امتلأت شوارع إسرائيل بآلاف المحتجين الساخطين على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بعد أشهر من مفاوضات لم تنه الحرب ولم تعد أسرى وجثث الإسرائيلين من غزة، ليبدأ مع صباح الإثنين 2 سبتمبر 2024 إضراب عام شمل أغلب القطاعات الحيوية والمرافق الرئيسة في البلاد، وكان أبرزها مطار بن غوريون الدولي في ضواحي مدينة اللد شمال القدس المحتلة.
إسرائيل والاحتجاجات غير المشروعة
الإضراب الحالي وضع الاقتصاد الإسرائيلي على المحك، مع إعلان أكبر نقابة للعمال في البلاد عن إضرابها، وأطلق “إضراب اليوم واحد” رئيس اتحاد نقابات العمال “الهستدروت” أرنون بار ديفيد، وحظي الإضراب بدعم شركات صناعية كبرى داخل البلاد، ورواد أعمال في قطاع التكنولوجيا.
وجاء السبب الرئيس لإعلان الإضراب، بسبب فشل الحكومة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن لاسيما بعد العثور على جثث ستة منهم.
ووجهت محكمة العمل الإسرائيلية بإنهاء الإضراب العمالي بشكل فوري مشيرة إلى عدم شرعيته، لاسيما أنه تسبب في توقف خدمات عامة في مناطق عدة من الأراضي المحتلة في ظل مطالبات بتحرير الرهائن.
وكان الإضراب العام قد انتهى عند الساعة 14:30 من يوم الاثنين بالتوقيت المحلي، ولفت رئيس اتحاد نقابات العمال إلى أمر قضائي صادر بوقف العمال لإضرابهم والعودة المباشرة للعمل، نظراً لما تسبب به الإضراب من تعطيل في أوجه الحياة العامة.
وفي سياق منفصل أعلن الاتحاد العام للعمال في الأراضي المحتلة على لسان رئيسه إنه كان يدرس تمديد الإضراب ليشمل يوم الثلاثاء، بدعوة من رئيس اتحاد نقابات العمال، والذي يعتبر ممثلاً لمئات الآلاف من العمال في قطاعات اقتصادية عدة، وكان الإضراب قد بدأ، بعد العثور على جثث ست رهائن في نفق بجنوب قطاع غزة المحاصر، وذلك بحسب ما تناقلته وكالات أنباء.
اقرأ أيضاً: إضرابات بريطانيا متواصلة لأشهر.. تهديد قطاع السكك الحديدية بالكامل
وشكلت استعادة جثث الرهائن رد فعل عنيف في الأوساط الشعبية والعمالية، خاصة أنّ طريقة الوفاة تشير إلى الإعدام رمياً بالرصاص قبل 48 إلى 72 ساعة وفقاً لما ذكرته وزارة الصحة الإسرائيلية، الأمر الذي أحدث صدمة عنيفة دفعت بـ 500 ألف متظاهر للنزول إلى الشارع والتظاهر في كل من القدس المحتلة وتل أبيب.
وفي السياق سعى عدد من المسؤولين الإسرائيليين للالتفاف حول الإضراب العام، والعمل على إنهائه، وكان من بينهم وزير المالية “بتسلئيل ًسموتريتش” الذي وجه كتاباً لمحكمة العمل الإسرائيلية التي كان من المنتظر أن تعقد لقاءً لها صباح الثلاثاء 3 سبتمبر 2024، لكن ما حدث كان أكبر من تحركات الحكومة فمع الإعلان عن بدأ الإضراب، اندمج في الحراك عدد من القطاعات وأصحاب الشركات والأعمال كرابطة المصنعين الإسرائيليين وقطاع التكنولوجيا الحديثة.
ومن الجدير ذكره أنّ نتائج الإضراب طالت عدداً من القطاعات الحيوية في الأراضي المحتلة، فعلى صعيد قطاع الطيران نجد أنّ مطار بن غوريون الدولي عانى من نقص حادٍ في الخدمات، لكنه استمرّ في استقبال الرحلات، أيضاً توقفت حافلات النقل العام كلياً في عدد من المناطق وانخفض الأداء على نحو جزئي في مناطق أخرى، كذلك الأمر في خدمة النقل بالقطارات السريعة، وانضم العاملون في ميناء حيفا الرئيس في إطار الحراك الدائر لحث الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ إجراءات صارمة، تنهي الصراع وتغلق ملف الرهائن نهائياً وعلى نحو دائم.
ومن القطاعات الاقتصادية والحيوية التي انضمت إلى الإضراب، البنوك والتي انخرطت فيه كلياً، على عكس المستشفيات التي انضمت للإضراب جزئياً، الأمر الذي انعكس على أداء القطاع الصحي في يوم الإضراب، وفي حال لو استمر الإضراب كان سيمتد ليشكل أزمة حقيقية تزيد من صعوبات المرحلة وتعقيداتها.
ويرى مراقبون أنّ الإضراب الحالي مؤشر على وجود خلافات عميقة بين المسؤولين في إسرائيل، خاصةً أن العديد من الأطراف بدأت بالتشكيك والتأويل، لاسيما بالنهج الذي يتبناه نتنياهو لإنجاز مفاوضات وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، في وقت توسعت فيه دائرة المنضمين للإضراب العام، من العاملين في شركات القطاع الخاص، وما نتج عنه من تعطل للحياة وتوقف عدد لا يستهان به من الخدمات.
وفي ظل الأجواء المتوترة يبقى نتنياهو متمسكاً بعدد من الشروط، والتي على مايبدو أنها السبب وراء عرقلة سير المفاوضات نحو الأمام، فالمسؤول الإسرائيلي يصرّ على إبقاء قوة إسرائيلية في قطاع غزة مع انتهاء الحرب، وهو أمر ترفضه حماس جملة وتفصيلاً، الأمر الذي دفع بعض الجنرلات الكبار ومسؤولي الاستخبارات إلى جانب وزير الدفاع للضغط على نتنياهو لكن دون نتيجة.
وعلى الرغم من التحركات الحالية إلا أنّ الانفراجات القريبة لم تلح في الأفق بعد، على الرغم من الجهود الدبلوماسية الحثيثة من الجانبين المصري والقطري وزيارات المسؤولين الأمريكيين.
اقرأ أيضاً: هل ينقلب الغرب على إسرائيل ولماذا نزع الوزيران الدبابيس؟!