قد يكون عدد من أقداح الكحول على العشاء، وزجاجتين على الغداء، وبضع أقداح أخرى في الحانة مع الأصدقاء خلال أيام الأسبوع، لا أحد يعد أقداح الكحول التي يشربها خلال الأسبوع الواحد.
طلب الدكتور إيلي كانون من القراء الكتابة إليه بصدق عن كمية الكحول التي يستهلكوها، قَلِق من كون معظم الناس لم يكونوا صادقين مع أطبائهم بشأن كمية الكحول التي يتناولوها، واعترف معظمهم أنهم يشربون كثيراً، ويكذبون على أطبائهم خوفاً من الحكم عليهم، أو إعطائهم محاضرة، أو وصفهم بالمدمنين.
والحقيقة أنه شئنا أم أبينا، معظم الأشخاص سيشربون أكثر من 14 قدح من الكحول، وهي الكمية الموصى بها من قبل روؤساء الصحة الحكوميون، أي ما يعادل زجاجة نصف من النبيذ.
تم تقديم المبدأ التوجيهي في عام 2016 من قِبل كبيرة المسؤولين الطبيين آنذاك السيدة سالي ديفينز، بعد مراجعة الأدلة على الأضرار الناجمة عن شرب الكثير من الكحول.
التحديث على المبدأ التوجيهي، الذي وصفته السيدة سالي ب “Killjoy” خفضّ كمية الكحول إلى الحد الأقصى للرجال من ثلاث إلى أربع وحدات يومياً، إلى 14 وحدة موزعة على مدار الأسبوع، ونصح الجميع بالحصول على عدة أيام خلال الأسبوع خالية من الكحول، وأوصى النساء الحوامل بعدم شرب الكحول على الإطلاق.
بالنظر إلى العناوين الرئيسية الأخيرة التي تشير إلى أن كوباً واحداً فقط من النبيذ يومياً يعرضنا لخطر أكبر كالسرطان أو تلف الكبد، وبالمثل فيما يتعلق بالروابط الناشئة بين استهلاك الكحول و خطر الإصابة بالخرف، كما يجادل العديد من الخبراء بأن هذا نهج معقول، يعكس الأدلة ويوضّح المخاطر، يتفق معظمهم على أنه حتى لو بدت الإرشادات مربية، فإن ثقافة الشرب المتصاعدة في المملكة المتحدة تسبب الأذى.
لكن ما مدى خطورة شرب أكثر من 14 وحدة في الأسبوع، هل هناك مبالغة في تقدير المخاطر؟
في حين أن الضرر الذي يسببه الكحول لصحتنا حقيقي للغاية، من النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، والسرطانات، وحتى الخرف، يقول بعض الخبراء أن خطر الشرب باعتدال ضئيل، إذ لا معنى له تقريباً، ويعادل المخاطر التي نواجهها كل يوم من مجموعة من السلوكيات الدنيوية الأخرة التي لا نعتبرها محفوفة بالمخاطر.
في الواقع كما قال خليفة السيدة سالي، البروفيسور السير كريس ويتي مؤخراً، كان “الشرب باعتدال” والإقلاع عن التدخين، والأكل الصحي، وممارسة الرياضة، أمراً أساسياً لمنع الإعاقة في وقت لاحق من الحياة.
قدم البروفيسور السير ديفيد شبيجلهالتر، الذي كان واحد من مجموعة الخبراء الذين تم استشارتهم كجزء من تحديث المبادئ التوجيهية في عام 2016، وجهة نظر أكثر تفصيلاً وهي ساعة من مشاهدة التلفزيون يومياً، أو شطيرة لحم خنزير مقدد عدة مرات في الأسبوع، أكثر خطورة على صحتك على المدى الطويل.
كما تقول البروفيسور سالي ديفينز، الرئيسة الطبية السابقة أنه لا يوجد شيء اسمه مستوى آمن من الشرب.
في المقابل، يواجه السائق العادي مخاطر أقل بكثير من ذاك الذي يشرب الكحول، ويبدو أن الأمر كله يتعلق بالمتعة التي يحصل عليها من الشرب المعتدل، وبعبارة أخرى يمكن وصفها بأنعا مخاطرة مثل أي مخاطرة أخرى، ولا يمكنك إلا أن تفعل ما تشعر بالراحة اتجاهه.
جون هولمز، أستاذ سياسة الكحول في جامعة شيفيلد، الذي أنتج فريقه مجموعة أبحاث الإدمان في شيفيلد، أعمال النمذجة التي استرشدت بها إرشادات عام 2016، مطمئن بشأن الأدلة، إذ لا يوجد مستوى آمن لشرب الكحول، بمعنى إذا شربت أقل من الكمية المطلوبة ستعيش، وإذا شربت كمية أكبر ستموت.
بشكل عام تزداد المخاطر مع كل قدح زائد يستهلكه الشخص، ويزداد كثيراً عند الاستهلاك الكبير، وفي النهاية هو مبدأ توجيهي وليس حداً.
أثبتت عقود من الأبحاث العلمية ارتباط استهلاك الكحول بثماني أنواع من السرطانات والنوبات القلبية والخرف، إذ تم الربط بين استهلاك الكحول والإصابة بمرض سرطان الثدي بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة بحسب الدكتورة ليز أوريوردان جراحة الثدي في وزارة الخارجية، التي أُصيبت بسرطان الثدي، وعاد إليها مرتين بعد الشفاء منه.
وتوصل فريق الأبحاث إلى النقطة التي يموت فيها شخص من أصل مئة من شرب الكحول، بناءً على الأدلة، وهو 14 وحدة، لكن الهدف من المبدأ التوجيهي هنا هو تغيير السلوك، وأن أدلة الإرشادات زادت عن قبل، وبالتالي ازداد خطر الكحول.
وهي وجهة نظر رددها البروفيسور شبيجلهالتر، الذي قال أن الحدود الموصى بها في المملكة المتحدة توصف بأنه منخفضة المخاطر، لكن هذا لا يعني أن أي كمية فوق الحد الموضوع يعني شديد الخطورة.
تشير الدراسات أن النساء أكثر عرضة لضرر شرب الكحول من الرجال، ويعود ذلك إلى أن مستويات الكحول في دم النساء تبقى لمدة أطول مقارنة بالرجال، كما تؤكد أن الشخص الذي يشرب الكحول بكثرة، يعود الكبد عنده للتعافي عندما يمر أيام دون شرب الكحول.
تعد المخاطر تافهة بالنسبة لمعظم شاربي الكحول، إلا أنه يجب التركيز على الأشخاص الذين يعانون من شرب الكحول، ويرغبون في تركه أو التخفيف منه، والذين يرغبون في تحويل حياتهم إلى حياة صحية خالية من الكحول والأمراض.
اقرأ أيضاً: مسكنات الألم الأفيونية: قلق من تزايد عدد المرضى المدمنين في بريطانيا