وسط التحديات الاقتصادية المتصاعدة، تتبيّن حاجة نمو بريطانيا إلى استثمارات هائلة لا مفر منها لتتمكن من النهوض باقتصادها من جديد خلال العقد القادم، ما طبيعة هذه الاستثمارات؟ وكم يجب أن تكون قيمتها؟ ماذا عن «شهيّة المخاطرة» ودورها في العملية؟
أفادت فرقة العمل الخاصة بصناعة الأسواق المالية (CMIT) بضرورة الحاجة إلى استثمار إضافي بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني سنوياً على مدار العقد المقبل لتعزيز النمو الاقتصادي طويل الأجل في المملكة المتحدة.
وأكد نايجل ويلسون (Nigel Wilson)، الذي أشرف على تقرير “أسواق رأس المال في الغد” (CMOT)، أن الاقتصاد البريطاني بحاجة إلى استثمارات إضافية تُقدر بتريليون جنيه إسترليني لتحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى 3%.
وتوضح الدراسة أنه ستكون هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة في قطاعات لم تتلقَ استثمارات كافية تاريخياً، مثل الإسكان والطاقة والمياه، فيما تبلغ الحاجة السنوية الحالية لهذه الاستثمارات الإضافية حوالي 20-30 مليار جنيه إسترليني في قطاع الإسكان، و50 مليار جنيه إسترليني للطاقة، و8 مليارات جنيه إسترليني للمياه.
اقرأ أيضاً: بنسبة 0.4%.. الاقتصاد البريطاني يعود إلى النمو في شهر مايو
وأشار التقرير إلى أهمية الاستثمارات في رأس المال الاستثماري، التي يُقدّر الطلب عليها بنحو 20-30 مليار جنيه إسترليني، كونها عاملاً أساسياً في نمو الشركات الناشئة والتوسعية، مؤكداً قوة الجامعات البريطانية “العالمية” والإمكانات التي توفرها لتطوير شركات كبيرة تعمل في مجالات التقنية مثل الطاقة المتجددة والخدمات المالية والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وعلوم الحياة.
ويلاحظ أن المملكة المتحدة لم تنجح بعد في تطوير شركات عملاقة مثل “آبل” (Apple) التي تبلغ قيمتها السوقية 3.4 تريليون دولار، أو “مايكروسوفت” (Microsoft) بقيمة سوقية 3 تريليونات دولار، وهما شركتان تتجاوز قيمتهما السوقية مجتمعة جميع الشركات المدرجة في مؤشر “فوتسي 100” (FTSE 100).
اقرأ أيضاً: 30 عاماً من التراجع: الاستثمار في بريطانيا ينهار وسط مخاوف وتحديات
هذا وحدّد التقرير أربع أولويات لدفع هذه الأجندة نحو الأمام؛ الأولى، هي ما دعاها “الفرصة الخضراء”، إذ تحتاج المملكة المتحدة إلى استثمار إضافي يتراوح بين 35 و50 مليار جنيه إسترليني سنوياً حتى عام 2030 لتحقيق أهداف صفر انبعاثات كربونية.
الامر الثاني الذي تحدث عنه التقرير، هو مسألة خلق ميزة تنافسية للمملكة المتحدة، فزيادة الاستثمار في الشركات البريطانية يمكن أن تولد فوائد اقتصادية كبيرة، حيث تتلقى الشركات الناشئة البريطانية تمويلاً كبيراً من شركات رأس المال الاستثماري الأمريكية.
من جانب ثالث، نوّه التقرير إلى أهميّة “استعادة شهية المخاطرة”؛ فقد لاحظ أن أسواق المملكة المتحدة تميل لإدارة المخاطر بشكل مفرط منذ الأزمة المالية، ما يتطلب عودة العقلية الريادية والقدرة على المخاطرة بشكل متوازن لتحقيق النمو.
أما المسألة الرابعة التي رأى التقرير أنها أولوية، هي مسألة تعزيز قوة المستثمرين الأفراد في المملكة المتحدة؛ فحسب التقرير كان الاستثمار الفردي في الأسهم قوياً خلال فترات الخصخصة في الثمانينات والتسعينات، لكن انخفضت نسبته بشكل كبير خلال العشرين عاماً الماضية، ما خلق فرصاً لإعادة تنشيط هذه القوى.
اقرأ أيضاً: مع ضعف سوق العمل.. ارتفاع معدل البطالة في بريطانيا
وفي حديثه حول ذلك، قال نايجل ويلسون، رئيس CMOT: «نأمل أن يقدم هذا التقرير تقييماً صريحاً لكل من التحديات والفرص، ما يُظهر أننا في نقطة تحول نحو مستقبل يمكن أن تعود فيه أسواق رأس المال إلى تحقيق إمكاناتها الحقيقية».
ومن جانبها، أكدت السيدة جوليا هوجيت (Julia Hoggett)، الرئيس التنفيذي لـ LSE plc ورئيسة CMIT، على أهمية تطوير أسواق رأس المال لضمان نمو الشركات وبقاءها في المملكة المتحدة، مضيفةً: «لدينا أساساً قوياً في المملكة المتحدة يمكن البناء عليه، بما في ذلك الجامعات الرائدة عالمياً والقطاع المالي المرموق».