مع اقتراب شتاء 2024/2025، تتزايد التوقعات حول موسم قد يكون معقداً ودراماتيكياً في المملكة المتحدة، إذ يتوقع الخبراء أن تؤثر «ظاهرة النينيا الضعيفة» في الفترة القريبة المقبلة، ما قد يجعل الأجواء أكثر برودة من المعتاد.
ما هي ظاهرة النينيا؟
ظاهرة النينا تعد النظير الأكثر برودة لظاهرة النينيو، وكلاهما جزء من ظاهرة النينيو التذبذبية الجنوبية (ENSO) التي تلعب دوراً كبيراً في التأثير على المناخ العالمي، فخلال فترة النينيا، تتعزز الرياح التجارية، ما يدفع المياه الدافئة نحو الجانب الغربي من المحيط الهادئ، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع المياه الباردة من أعماق المحيط في الجزء الشرقي، هذا التغيير في توزيع درجات الحرارة له تأثيرات واسعة على أنماط الطقس العالمي.
ووفقاً للتوقعات طويلة الأمد، يُتوقع أن تشتد ظاهرة النينا في أواخر عام 2024 وأوائل عام 2025، ما قد يزيد من فرص حدوث ظروف أكثر برودة في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وبحسب مكتب الأرصاد الجوية، يمكن أن تؤثر ظاهرة النينيا على التيار النفاث الأطلسي، وهذا الأمر ينعكس على الطقس في المملكة المتحدة.
من جانبها، تتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن تكون هناك فرصة بنسبة 55% لتطور ظروف النينيا بين شهري سبتمبر ونوفمبر، وترتفع إلى 60% من أكتوبر 2024 إلى فبراير 2025.
لا بد من الإِشارة إلى أن العام الماضي شهد ظاهرة نينيا للمرة الثالثة على التوالي في المحيط الهادئ، وهو ما يُعرف بـ «الركود الثلاثي»، وقد ارتبطت هذه الظاهرة بعدد من الكوارث الطبيعية، بما في ذلك الفيضانات في أستراليا والجفاف في جنوب غرب الولايات المتحدة.
وأوضحت الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سيليست ساولو، أن «منذ يونيو 2023، شهدنا سلسلة من درجات الحرارة الاستثنائية على سطح الأرض والبحر، حتى إذا حدث تبريد قصير الأمد بسبب ظاهرة نينيا، فإن ذلك لن يغير الاتجاه طويل الأمد لارتفاع درجات الحرارة العالمية نتيجة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي».
بدوره، أشار البروفيسور آدم سكايف، رئيس قسم التنبؤات طويلة المدى في مكتب الأرصاد الجوية، إلى أن «ظاهرة نينيا تؤثر بشكل عميق على أنماط الطقس في أنحاء العالم كافة، بما في ذلك المملكة المتحدة».
وأضاف: «في أواخر الخريف وأوائل الشتاء، تعزز هذه الظاهرة الضغط المرتفع في منتصف المحيط الأطلسي، ما يمنع أنظمة الطقس الأطلسية من إدخال الهواء المعتدل إلى المملكة المتحدة، وهذا يؤدي بدوره إلى ظروف أكثر برودة، ومع ذلك، في أواخر الشتاء، يمكن أن تدفع نينيا التيار النفاث نحو القطبين، وتزيد من العواصف والأمطار الغزيرة، مع جلب ظروف أكثر اعتدالاً».
وتشير التوقعات المبكرة إلى أن المملكة المتحدة قد تواجه شتاءً مليئاً بالثلوج خلال موسم 2024/2025، مع توقعات بتساقط ثلوج أعلى من المعدل الطبيعي، خاصةً في اسكتلندا وشمال إنجلترا والمناطق الجبلية، هذا أمر متوقع بسبب ارتباط فصول الشتاء التي تشهد ظاهرة النينيا الضعيفة بزيادة هطول الأمطار، فعندما تقترن هذه الظاهرة بانخفاض درجات الحرارة، تتزايد احتمالات تساقط الثلوج بغزارة وتكرار.
على الرغم من أن الأجزاء الجنوبية من المملكة المتحدة عادةً ما تشهد شتاءً معتدلاً، إلا أن التوقعات تشير إلى إمكانية تساقط الثلوج حتى في جنوب إنجلترا هذا العام، ومع ذلك، ستتحمل المناطق المرتفعة واسكتلندا النصيب الأكبر من العواصف الثلجية.
نشاط العواصف وهطول الأمطار
إضافة إلى تساقط الثلوج، من المتوقع أن تتزايد وتيرة الأمطار والعواصف الشتوية، خاصةً في بداية ونهاية الموسم، يُحتمل أن تدفع أنظمة الضغط العالي، المرتبطة بظاهرة النينيا الضعيفة، التيار النفاث نحو الشمال، لتخلق طقس رطب وعاصف.
ومن المتوقع أن تشهد المناطق الساحلية والمناطق المعرضة للرياح الغربية زيادة في نشاط العواصف، مع تكرار فترات الأمطار الغزيرة والعواصف، كما قد يرتفع خطر حدوث فيضانات في المناطق المنخفضة والمجاورة للأنهار نتيجة زيادة هطول الأمطار، خاصة في الغرب، لذلك، يُنصح السكان في هذه المناطق بالاستعداد لمواجهة الاضطرابات المحتملة الناجمة عن العواصف الشتوية.
ختاماً، يبدو أن الشتاء القادم سيكون من أكثر الفصول تحدياً في السنوات الأخيرة للمملكة المتحدة، ومع التوقعات بانخفاض درجات الحرارة وزيادة تساقط الثلوج ونشاط العواصف بسبب النينيا الضعيفة، يُنصح الجميع بالاستعداد لموسم شتوي أكثر قسوة من المعتاد.