تستعد العاصمة البريطانية للاحتفاء بتنوعها الثقافي من خلال مهرجان ديوالي المجاني الذي ينظمه عمدة لندن، والذي سيقام في ساحة المدينة يوم الأحد 27 أكتوبر 2024.
مهرجان ديوالي في لندن 2024
يعود هذا الحدث في نسخته الثانية والعشرين، ويعد فرصة مميزة للتجمع والاحتفال بمهرجان الأضواء ديوالي، الذي يمتد من 29 أكتوبر إلى 3 نوفمبر، ويضم مجموعة متنوعة من الفعاليات، بما في ذلك أكشاك الطعام الشهية، وعروض الموسيقى والرقص، ويتميز بوجود مساحة مخصصة لمطربي البهاجان، الذين سيقدمون عروضاً موسيقية تعكس التراث الروحي لهذه المجتمعات.
ينظَّم هذا المهرجان بالشراكة مع لجنة ديوالي التي يقودها متطوعون محليون، وبدعم من شركة ريميتلي، في خطوة تهدف إلى تعزيز الفهم والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة في لندن.
وفي هذا الصدد، قال عمدة لندن، صادق خان: «يعد هذا الحدث فرصة رائعة لجمع سكان لندن والزوار من مختلف الخلفيات للاحتفال بالنصر الرمزي للنور على الظلام والخير على الشر».
وأضاف خان: «في ظل استمرار التوترات العالمية وتأثيرها علينا جميعاً، تكتسب رسائل ديوالي الأساسية للسلام والأمل أهمية متزايدة، من خلال اتحادنا للاحتفال بتنوعنا، نبرز لماذا تعد عاصمتنا واحدة من أعظم المدن في العالم، ونعمل معاً لبناء لندن أفضل للجميع».
يشار إلى أنه بالنسبة لبعض الهندوس، يمثل عيد ديوالي بداية العام الجديد، ويعد رمزاً لعودة الإلهين راما وسيتا بعد 14 عاماً من المنفى، أما بالنسبة للسيخ، يُعرف المهرجان باسم Bandi Chhor Divas، حيث يُحتفى بإطلاق سراح المعلم السادس هارجوبيند صاحب من السجن في عام 1619، وعند الجاينيين، يُعد ديوالي الوقت الذي وصل فيه مؤسس الجاينية، اللورد ماهافيرا، إلى حالة تُعرف باسم موكشا، أو النعيم الأبدي.
ينطلق مهرجان ديوالي لهذا العام بحفل افتتاحي مدهش في ساحة ترافالغار، حيث تتألق 200 راقصة وراقص بملابس نابضة بالحياة، ويمكن للعائلات اصطحاب صغارهم إلى منطقة الأطفال، إذ تنتظرهم مجموعة من الأنشطة الممتعة المرتبطة بعيد ديوالي، من الفنون والحرف اليدوية، مثل تصميم أنماط الرانجولي، وتزيين المصابيح، وصنع المجوهرات الهندية التقليدية، إلى الرسم على الوجه باستخدام رموز هندية تقليدية، مثل الآلهة والطاووس.
كما تُعد جلسات سرد القصص جزءاً مثيراً من الفعاليات، وفيها يمكن للأطفال الاستماع إلى قصص ديوالي المشوقة، مثل رامايانا وماهابهاراتا، والتي ستُروى بطريقة جذابة وتفاعلية تناسب أعمارهم.
وفي أرجاء المهرجان، يمكن للزوار التوجه إلى منطقة اليوغا و«منطقة الهارموني»، ليعيشوا لحظات من الاسترخاء والتواصل مع الذات في أجواء مليئة بالسلام، كما يمكنهم الاستمتاع بعرض الدمى، أو الضحك على العروض الكوميدية من مسرح سوهو.
وبالطبع، سيستمتع قاصدو المهرجان بمجموعة متنوعة من المأكولات الجنوب آسيوية، حيث تقدم المطاعم مجموعة مختارة من الأطباق النباتية والتقليدية والمختلطة، لتضمن لكل محبي الطعام تجربة طعام فريدة ولذيذة.
