقي الذي كان يعيش في الخوف بشكل دائم، لكن عائلة الطيار كانت أقرب للمعاناة في ذلك الوقت.
- كنتِ قد قدمت المساعدة لأكثر من 400 الف امرأة في مناطق النزاع والحروب وذلك بقيمة 100 مليون دولار، لماذا تكرس زينب صلبي كل هذه الأموال لدعم هؤلاء النساء؟
عدد المساعدات التي قدمتها المنظمة تطور اليوم عن السابق، حيث قدمنا المساعدة والدعم المالي والنفسي لأكثر من 500 ألف امرأة، أنفقنا اليوم أكثر من 150 مليون دولار في سبيل دعم النساء الناجيات من الحروب حول العالم.
- في عام 2015 أطلقت برنامج “نداء” وهو برنامج حواري يهتم بإلهام النساء في الوطن العربي، ما أهمية هذا العمل من وجهة نظرك؟
برنامج “نداء” حقيقةً أخذ كل شيء من قلبي، فبعد خروجي من العراق إلى أمريكا منذ 25 عام، قررت الرجوع إلى الوطن العربي، لأقدم ما تعلمته وعايشته في عملي خلال الحروب ومع النساء، فالهدف من برنامج نداء هو تفعيل دور المرأة في المجتمع العربي وبناء جسور بين المرأة المصرية والعراقية والسورية والمغربية والتونسية وما إلى ذلك، من أجل مشاركة تاريخنا وتراثنا ومعتقداتنا.
لكن السنة التي أطلقت بها برنامج نداء كانت سنة صعبة وذلك خلال توجد تنظيم “داعش” في العراق، ولذلك فإن البرنامج لم يحقق نجاح كبير، لكني أتمنى أن يكون لدي فرصة ثانية لأقدم حبي وشغفي للعالم العربي تحديداً للنساء العربيات.
- إحدى القصص الحافلة بالخوف هي زيارتك لنادي للرقص في بغداد ووصول عدي ابن صدام حسين له وقيامه بإغلاق الأبواب والنوافذ، لكن كيف استطعت النجاة والخروج من النادي؟
في ذلك الوقت كان عمري 16 عاماً، وكنت بصحبة ابن خالي مع وجود شباب وشابات آخرون، حيث تمكنا من النجاة عبر شباك أرضي في النادي والعودة الى البيت، لأجد أمي وأبي في حالة من الخوف القلق عليّ بعد معرفتهم بوصول عدي صدام حسين إلى النادي.
- ما هي أبرز الجوائز والمكافآت التي حصلتِ عليها تكرماً لمسيرتك المهنية؟
كنت قد نلت جوائز عديدة تكريماً لعملي في مساعدة النساء الناجيات من الحروب، لكن تبقى جائزة “Arabian magazine” الأكثر تأثيراً وأهمية بالنسبة لي، كونها قدمت لي في الوطن العربي، حيث تم اختياري لنيل جائزة المرأة العربية تكريماً لي ولعملي الإنساني، وهذه الجوائز أنا أقدرها وأحترمها لكني لا أفتخر أو أتظاهر بها، فأنا لست لوحدي في مجال عملي لدي فريق كامل يعمل على دعم النساء والبيئة.
- ما هي المهارات والصفات التي يجب أن تتمتع بها أي امرأة لتصبح ذي شخصية مؤثرة واعتبارية في العالم؟
أهم صفة ينبغي أن تتمتع بها أي امرأة هي الثقة بالنفس عبر ملامسة الروح ومعرفة واكتشاف الذات وأن تكون ممتنة لشكلها وصحتها وكل شيء في حياتها، فهذا يجعلها تثق بما تقوله وتفعله.
وثانياً، الحرية المالية فمهما كانت المرأة ثرية، لا بد أن يكون لديها حرية في التصرف بأموالها، حيث يوجد مساء أغنياء لكن ليس لديهم حق التصرف بأموالهم والعكس بالعكس.
أخيراً الثقافة أي أن تعرف المرأة حقوقها كمواطنة بما فيها القانونية والاجتماعية والسياسية والثقافية، بالتالي فإن اجتماع كل من الثقة بالنفس والحرية المالية والثقافة يؤدي إلى تغيير حياة أي امرأة حول العالم إلى الأفضل.
- بعيداً عن عملك الإنساني فيما يتعلق بالمرأة، هل تخططي مستقبلاً لتبني عمل جديد مختلف، وما هي طموحاتك؟
قبل سنة ونصف أسست منظمة “daughters for earth” أي بمعنى بنات للأرض والتي تركز على مسألة التغير المناخي، باعتبار أنه لا يمكن التعامل مع التغير المناخي بجدية دون أن يتم دعم صوت النساء في القرارات والتعلم من حكمة النساء، ومنظمة البنات للأرض لديها ثلاثة أهداف وهي:
أولاً، النساء الذين يعملون في حماية الأرض.
ثانياً، نحتفل بصوت النساء في حماية الأرض والنبات والحيوان.
ثالثاً، تعليم كل النساء وتوعيتهم بموضوع التغير المناخي في العالم وما يحب علينا فعله تجاه ظاهرة تغير المناخ.
وخلال سنة ونصف من تأسيس منظمة daughters for earth”” كنا قد دعمنا أكثر من 100 منظمة نسائية بالأموال.