من خلف الأبواب المغلقة للمفوضية الأوروبية، يخرج للعالم ابتكار يحمل في طياته تأشيرةً إلكترونية جديدة، يُطلق عليها اسم “Etias“، تُعيد رسم حدود القارة العجوز.
وكأنها مفترق طرق بين الماضي والحاضر، تقف هذه التأشيرة حارسةً لأبواب الشنغن، تفتح ذراعيها للزوار البريطانيين وغيرهم من أنحاء العالم، ولكن بشروطٍ وضوابط تعكس ملامح عصرٍ يتقاطع فيه الواقع الرقمي مع الأمل في أمان السفر.
في هذه السطور، سنأخذك في رحلة استكشاف لهذا التحول، ونكشف لك خفايا هذا النظام الذي سيصبح جزءاً لا يتجزأ من أي رحلة أوروبية قادمة.
اقرأ أيضاً: التأشيرة الإلكترونية في المملكة المتحدة: مخاوف من فقدان المهاجرين لحقوقهم
في عام 2025، سيحتاج المسافرون البريطانيون إلى الحصول على “تأشيرة إلكترونية” لزيارة معظم دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك إسبانيا (Spain)، فرنسا (France) والبرتغال (Portugal).
هذا النظام، المعروف باسم “نظام معلومات وتصريح السفر الأوروبي” (Etias)، كان من المقرر أن يُطلق في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ولكنه تأجل حتى العام القادم.
عند بدء النظام، سيُطلب من حاملي جوازات السفر البريطانية التقدم للحصول على تصريح سفر إلكتروني قبل زيارة أي دولة في منطقة الشنغن (Schengen Area) التي لا تتطلب إبراز جواز السفر عند عبور الحدود.
سيحتاج المسافرون إلى تقديم طلب إلكتروني ودفع رسوم قدرها 7 يورو (حوالي 6 جنيهات إسترلينية) قبل السفر، ومن المتوقع أن يكون التصريح صالحاً لمدة ثلاث سنوات أو حتى انتهاء صلاحية جواز السفر.
هذا النظام مشابه لنظام “إيستا” (Esta) المستخدم في الولايات المتحدة، حيث يسمح للمواطنين من 63 دولة معفاة من التأشيرات بزيارة منطقة الشنغن بتصريح إلكتروني بدلاً من التأشيرة الكاملة.
وتُعتبر المملكة المتحدة دولة ثالثة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي (Brexit)، ما يجعل حاملي جوازات سفرها بحاجة إلى هذا التصريح.
اقرأ أيضاً: اتفاقية جمركية تستعد لها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي
كان من المقرر أن يبدأ العمل بالنظام في عام 2021، لكن السلطات الأوروبية أجلت موعد إطلاقه خمس مرات حتى الآن، وكان آخرها إلى 2025.
بالإضافة إلى ذلك، ستدخل بروكسل (Brussels) إجراءات جديدة لفحص الصور والبصمات، يتطلب النظام الجديد، المسمى “نظام الدخول والخروج” (Entry-Exit System – EES)، من المواطنين غير الأوروبيين، بما في ذلك المسافرين البريطانيين، تقديم بيانات بيومترية عند دخولهم أو مغادرتهم منطقة الشنغن، ويُستثنى من ذلك الأطفال دون سن 12 عاماً.
والبيانات البيومترية تشمل بصمة الإصبع، الوجه، قزحية العين، بصمة العين، الصوت، الحمض النووي (DNA)، التوقيع اليدوي، وطريقة المشي.
سيحل “نظام الدخول والخروج” محل ختم جوازات السفر، ومن المتوقع أن يتسبب في تأخير في المطارات والموانئ المزدحمة مثل ميناء دوفر (Dover) حيث يقوم المسؤولون الفرنسيون بفحص المسافرين على الأراضي البريطانية.
لا يزال موعد الإطلاق الدقيق لكل من نظام الدخول والخروج وEtias غير مؤكد، لكن من المتوقع أن يتم تطبيق نظام الدخول والخروج أولاً.
حالياً، لا يمكن التسجيل للحصول على تصريح Etias، وعلى الرغم من ذلك، هناك العديد من المواقع غير الرسمية التي تقدم معلومات حول النظام، لكن يُنصح بالحصول على المعلومات من موقع الاتحاد الأوروبي الرسمي لتجنب الاحتيال.
ويُتوقع أن تكون رسوم تصريح Etias 7 يورو (حوالي 6 جنيهات إسترلينية) لجميع المسافرين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عاماً، بينما ستكون تصاريح سفر الأطفال مجانية.
يجب على حاملي جوازات السفر البريطانية ملء نموذج طلب عبر الإنترنت من خلال الموقع الرسمي لـ Etias أو التطبيق، وتحميل صورة من جواز السفر.
ووعدت المفوضية الأوروبية بأن معظم المسافرين سيحصلون على تصريح السفر في غضون دقائق، لكن في حال الحاجة لمزيد من الفحوصات، قد يستغرق الأمر ما يصل إلى 30 يوماً.
اقرأ أيضاً: جوازات السفر: قنبلة موقوتة تهدد عطلات المسافرين في بريطانيا!
وستكون صلاحية تصريح السفر لمدة ثلاث سنوات أو حتى انتهاء صلاحية جواز السفر، ويمكن لحاملي جوازات السفر البريطانية البقاء في منطقة الشنغن لمدة تصل إلى 90 يوماً ضمن فترة 180 يوماً، ومع ذلك، يحتاج المسافرون إلى تأشيرة للإقامة لفترات أطول.
إن تصريح Etias ليس تأشيرة رسمية، بل هو وسيلة لتتبع زوار الدول الثالثة المعفاة من التأشيرات، بما في ذلك حاملي جوازات السفر البريطانية، ولن يكون هنالك حاجة للذهاب إلى القنصلية لتقديم الطلب، كما لن تُجمع بيانات بيومترية.
يشار إلى أن التصريح Etias سيكون مطلوباً للسفر إلى جميع دول منطقة الشنغن بالإضافة إلى الدول الصغيرة غير التابعة لمنطقة الشنغن مثل أندورا (Andorra) وموناكو (Monaco)، كما سيكون مطلوباً لزيارة بلغاريا (Bulgaria)، رومانيا (Romania)، وقبرص (Cyprus)، وهي دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ومن الجدير ذكره، أن “شنغن” هي منطقة تضم 27 دولة أوروبية، تشكلت باتفاقية عام 1985، وألغيت فيها الحدود الداخلية لحرية حركة الأشخاص والبضائع والخدمات.
اقرأ أيضاً: قوانين سفر جديدة من الاتحاد الأوربي للبريطانين بعد البريكست.. تعرّف عليها!