في مشهد ساحر، الشفق القطبي سينير سماء المملكة المتحدة خلال عطلة نهاية الأسبوع، وذلك نتيجة التوجهات الشمسية الآخيرة التي قد تؤدي إلى عرض سماوي مذهل للأضواء الشمالية، ومن المرجح أن يُشاهد الشفق القطبي المعروف أيضاً باسم الأورورا بورياليس في مناكق مثل اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، وشمال انكلترا.
ومع ذلك من المحتمل أن تحظى المناطق الجنوبية بحصة من رؤية الشفق القطبي، كما حدث في مايو من هذا العام بسبب النشاط الكثيف على سطح الشمس، ووفقاً لمكتب الأرصاد الجوية، فإن المناطق الجنوبية سيكون لديها احتمالية أكبر لرؤية الشفق القطبي ليلة السبت وذلك عبر إنجلترا الوسطى.
فيما من المحتمل أن يستطيع الأشخاص المهتمين برؤية تدرجات الشفق القطبي من أضواء بنفسجية وخضراء أن يشاهدوا هذا العرض المذهل في وقت متأخر من الليل، أي الساعة 11 وحتى منتصف الليل وما بعدها.
من جانبها، قالت سيلفيا دالا، أستاذة الفيزياء الشمسية في جامعة سنترال لانكشاير لزيادة فرص مشاهدة الشفق، يجب أن تكون السماء صافية قدر الإمكان، وأضافت: ابحث شمالاً وحاول العثور على مكان ذو سماء مظلمة، ويفضل أن تكون بعيدًا عن المدينة حيث يمكن أن يؤثر التلوث الضوئي على الرؤية، ويعود السبب وراء هذه الزيادة المتوقعة في نشاط الطقس الفضائي إلى انفجار شمسي كبير حدث يوم الخميس، وهو ما القتطع مرصد “ديناميكا” التابع لوكالة “ناسا”.
وتحدث الأضواء نتيجة تفاعل العواصف الشمسية مع الغازات في الغلاف الجوي للأرض، كما يمكن أن تؤثر الانفجارات والاندفاعات الشمسية على الاتصالات الراديوية وشبكات الطاقة الكهربائية، وإشارات الملاحة، وتشكل مخاطر على المركبات الفضائية والرواد.
وقال الدكتور ستيف ياردلي، عالم الفضاء بجامعة نورثمبريا، إن منطقة الشمس التي تنتج هذه التوهجات كانت نشطة بشكل خاص، وأضاف أن “هذا الحدث الشمسي يستحق المشاهدة مع العلم أنها كانت نشطة للغاية خلال الأيام القليلة الماضية، إذ أحدث شفق قطبي في السابق أضواء قوية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول والتي كانت مرتبطة أيضا بثوران شمسي”.
“كلا الانفجارين المرتبطين بالتوهجات القوية موجهان نحو الأرض، ونتوقع أن يؤثرا علينا في وقت ما بين 4 و6 أكتوبر، مما يعني أن الشفق القطبي قد يكون مرئياً في اسكتلندا وشمال إنجلترا خلال هذه الفترة.”
وفي العودة إلى تاريخ الأحداث الفلكية، فقد شهدت المملكة المتحدة في 13 سبتمبر شفق قطبي أضاء المناطق الشمالية من بريطانيا، لكن المشاهدة كانت ضعيفة في المنطقة الجنوبية، إذ أظهرت الصور وقتها من المرتفعات ويوركشاير دايلز أن السماء كانت صافية والنشاط الشمسي المكثف قدم عرضاً مذهلاً، ونشرت وقتها هيئة الإذاعة البريطانية BBC على موقع X أن الشفق القطبي سيستمر لمدة يومين متتالين، لكن يجب على المهتمين الوقوف في منطقة مظلمة بعيداً عن أضواء المدن.
