في وقت يتسم بالتحديات الاقتصادية المتزايدة، سجّل التضخم في بريطانيا تحوّلاً مثيراً مع انخفاضه إلى أقل من 2% للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهذا الانخفاض المفاجئ لا يُعتبر مجرد رقم في البيانات الاقتصادية، بل يمثل بارقة أمل لكل من يعاني من ضغوط مالية، لكن وسط هذه الأجواء، يبرز تساؤل جوهري: كيف سيؤثر هذا التحول على خطط الحكومة الاقتصادية والأسر البريطانية في المستقبل القريب؟
وصل معدل التضخم إلى 1.7% في أيلول/سبتمبر من العام الجاري 2024، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات ونصف وفقاً لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية (Office for National Statistics)، وفي حديثها حول ذلك، أعربت وزيرة المالية، راشيل ريفز (Rachel Reeves)، عن تفاؤلها بهذا الانخفاض الذي يمنحها دفعة قبل الميزانية المرتقبة، وقالت إن الميزانية التي ستعدها الحكومة العمالية هي الأولى منذ عام 2010 وستركز على ثلاثة أهداف رئيسية: حماية دخل الأسر، إصلاح الخدمات العامة، وتعزيز الاقتصاد من خلال الاستثمار في البنية التحتية.
اقرأ أيضاً: كيف سيؤثر ارتفاع التضخم في المملكة المتحدة بنسبة 2.2% على تكاليف المعيشة؟
وفي تعليق له على هذا التطور قال ديرن جونز (Darren Jones)، الأمين العام لوزارة الخزانة: «سيكون خبراً مفرحاً للملايين من الأسر أن معدل التضخم انخفض تحت 2%. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به لحماية العمال، لذا نحن نركز على استعادة النمو واستعادة الاستقرار الاقتصادي لتحقيق وعد التغيير».
بموازاة ذلك، تراجع سعر الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي واليورو في أسواق العملات العالمية، في حين انخفضت تكاليف الاقتراض الحكومية في انتظار خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي.
كما أظهرت الأرقام الأخيرة تراجع أسعار البنزين والديزل بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، وهو ما ساعد في تقليل تكاليف المواد الخام للأعمال، غير أن هذا التراجع قابله ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية.
اقرأ أيضاً: مع أزمة تكاليف المعيشة.. معظم الطلاب في بريطانيا يعملون لساعات طويلة في وظائف مدفوعة الأجر
هذا وكان معدل التضخم في المملكة المتحدة في اتجاه تنازلي منذ أن بلغ ذروته عند 11.1% في تشرين الأول/أكتوبر 2022، ومع ذلك، حذر المستثمرون من أن انخفاض سبتمبر قد يتراجع بسبب ارتفاع سقف أسعار الطاقة من قبل هيئة تنظيم سوق الطاقة (Ofgem) في المملكة المتحدة.
وتستخدم الحكومة قراءة التضخم لشهر سبتمبر لتحديد الزيادة السنوية في المساعدات، ما يعني أن ملايين الأسر ستخسر من هذا الرقم المنخفض، في حين ستستفيد الخزانة، لكن ومع ذلك، فستزيد معاشات الدولة بمعدل أسرع مرتين،فيما أظهرت أرقام نمو الأجور التي نشرت مؤخراً أن المعاش الجديد سيرتفع بنسبة 4.1%.
وبالمقابل قالت مؤسسة ريزوليوشن (Resolution Foundation) إن الانخفاض المؤقت في التضخم تحت 2% جاء في وقت غير مناسب، إذ من المتوقع أن تخسر ملايين الأسر حوالي 74 جنيهاً إسترلينياً في الربيع المقبل مقارنة باستخدام قراءة التضخم لشهر أغسطس أو أكتوبر، عندما يعود المعدل إلى 2.2% وفق ما تتوقع المؤسسة.
اقرأ أيضاً: هل تُشير أرقام التضخم الجديدة في بريطانيا إلى تحول في سياسة بنك إنجلترا؟