سياسة مخترقة بأموال مشبوهة.. ماذا يحدث في بريطانيا؟!
تابعونا على:

مال وأعمال

سياسة مخترقة بأموال مشبوهة.. ماذا يحدث في بريطانيا؟!

نشر

في

6 مشاهدة

سياسة مخترقة بأموال مشبوهة.. ماذا يحدث في بريطانيا؟!

في عالم السياسة، حيث تتشابك المصالح وتُتخذ القرارات المصيرية، يكمن وراء كل تبرع مصدر قد لا يكون دائماً بريئاً أو شفافاً، وتتسلل الأموال المشبوهة إلى العملية السياسية عبر ثغرات قانونية، وتُضخ في شرايين الأحزاب السياسية البريطانية، ما يهدد نزاهة الديمقراطية نفسها.

ضمن هذا السياق، كشف تقرير جديد أن نسبة من التبرعات للأحزاب البريطانية يأتي من مصادر غامضة أو مشبوهة، تشمل حكومات أجنبية وشركات وهمية وجمعيات غير مسجلة، مع هذه الثغرات التي تزداد اتساعاً، يبدو أن المملكة المتحدة تواجه معركة صعبة للحفاظ على النظام السياسي من التأثيرات الخارجية والداخلية التي قد تكون بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب.. فهل يمكن إصلاح هذه الثغرات قبل أن يتسلل المال المظلم ليصبح جزءاً لا يتجزأ من السياسة البريطانية؟

كشفت دراسة حديثة أن الثغرات القانونية في المملكة المتحدة تسمح بتسلل “المال المظلم” إلى السياسة، حيث يثبت التحليل أن نحو 10% من التبرعات للأحزاب والسياسيين تأتي من مصادر غير معروفة أو مشبوهة، ويشير التقرير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية (TI) إلى أن الأموال تأتي من شركات غير مربحة، جمعيات غير مسجلة، وتبرعات محظورة من مانحين أجانب عبر وسطاء.

وأظهر البحث، الذي استعرض تبرعات بقيمة 1.19 مليار جنيه إسترليني جرى الإبلاغ عنها إلى لجنة الانتخابات بين عامي 2001 و2024، أن 115 مليون جنيه إسترليني منها جاءت من مصادر غير معروفة أو مشكوك فيها، وقد تلقى حزب المحافظين الحصة الأكبر من هذه الأموال، حيث استحوذ على 81.6 مليون جنيه إسترليني، وهو ما يفسر جزئياً اعتماده الأكبر على التبرعات الخاصة مقارنة بحزب العمال.

اقرأ أيضاً: بريطانيا: تخفيضات دفاعية بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني!

وفيما يتعلق بالهدايا والضيافة من حكومات أجنبية، كشفت الدراسة أن دولاً مثل قطر، والمملكة العربية السعودية، وأذربيجان قدمت تبرعات ضخمة على شكل رحلات، طعام، وإقامات فندقية، وهو أمر قانوني رغم أن جميع التبرعات الأخرى يجب أن تكون من مصادر مسموح بها داخل المملكة المتحدة، وقد دافعت منظمة الشفافية الدولية عن أن هذا الثغرة تشكل تهديداً لسمعة وأمن الديمقراطية البريطانية.

بعض السياسيين البريطانيين تلقوا زيارات وهديا كبيرة من حكومات أجنبية، على سبيل المثال، أنفقت قطر نحو 460 ألف جنيه إسترليني على هدايا وضيافة للسياسيين البريطانيين قبل كأس العالم 2022، كما قدمت السعودية 400 ألف جنيه إسترليني، والبحرين 200 ألف جنيه إسترليني، وأذربيجان 140 ألف جنيه إسترليني.

وفي 2022، كشف “الأوبزرفر” كيف أن ألون كيرنز، رئيس مجموعة البرلمان البريطانية حول قطر، قد ألقى خطاباً في مجلس العموم مدافعاً عن قطر بعد تلقيه تبرعات بقيمة 9,323 جنيه إسترليني لرحلات إلى قطر.

الشركات التي لم تحقق أرباحاً في المملكة المتحدة، وكذلك الجمعيات غير المسجلة، تتمكن من التبرع للأحزاب السياسية رغم عدم وجود سجل واضح لعملها أو مصادر تمويلها، وتعتبر هذه الثغرات القانونية جزءاً من المشكلة المستمرة التي تواجهها المملكة المتحدة في الحفاظ على نزاهة النظام السياسي.

وحذرت منظمة الشفافية الدولية من أن هذه الثغرات قد تجعل المملكة المتحدة عرضة لتأثيرات غير مشروعة من قبل مانحين ذوي مصالح مشبوهة أو حكومات أجنبية، ودعت المنظمة إلى إجراء إصلاحات عاجلة، بما في ذلك منع تبرعات الجمعيات غير المسجلة والشركات غير النشطة، كما طالبت بتقليص حدود الإنفاق الانتخابي لتقليل الاعتماد على التبرعات الخاصة.

اقرأ أيضاً: القمار تلتهم المراهقين في بريطانيا!

في المقابل، شددت لجنة الانتخابات في المملكة المتحدة على ضرورة تعزيز النظام المالي السياسي، مشيرة إلى استعدادها للعمل مع الحكومة والبرلمان لتحقيق الإصلاحات المطلوبة، لكن، هناك قلق متزايد من أن الحكومة قد تكون قد اتخذت خطوات في الاتجاه الخطأ، خاصة مع تعديل القوانين في عام 2022 الذي أدى إلى تقليص قدرة لجنة الانتخابات على ملاحقة الجرائم المتعلقة بالتمويل السياسي.

وفقاً لدنكان هامس، مدير السياسات في منظمة الشفافية الدولية، أظهرت النتائج أن هناك حاجة ماسة لإصلاحات حاسمة، بما في ذلك إنهاء التبرعات من الجمعيات غير المسجلة والشركات الوهمية، مع فرض قواعد أكثر صرامة للإنفاق الانتخابي، وأضافت جيس جارلاند، مديرة الأبحاث في مؤسسة إصلاح الانتخابات، أنه إذا لم يتم تحديث القوانين الحالية، فإن المملكة المتحدة قد تجد نفسها في وضع تصبح فيه السياسة متاحة لمن يدفع أعلى.

على الرغم من التحذيرات، لا يزال التغيير السياسي بعيداً، حيث لم يكشف حزب العمال بعد عن تفاصيل خططهم الإصلاحية التي تركز على حماية الديمقراطية وتعزيز قواعد التمويل السياسي، في الوقت نفسه، لم يتخذ حتى الآن موقف واضح من وزارة الإسكان والمجتمعات المحلية في المملكة المتحدة بشأن هذه القضية.

X