قالت كريستا هاموند، خبيرة التنبؤ بالطقس الفضائي في مكتب الأرصاد الجوية، في مايو/أيار: “تتمتع الشمس بدورة نشاط مدتها 11 عاماً تقريباً، وهذا من ما يُعرف بالحد الأدنى من النشاط الشمسي، والذي يتجه بعد ذلك نحو الحد الأقصى، ثم يعود إلى الحد الأدنى، ونحن الآن نقترب من الحد الأقصى للنشاط الشمسي، ما يحدد الحد الأقصى للنشاط الشمسي هو عندما نرى أكبر عدد من البقع الشمسية على الشمس، والبقع الشمسية هي التي تحرك ما نراه كطقس فضائي، وهو التوهجات الشمسية”.
وأضاف هاموند: “مع اقترابنا من ذروة النشاط الشمسي، فإن هذا يعني أن تكرار رؤيتنا لهذه الأحداث المناخية الفضائية، التي تسبب الشفق القطبي، يزداد، لكن هذا لا يحدد في الواقع حجم هذه الأحداث”، لعل هذا ما يفسر تكرار مشاهدة الشفق القطبي خلال هذا العام، وتوقع تكرار مشاهدته أكثر حتى نهاية 2024.
غالباً ما يحدث الشفق القطبي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية داخل نطاق يعرف باسم الشفق البيضاوي، والذي يغطي خطوط العرض بين 60 و75 درجة، وعندما يكون النشاط قوياً، فإنه يمتد ليغطي مساحة أكبر، وهو ما يفسر لماذا يمكن رؤية العروض أحياناً في أقصى الجنوب مثل المملكة المتحدة.
ويمكن أن تشكل العاصفة الشمسية الضخمة “خطرا حقيقيا”، خاصة مع اعتماد العالم الحديث بشكل كبير على الكهرباء، وفقا لبيل ناي، وهو مهندس وعالم وناشر للعلوم واشتهر بتقديم برنامج “بيل ناي رجل العلوم”، ويحذر العلماء من أن زيادة التوهجات الشمسية وانبعاث الكتل الإكليلية من الشمس قد تؤدي إلى تعطيل الاتصالات على الأرض، ويمكن أن تؤثر التوهجات الشمسية على الاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على الفور تقريبا، لأنها تعطل الغلاف الأيوني للأرض، أو جزءاً من الغلاف الجوي العلوي.
ويمكن للجسيمات النشطة التي تطلقها الشمس أيضاً أن تعطل الإلكترونيات الموجودة على المركبات الفضائية وتؤثر على رواد الفضاء من دون حماية مناسبة خلال 20 دقيقة إلى ساعات عدة، وقارن ناي حدث الليلة، بأحداث سابقة أخرى وقعت عام 1859، تُعرف باسم حدث كارينغتون عندما تأثرت اتصالات التلغراف بشدة.
وقال ناي: “الأمر الآخر الذي يشكل خطرا حقيقيا على مجتمعنا التكنولوجي، والذي يختلف عن عام 1859، هو مدى اعتمادنا على الكهرباء، والإلكترونيات، وسواها”، وتابع: “لا يمكن لأحد منا في العالم المتقدم أن يعيش فترة طويلة من دون كهرباء”، وأشار إلى أن هناك أنظمة مطبقة لتقليل الأثر، لكن الأمور قد تزداد سوء”، مؤكدا أنه ليست كل المحولات مجهزة لتحمل مثل هذا الحدث الشمسي، وخلص إلى أن الأمر يعتمد على قوة الحدث، ويعتمد على مدى استعداد البنى التحتية لدينا”.
وتقام العديد من المسابقات لتصوير الشفق القطبي واختيار أفضل صور للشفق القطبي معتمدة في اختيارها الصور على جودة الصورة وقصة الصورة والمنظر الكلي، ومنها مسابقة Northern Lights photographer لعام 2023 في دورتها السادسة، إذ أعلنت مدونة التصوير الفوتوغرافي للسفر (Capture the Atlas) بالإعلان عن الفائزين، وكان قد شارك أحد الفائزين فيرجيل ريجليوني” كيف قام بالتقاط الصور للشفق القطبي من على منصة شديدة الانحدار وفي ظل ظروف قاسية للغاية.