وتعليقاً على تنظيم المهرجان، قالت بارول جاني، من جمعية البراهمة في شمال لندن ورئيسة لجنة ديوالي في لندن 2024: «في عامنا الثالث والعشرين من ديوالي في ساحة ترافالغار، بدعم دائم من عمدة لندن، نتمنى للجميع ديوالي سعيداً من القلب».
وبحسب لجنة ديوالي في لندن (DiL) التي يقودها متطوعون، والتي تتعاون مع عمدة المدينة لتنظيم المهرجان، فقد حضر المهرجان للاحتفال به العام الماضي أكثر من 30 ألف زائر.
ديوالي هو مهرجان ديني بارز نشأ في الهند، وهو احتفال مهم ليس فقط لدى الهندوس، بل أيضاً لدى السيخ والجاينيين الذين يشاركون في هذه المناسبة بطقوسهم الخاصة، يُقام ديوالي سنوياً ويستمر لمدة خمسة أيام، ممثلاً بداية السنة الهندوسية الجديدة، إذ تتغير تواريخه الدقيقة كل عام بناءً على موقع القمر، وعادة ما يقع بين شهري أكتوبر ونوفمبر.
تأتي كلمة «ديوالي» أو «ديباوالي» كما تُعرف أحياناً، من إحدى اللغات الهندية القديمة، السنسكريتية، وتعني «صف الأضواء»، خلال هذا المهرجان، يزين الناس منازلهم بالأضواء والمصابيح الزيتية، المعروفة باسم «دياس»، لخلق أجواء من البهجة والتفاؤل، وبالنسبة للكثيرين، يعد ديوالي تكريماً لإلهة الثروة الهندوسية، لاكشمي، يُعتقد أن الأضواء والمصابيح تساعد لاكشمي في العثور على طريقها إلى البيوت، ما يجلب الرخاء والازدهار للسنة القادمة.
ديوالي هو أيضاً احتفال يمثل انتصار الخير على الشر، ومحور هذا الاحتفال هو مجموعة من الأساطير التي تجسد هذا الموضوع، ففي شمال الهند، يحيي الناس ذكرى عودة الإلهين راما وسيتا إلى مدينة أيوديا بعد انتصارهما على الملك الشرير رافانا، وهو حدث يُجسد الفرح والاحتفال بالنصر على الظلام.
في منطقة البنغال، يُكرم الناس الإلهة كالي، التي تُعتبر مدمرة القوى الشريرة، بينما في نيبال، يحتفل السكان بانتصار اللورد كريشنا على الملك ناراكاسورا الشرير، هذه القصص، رغم تنوعها، تجتمع جميعها حول فكرة واحدة: انتصار الخير.
لكن ديوالي لا يقتصر على الأضواء والأساطير فحسب، إنه أيضاً وقت للتقارب والمشاركة مع الأصدقاء والعائلة، فيه يتبادل الناس الهدايا والحلويات، ويستمتعون بوجبات شهية، ويراقبون عروض الألعاب النارية المبهرة، بينما يرتدون ملابس جديدة تعكس روح الاحتفال.
ويعد رسم الرانجولي من التقاليد البارزة في احتفالات ديوالي، حيث يقوم الناس بإنشاء أنماط جميلة باستخدام مساحيق وزهور ملونة، يُرسم الرانجولي على الأرض عند مدخل المنازل، كوسيلة للترحيب بالآلهة وجلب الحظ السعيد.
اليوم، يحتفل آلاف الناس في أنحاء العالم كافة بهذا المهرجان الرائع، وخلال احتفالات ديوالي، يجتمع الهندوس الذين يعيشون خارج الهند في أماكن العبادة المعروفة باسم الماندير، حيث يقدمون القرابين للآلهة، ويستمتعون بمشاهدة عروض الألعاب النارية، ويتشاركون الوجبات اللذيذة معاً.
وفي المملكة المتحدة، تستضيف مدينة ليستر أكبر احتفالات ديوالي خارج الهند، وفي كل عام، يجتمع عشرات الآلاف من الناس في الشوارع للاحتفاء بهذا الحدث، حيث تنبض الأجواء بالحياة من خلال العروض المبهرة من الأضواء والموسيقى والرقص.